هاجم عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الحداثيين الذين يدافعون عن قيم الحريات الفردية التي تتعارض مع قيم المجتمع المغربي، ذاهبا إلى وصفهم بالمرتزقة والشياطين. مهاجمة بنكيران للحداثيين جاءت في سياق حديثه عن المعارضة التي واجه بها حزب "المصباح" مدونة الأسرة في نسختها الأولى، قائلا، ضمن المؤتمر الجهوي لحزب العدالة والتنمية بأكاديراليوم الأحد: "كون ما عارضناش كون دوّزو داكشي كامل؛ ولكن الحسن الثاني، ومن بعد سيدي محمد انتبها إلى الأمر وأحالا المدونة على العلماء لمراجعتها". وأضاف: "هناك من الحداثيين من يظن أن المواقف التي يدافعون عنها فيها مصلحة البلاد، ولكن فيهم مرتزقة كياخدو الفلوس". وواصل بنكيران هجومه على الحداثيين الذين يدافعون عن العلاقات الجنسية الرضائية، بقوله: "متقولويش العلاقات الرضائية هاديك، هذا زنا، وهاد الشياطين كل حاجة كيبدلو لها السمية، الزنا يسمونه العلاقات الرضائية". وأبدى رئيس الحكومة السابق معارضته للمنع القاطع لزواج القاصرات البالغات 16 و17 عاما من العمر، منتقدا الحركة النسائية التي تدافع عن مطلب منع زواج الفتيات اللواتي لم يبلغن 18 عاما. وزاد موضحا: "نحن منعْنا زواج القاصرات في المغرب، وتركنا استثناء بالنسبة للفتيات بين ستة عشر وسبعة عشر عاما بيد القضاء، وإذا كان القانون قد أعطى الحق للقاضي فلماذا تتم معارضة هذا القرار، واش هاد القاضي ما عندو قيمة؟". وأضاف: "هناك طفلات لأسَر في وضعية صعبة، وقد يأتي مهاجر من الخارج ويُعجب بفتاة ويحبها، وإذا رفض أهلها تزويجه لها، فمن يتحمل وزر عدم زواجها، واشنو غدّير ديك الساعة، تخرج للفساد؟"، مضيفا: "ديرو الأمر في يد القضاء وينتهي الكلام". من جهة ثانية، قال بنكيران إن الاعتداءات المستمرة للاحتلال الإسرائيلي في حق الفلسطينيين تُحرج المغرب إحراجا شديدا، ذاهبا إلى القول إن المغرب "سيوقف التطبيع إذا استمر هذا الوضع"، مضيفا: "سيدنا سبق ليه وقف العلاقات الدبلوماسية معاهم اللي كانت دارت قبل منو بسنوات كثيرة". وعاد بنكيران إلى الهزيمة المدوية لحزبه في الانتخابات السابقة، حيث لمّح إلى تدخل الدولة في رسم خارطة نتائج الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021. وقال: "يمكن أن تكون هناك أياد تدخّلت في الانتخابات، ليس هناك دليل قاطع، ولكن هذا ممكن". كما لمَّح بنكيران إلى أن الدولة لم تعد بحاجة إلى حزب العدالة والتنمية، بقوله: "حتى إذا افترضنا أن الدولة هي التي تقرر وترسم الخارطة الانتخابية، فعْلاش غادي تجيبكم انتوما، ملي كان المبرر جيتو (يقصد في انتخابات 2011)، حيثُ مُنع التدخل في الانتخابات". وفسر زعيم حزب "المصباح" فوز الحزب في الانتخابات التشريعية سنة 2016، وقيادته الحكومة مجددا، رغم اختلاف السياق، بأن الدولة "أدركت أن من صالحها لا تصطدم بالموجة الإيديولوجية السائدة آنذاك"، مضيفا: "الدولة ذكية وتركت الأمور تمر، رغم الأموال التي صُرفت في الانتخابات، لأن التيار كان مثل التسونامي، واخا تعيا دِّير الحواجز كلشي كيتشطّْب"، ويلا كان التسونامي ضعيف دّير غير شي خناشي ديال الرملة كيمشي مع الواد". في المقابل، حمّل بنكيران نصيبا من مسؤولية الهزيمة في الاستحقاقات الانتخابية التشريعية والجماعية السابقة لحزب العدالة والتنمية، حيث أشار إلى أن الحالة النفسية والمزاج العام داخل الحزب لم يكن جيدا في انتخابات 2021. وأقر بنكيران بالوقع القاسي لهزيمة الاستحقاقات الانتخابية التي جرت يوم 18 شتنبر 2021، على الحزب، قائلا: "دبا تهرّسنا، كنقولها بصراحة، فكيف بين عشية وضحاها لم نعد موجودين بعدما كنا في السابق موجودين بقوة على رأس المجالس المنتخبة"؛ غير أنه استدرك "بأن الحزب له دور ومهمَّةٌ سابقة على الانتصار في الانتخابات، وإن كان الانتصار مهما". وبخصوص مستقبل حزب العدالة والتنمية ، اعتبر الأمين العام لحزب "المصباح" أن "المستقبل بيد الله"، مضيفا: "الأحزاب حين تتلقى مثل الضربات التي تلقيناها، تنطفئ شيئا فشيئا، ومنها أحزاب وطنية كبيرة، حتى تصل إلى مستوى الاندثار النهائي، فهل حزبنا سيسير في هذا الطريق لا قدر الله، أم أنكم ستجددون العهود وتصبروا". واعتبر رئيس الحكومة السابق أن حزب العدالة والتنمية يمكن أن يعيد تكرار التجربة التي حققها بعد دخوله غمار الانتخابات، حيث حقق نتائج تصاعدية قبل أن يهوي في انتخابات 2021، قبل أن يستدرك بأن "الحزب قد لا يقدر على استعادة التجربة السابقة، حيتْ السياسة كتحنّت، ولكن حزبنا له كرامة ومكانة وجب علينا صيانتها"، على حد تعبيره. بنكيران عاد إلى التنابز الذي حصل بينه وبين راشيد الطالبي العلمي، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار ورئيس مجلس النواب، الذي وصفه ب"الديب الشارف"، ليرد عليه ليصفه ب"الحمار"، مضيفا: "إيلا خرّجو دِيبْهم نخرّج الحمار ديالي". من جهة ثانية، دعا بنكيران مناضلي حزبه إلى معارضة التوجهات التي تحاول فرض التوجهات والقيم الغربية التي تتنافى مع قيم المجتمع المغربي، قائلا: "ميمكنش تبقاو ساكتين، وخصكم تقولو بأننا لسنا ضد الحداثة في جانبها الإيجابي، وهذه هي قوة الإسلام، الذي ليس دينا جامدا، بل متفتحا؛ ولكنه ليس متفتحا لدرجة أن يحطم القواعد التي بُني عليها، ومن بينها الأسرة".