هوية بريس – عبد الله المصمودي أثناء جولته في المغرب قبل أيام، لمحاورة مجموعة من الوجوه التي اعتاد المغاربة أن ينتقدوا جرأتهم على الشرع وأحكامه ومقدساته، وتصوير حلقات جديدة من برنامجه الذي يبث على موقع يوتيوب والمعنون ب"صندوق الإسلام"، دعا المصري اللاديني حامد عبد الصمد في محاضرة له بمقر "المنظمة المغربية لحقوق الإنسان"، إلى تجاوز القرآن والسنة لأن لهما سياقا تاريخيا قديما، والعصر قد تجاوز ذلك منذ مدة طويلة، ووضح أن التنوير الحقيقي هو اعتماد القيم الغربية الكونية!! ففي مداخلته التي اختار لها أن تكون حول موضوع "التنويرفوبيا" وقدمه للحضور قبلها العلماني المتطرف أحمد عصيد، قال حامد بكل جرأة وتحد معلقا على فكرة للمغربي سعيد ناشيد مضمونها أن هناك "فرقا بين الوحي الرباني والقرآن المحمدي والمصحف العثماني"؛ قال حامد مشيدا ومادحا "هذه فكرة خطيرة جدا، لا تقل خطورة عن فكرة آيلال في نسف أسطورة البخاري"، وأضاف "الناس تظن أن ما لدينا الآن هو ما أوحى به الله، وهذا هو مدخل المشكلة، فأنا شخصيا لو اقتنعت أن ما بين يدينا الآن هو بالحرفية ما أوحى به الله، أنا سأترك هذه المناظرة ولا أجازف، لأني أروح في ستين دهية، لكن أنا أعملت عقلي وقارنت ومحصت، ووضعت كل شيء في سياقه التاريخي، واكتشفت أن معظم آيات القرآن مرتبطة بسياق معين، والله لا يرتبط بأي سياق، لا يمكن أن يكون مرتبطا بأي سياق، خاصة إذا كان يوحي بآخر كتاب له". يعني أن القرآن الذي بين أيدينا ليس محفوظا، وليس هو الوحي الرباني، وإنما فهم محمدي كتب في "القرآن المحمدي"، ثم صار كتابا اتفق عليه الصحابة مغيرين ومبدلين، فكان "المصحف العثماني"، وهذا يناقض الإيمان بصحة القرآن وسلامته من التحريف ورعاية بالحفظ الإلهي، إذ قال سبحانه: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، وهذا ما يتوافق ولادينية المحاضر حامد عبد الصمد، ومع أنه دعا المحرفين لجرأة أكثر في مهاجمة الشرع والوضوح أكثر في الدعوة لترك النصوص الشرعية، فإنه لم يتحل بالقدرة على إعلان قناعاته، كما هو معروف في مداخلات ومقاطع له منشورة. وأضاف حامد الذي جاء ليعلم المغاربة السحر اللاديني فوجد سحرة أمهر منه، ليؤكد أننا لم نعد بحاجة إلى أي ارتباط بنصوص وحي رباني أو الاقتداء بسنة والاهتداء بصاحبها عليه الصلاة والسلام، فقال "هنا تأتي فكرة جديدة اقترحها رشيد آيلال وهي أن انتهاء الوحي يعني وصول الإنسان إلى مرحلة النضج، أنه لا يحتاج هذا الفكر الأسطوري السحري، وإنما هو قادر على الخوض في معترك الحياة لأن لديه من الآليات الآن ما يؤهله لذلك؛ اكتشف العلم، واكتشف المنهجية، واكتشف الفلسفة". وتابع حامد الذي اعترف في المداخلة بأنه "لاديني"، وهو مؤلف "وداعا أيتها السماء"، و"الفاشية الإسلامية"، و"سقوط العالم الإسلامي": "الكل يحاول أن يخرج من الوضع.. هناك حلول تنويرية ما يقدمه (ناشيد، آيلال، عصيد..)، وهناك حلول فقهية أنسوها تماما هي فقط عمليات تجميل لجثة هامدة، هي تبييض لمنزل آيل للسقوط، فلا تضيعوا وقتكم مع من يحاولون التجميل، لأنهم لا يسعون إلى التنوير بل يسعون إلى حفظ ماء الوجه لمشروعهم الإسلامي على حسابكم أنتم التنويريون". فحامد كما عصيد، وغيرهما في المغرب من العلمانيين المتطرفين، يدعون إلى ترك الإسلام ونصوصه، فكل التراث الإسلامي ما هو إلا جثة هامدة، ومنزل آيل للسقوط، وأما التنويريون الذي يعملون بمنهج تلفيقي لمحاولة إيجاد صيغة مقبولة لإدخال القيم الغربية مع إيجاد ما يحتج لها من النصوص الشرعية، فحتى هؤلاء عند حامد، مجرد مهرجين، ومرتزقة!! واعترافا منه بفشل العديد من مجهودات المحرفين أمثاله قال: "في الوقت الذي اعتقدنا أننا خضنا معركة التنوير كان هناك تحت الجلد فكر عفن وديكتاتوري كامن يتحين الفرصة للظهور ويطفو على السطح ليمحو كل المجهودات التنويرية ولا نجرؤ على تبنيه بشكل كلي"، وبطريقة تهكمية كان بين الفينة والأخرى يستعمل تعبيرات لآيات أو أحاديث ليدعو لتنويره الرافض للشرع، مثل قوله: "التنوير بين والتطرف بين، وبينهما أمور مشتبهات"، "ولن يرضى عنكم الإسلاميون حتى تتبعوا ملتهم"، "العالم هوكينغ (الملحد) نحسبه من الشهداء ولا نزكي على الله أحدا". مواقف حامد وجرأته على الإسلام أكثر من أن تحصر في مداخلته التي راعى فيها البلد المستضيف، بالرغم من دعوته لإخوانه في التحريف بالمغرب أن يتحلوا بجرأة أكبر؛ وليس حامد أول الوافدين على إخوانه من ممسوخي الهوية والمتشبعين بالقيم الكونية التي لا تراعي خصوصية لدين، بل ولا تعترف بأي دين يعلوا على أفكارها ومبادئها، فقد سبق واستدعوا واستقبلوا الملحد المصري سيد القمني، والمخرفة نوال السعداوي، ويوسف زيدان، وعبد المجيد الشرفي وغيرهم. فهل يظن معسكر التنوير اللاديني في المغرب، أنه باستقطابه لهاته الوجوه الممجوجة والمرفوضة حتى في بلدانها، يقوي تياره وأطروحاته؟!