هوية بريس – السبت 05 يوليوز 2014 العنوان: الدِّفاعُ عن الصَّحيحين دفاعٌ عن الإسلام. المؤلف: العلاّمة الفقيه المحدِّث محمّد بن الحسن الحَجْوي الفاسي رحمه الله (ت1376ه) صاحب كتاب «الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي». دراسة وتحقيق: الدكتور محمد بن عزوز. الأجزاء: رسالة صغيرة الحجم غزيرة العلم تقع في (14) صفحة تقريبا، مع مقدمة ودراسة موسعة للمحقق في التعريف بالعلامة الحَجْوي رحمه الله ، تفصيلها كالتالي: مقدمة المحقق: ذكر فيها حفظه الله ما مُنِي به المسلمون في هذه الأيام من ضعف الثقافة الدينية الصحيحة، إلى جانب انتشار المذاهب الفكرية الهدّامة، ووجود من يتجرأ على أمهات كتب الحديث الشريف التي وقع الإجماع على قَبولها وخصوصا صحيحي البخاري ومسلم، وذلك بالطعن والتكذيب والتشكيك في أحاديثهما -بحُجج واهية- في المجالس أو الصحف أو المجلات… وبيَّن حفظه الله أن العلامة الحَجْوي ألف هذا الكتاب ردّا على من طعن في أحاديث الصحيحين في المجالس السلطانية التي كانت في عهد الملك محمد الخامس رحمه الله، والذي كان ناصراً للكتاب والسنة محارباً للبدع، كما ذكر المحقق أن علماء المغرب كانوا لا يسكتون حين يسمعون من يتجرأ على الطعن في السنة النبوية وخصوصا أحاديث الصحيحين، ونقل كلام علامة المغرب محمد علال الفاسي رحمه الله في كتابه «دفاع عن الشريعة» حيث قال: «ومن لطف الله بدينه وشريعته أن قيَّض الله لهما في كل عصر من يقومون بحمايتهما والذب عن حماهما وحفظ مراسمهما… فالانحراف عن الدين وقيام الطوائف المختلفة لا يضر الإسلام نفسه في شيء، وإنما يضر المنحرفين والمخالفين، فالذكر محفوظ، وأهله لا بد أن يوجدوا، ولا بد أن يقوموا بمهمة التجديد ونفي الانحراف والانتحال، واستبعاد التأويلات الجاهلية…» الخ. حياة العلامة محمد بن الحسن الحَجْوي: ترجم المحقق حفظه الله للعلامة الحَجْوي رحمه الله ترجمة موسعة، ذكر فيها نسبَه ومولده ونشأته، ودراسته بالمكتب، ودراسته بجامع القرويين بفاس، وشيوخه الذين لازمهم بالقرويين، ووظائفه، ووصيّته للشبيبة المغربية؛ ومما جاء فيها قوله رحمه الله: «وأوصي الشبيبة بتوجيه وجهتهم نحو رقي البلاد من حيث الأخلاق الكاملة، وثقافة الأفكار بالعلوم النافعة، ونشر محاسن الدين الحنيف، والكشف عن أسراره، وإزالة غشاوة الجهل به عن العقول حتى يقف الناس على معنى الدين الحنيف، وينبذوا كل الأوهام التي خلطت به من أعدائه، فكل نهضة لا تؤسس على مبادئ الدين الصحيح والأخلاق الفاضلة تكون خلواً من الفضيلة، وخطراً عاماً على البلاد، ولولا مكارم الدين ما كان الإنسان في هذه الدنيا إلا وبالاً على نفسه كما أنه وبالٌ على بقية أنواع الحيوان. فلولا الدين، لكانت الشهوة التي سلطته على الحيوان والجماد والنبات هي عينها تسلط بعضها على بعض، فالفضل كل الفضل في عمارة الكون ورقي النوع البشري هو للدين وللمبعوثين به، ولولا الأديان والرسل عليهم السلام، ما وصل البشر لهذا الرقي الذي هو عليه، ولما كان إلا وحشاً ضارياً مفسداً شريراً في الأغلب من أفراده، ولم تزل الترقيات العصرية، والاكتشافات الفنية معجزة دالة على صحة الأديان وصدق المرسلين» إلى آخر كلامه رحمه الله. وسأفردها بالنشر كاملة بإذن الله لنفاستها وعظيم فوائدها، ثم ذكر المحققُ مؤلفات الحَجْوي وثناء العلماء عليه ووفاته. وخصّص مبحثا في أسانيد الحَجْوي في الصحيحين البخاري ومسلم. النصُّ المحقق: لم يذكر العلامة الحَجْوي رحمه الله مقدمةً لكتابه، وإنما شرع مباشرة بذكر أحاديث في الصحيحين طُعن فيها، فجاءت كالتالي: الحديث الأول في سحر النبي صلى الله عليه وسلم: وبعد ذكر الحديث وتخريجه وبيان صحة طرقه واتصال أسانيده وسلامتها ممّا يُوهم انقطاعاً أو إرسالاً أو إعلالاً؛ ذكر الحجوي رحمه الله بعض مَن أنكر هذا الحديث، وزعم أنه من وضع الزنادقة أو المبتدعة، وذكر حججَه وأبطلها، ونقل رحمه الله قول الإمام المَازَري: «أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث، وزعموا أنه يحط من منصب النبوة ويشكك فيها، قالوا: وكل ما يؤدي إلى ذلك فهو باطل، وزعموا أن تجويز هذا يُعدم الثقة بما شرعوه من الشرائع، إذ يحتمل على هذا أن يخيّل إليه أنه يرى جبريل وليس هو، ثم إنه يوحى إليه شيء ولم يوح بشيء. قال المَازَري: هذا كله مردود؛ لأن الدليل قد قام على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يُبَلغه عن الله وعلى عصمته في التبليغ، والمعجزات شاهدات بتصديقه، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل. وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها، ولا كانت الرسالة من أجلها، فهو في ذلك عرضة لما يعرض للبشر كالأمراض فهو غير بعيد أن يخيّل إليه في أمر من الدنيا. وقد قال بعض الناس: إن المراد بالحديث أنه كان صلى الله عليه وسلم يُخيّل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن، وهذا كثيراً ما يقع للإنسان تخيُّله في المنام، فلا يبعد أن يخيّل إليه في اليقظة. قال الحافظ ابن حجر بعد كلام المَازَري: وهذا قد ورد صريحا في رواية ابن عيينة عند البخاري، ولفظه: «حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن». وقال أيضا: «ويُؤيِّد ما تقدّم في فهم الحديث أنه لم يُنقل عنه في خبر من الأخبار أنه قال قولاً فكان بخلاف ما أخبرَ به». فتح الباري. ثم ذكر العلامة الحَجْوي رحمه الله كلاما نفيسا بمَثابة قاعدة في التعامل مع أحاديث الصحيحين، وهو قوله: «لا ينبغي لمسلم أن يتجرأ على البخاري ومسلم بالطعن والتكذيب في أحد أحاديثهما بحجج واهية كهذه، ظهرت له قبل التثبت، إذ من المعلوم إجماع الأمة على تلقي أحاديثهما بالقبول. وقد احتاج إليهما جميع المذاهب الأربعة، وعليهما أُسست معاهد الفقه والدين، وهل نتوصل إلى سنة نبيِّنا المبيِّنة للقرآن إلا بهما وبالسنن الأربعة والموطأ ومسند أحمد وأمثالهما، والعمدة كل العمدة على الصحيحين». الحديث الثاني سمّ اليهودية له صلى الله عليه وسلم: وبعد أن بين الشيخ أن الحديث مخرج في الصحيحين قال رحمه الله: «لعل ما أظهره الملاحدة من التأفف والتأسف على حديثي السِّحر والسُّم ليس بمراد صحَّ، وإنما يريدون تشكيكنا في سنّة نبيِّنا، وهدم أساس ديننا، فسُحقاً لهم سُحقا». وبعد أن بين معنى العصمة في الآية وعدم تعارضها مع الحديثين، قال رحمه الله: «وإذا ساء ظن المسلمين بالصحابة ورجال البخاري ومسلم وأئمة الدين نقلة الشرع المُطهّر، واتهموهم وكذبوا الكتب الصحيحة التي وقع الإجماع على قبولها، وهي الحجة التي بين أيدينا وأيدي المسلمين في عموم الأرض، أو دخلهم التشكيك فيها، صارت ديانتنا إلى ما صارت إليه ديانة اليهود والنصارى المطعون في كتبهم». وقال رحمه الله: «ولذلك وقع الإجماع على قبول ما في الصحيحين، وإذا قيل في حديث إنه مخرَّج في الصحيحين طأطأ الناس رؤوسهم إجلالا، وانقطع نزاعهم اعترافا بالحق، ولم يبق تردد في الصحة، ولم نقف على أحد منهم تجرأ وقال في حديث الصحيحين أنه مكذوب ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم». ثم جاءت بقية الأحاديث كالتالي: الحديث الثالث في صحيح مسلم: «لايزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش». الحديث الرابع في صحيح البخاري: «والله لا تجتمع بنت نبيِّ الله وبنت عدو الله». الحديث الخامس في صكِّ موسى لملك الموت وهو في الصحيحين. الحديث السادس نزول عيسى عليه السلام حكماً عدلاً آخر الزمان، وهو في الصحيحين. الحديث السابع حديث الشفاعة. وبعد أن بين العلامة الحَجْوي رحمه الله الحق والصواب، وردَّ حجج الطاعنين الواهية، بيَّن رحمه السبب الدافع له لهذا الردِّ بقوله: «فيا أهل العلم الصحيح، هذا ما حملني على كتب هذه الأوراق، والله يعلم أن ليس القصد منها إلا سدّ هذه الذريعة على المسلمين، فإنها تثير فتنة على الأمة في دينها، وتضعف كفتها في ملتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله». اه رحم الله العلامة الحَجْوي وجزاه خيرا عن الإسلام والمسلمين، ووفق الأمة الإسلامية وأعانها على الرجوع إلى كتاب ربها وسنّة نبيها والذبّ عن حياضهما… آمين.