تصادفنا هذه الأيام الذكرى ال 947 سنة لانتصار المسلمون في موقعة ملاذ كرد الشهيرة التي اعتبرت من أهم محطات التاريخ الإسلامي المجيدة. جرت معركة ملاذ كرد (463ه/1071م) بين جيش السلاجقة المسلمين بقيادة السلطان ألب أرسلان والروم بقيادة إمبراطورها رومانوس الرابع، هُزم الروم هزيمة نكراء، وكانت هذه هي البداية انتهاء الدولة الرومانية وانهيارها. فبعد أن شهر البيزنطيون بخطر السلاجقة على حدودهم ومناطقهم في الأناضول، لم يجد قيصر الروم رومانوس الرابع بدًا من الهجوم على جيش ألب أرسلان، فخرج بجيوشه الجرارة التي ضمت أخلاطًا من الروس والبلغاريين واليونانيين والفرنسيين إلى المنطقة التي يعسكر فيها جيش السلاجقة في "ملاذ كرد"، وكان جيش ألب أرسلان صغيرًا إذا ما قُورِنَ بجيش القيصر، الذي يبلغ عدده مائتي ألف جندي، ويفوقه أسلحة وعتادًا. وحين دنت ساعة اللقاء صلَّى بهم الإمام أبو نصر البخاري، وبكى السلطان ألب أرسلان فبكى الناس لبكائه، ودعا، ودعوا معه، ولبس البياض وتحنَّط وقال: "إن قُتِلت فهذا كفني"، والتقى الفريقان، وحمل المسلمون على أعدائهم حملة صادقة، وأبلوا بلاءً حسنًا، وهجموا عليهم في جرأة وشجاعة، وأمعنوا فيهم قتلاً وتجريحًا، وما هي إلا ساعة من نهار حتى انكشف غبار المعركة عن جثث الروم تملأ ساحة القتال، ووقع قيصر الروم "رومانوس ديوجينس الرابع" أسيرًا في أيديهم، وحلَّت الهزيمة بهذا الجيش الجبَّار في (ذي القعدة 463ه = أغسطس 1071م). وكانت أبرز نتائج معركة ملاذ كرد: – تعتبر من المعارك الفاصلة في التاريخ، ويسميها بعض المؤرخين باسم الملحمة الكبرى، وتعد أكبر نكسة في تاريخ الإمبراطورية البيزنطية، وأصبحت أراضي بيزنطة كلها تحت رحمة السلاجقة. – كان انتصارًا دعويًا للإسلام وانتشر المسلمون في الأناضول عقب الانتصار العظيم، وضموا إلى ديار الإسلام مساحة تزيد عن 400 ألف كيلو متر مربع. – القضاء على التحالف البيزنطي – الفاطمي وإجبار بيزنطة على الهدنة ودفع آلاف القطع الذهنية كجزية سنوية. – لأول مرة في تاريخ المسلمين يقع إمبراطور بيزنطي أسيرًا، وذكرت بمعارك اليرموك والقادسية، وبدأ الانهيار الحقيقي في الدولة البيزنطية بعد المعركة. ومن دروس وعِبر هذه الموقعة الشهيرة: – أهمية الإخلاص لله والاستعداد للموت في سبيله. – دور العلماء في تثبيت القادة والجنود – وجود القائد المحنك والجيش المنظم – أهمية الصبر عند مواجهة الأعداء في المعارك. مراجع: – العمري، الفتوح الإسلامية عبر العصور، ص 197 – 200. – علي الجنزوري، الحروب الصليبية، المقدمات السياسية، ص. ص 511 – 212. – علي الصلابي، دولة السلاجقة، ص. ص 96 – 102. – محمود شاكر، التاريخ الإسلامي "الدولة العباسية"، ج6، ص 360.