هوية بريس – الجزيرة عندما تابعت وفود التحالف العسكري الإسلامي مقطعا لعنصر من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يصوب سلاحه تجاه جنود الاحتلال الإسرائيلي، لم يكن الهدف تمجيد المقاومة الفلسطينية، وإنما إدانة ما يعتبره المؤتمرون عملا إرهابيا يجب اجتثاثه على الفور. كان ذلك الأحد في العاصمة السعودية الرياض غير بعيد عن مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وبحضور 41 من وزراء الدفاع وقادة جيوش العالم الإسلامي. في الحقيقة، لم تأمل المقاومة الفلسطينية من هذا التحالف أن يعلن عن تسيير جيش لتحرير المسجد الأقصى المبارك من دنس الاحتلال، ولكنها في الوقت ذاته لم تتوقع أن تكون ضمن الأعداء الذين يتداعى المسلمون إلى محاربتهم من طنجة إلى جاكرتا. وكانت السعودية قد أعلنت في ديسمبر 2015 عن تأسيس التحالف العسكري الإسلامي الذي تمحورت أهدافه في محاربة الإرهاب وحده، وسط تأييد من الأميركيين. بيد أن الولاياتالمتحدة لن ترضى قبل أن تبتهج إسرائيل، بحسب مراقبين ربطوا بين مقطع الفيديو وسعي "عرب الاعتدال" لكسب ود الاحتلال الذي قام على أرض فلسطينية مغتصبة وما يزال يستولي على أجزاء من سوريا ولبنان. وبمجرد عرض الصورة، سارع الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إلى القول إن العرب تحدثوا عن الحقيقة وسموا الأشياء بأسمائها من دون خجل. رأى أدرعي أن المؤتمرين أدركوا فعلا أن حماس تمارس الإرهاب ضد إسرائيل، مضيفا في تغريدة على تويتر "ما حدث اليوم هو تشخيص للمرض، فهل سيتم استئصاله؟". غضب عارم لكن الفيديو لم يحظ إلا بإعجاب أفيخاي أدرعي ومن هم على شاكلته، فقد صب الآلاف جام غضبهم على التحالف العسكري الإسلامي واتهموه بالهوان وخذلان المسلمين والخلط بين بين الإرهاب والمقاومة، رهبة من أميركا ورغبة في إسرائيل. ومن حيث لم يحتسب المؤتمرون، تحولت الصورة إلى دعاية لحركة حماس على مواقع التواصل الاجتماعي، فتغنى الجمهور العربي بعملياتها وبطولاتها ضد الاحتلال ورفضها الانبطاح والتخلي عن السلاح. وتعليقا على الحدث، استنكر المدون محمد المدهون سلوك "المهرولين للتطبيع"، قائلا إن "الصورة لمقاوم فلسطيني يشتبك مع جيش الاحتلال في القدسالمحتلة.. المقاومة ليست إرهابا". أما الأكاديمي الإماراتي سالم المنهالي فكتب على حسابه بتويتر إن حماس ليست إرهابية، بل حركة مقاومة تدافع عن أرض فلسطينالمحتلة، ولم يحدث أن وجهت سلاحها لغير الإسرائيليين. وخاطب الكاتب محمد سعيد نشوان التحالف العسكري الإسلامي قائلا "لا أنتمي لحماس ولا أدافع عنها، لكنها تستحق الحضن العربي والإسلامي، ولا يُعقل تجريمها على النحو الذي نراه اليوم.. لا تقتلوا أسودكم فتأكلكم كلاب أعدائكم". واعتبر تركي خالد أن التحالف الإسلامي بعث برسالة تهكم مفادها أن "الجهاد لاسترجاع المسجد الأقصى من اليهود عمل إرهابي"، بينما رأى آخرون أن الصورة تعكس وصول المؤتمرين إلى درك الذل والهوان. وقد اكتسب الحدث زخما إضافيا نظرا لتزامنه مع تأكيد حركة حماس اليوم الاثنين أنها لن تتخلى عن سلاحها، وأن المصالحة مع حركة فتح لن تعني أبدا الجنوح للسلم قبل زوال الاحتلال. المواقف الصادمة ولأن التحالف العسكري لم يعتذر حتى الحين عن الصورة، فقد عمد مراقبون إلى ربطها بالتقارير التي تتحدث عن تنسيق السعودية وإسرائيل على أعلى المستويات برعاية من جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب. ومنذ تولي ترمب مقاليد الحكم في الولاياتالمتحدة وزيارته للسعودية في مايو الماضي، توالت مواقف الرياض المحيرة والصادمة للجمهور العربي والإسلامي الرافض للتطبيع مع إسرائيل. وقد أثار مدون صهيوني مؤخرا حفيظة الوجدان الإسلامي عندما نشر صورة له من داخل المسجد النبوي في المدنية المنورة وعلى حقيبته عبارة "بني صهيون" كتبت باللغة العبرية، كما ظهر في لقطات أخرى تحتفي به ناشطات سعوديات في جدةوالرياض. وقبل أسابيع تحدث رئيس الأركان الإسرائيلي لصحيفة إلكترونية سعودية وأبدى استعداد تل أبيب للتنسيق المخابراتي مع الرياض لتحجيم دور طهران في الشرق الأوسط. وفي وقت سابق وصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير حماس بأنها حركة إرهابية أثناء حديثه عن ضرورة قطع قطر صلاتها مع "الجماعات المتطرفة" لكي تستعيد علاقتها مع الدول التي تحاصرها منذ مطلع يونيو الماضي.