أطلقت الوكالة الوطنية للمياه والغابات، بشراكة مع جمعية الدفاع عن الحيوان وحمايته (AAP) (Animal Advocacy and Protection)، وهي جمعية دولية تعنى بحماية الحيوانات المهددة بالانقراض، خطة لإعادة توطين قرد المكاك البربري، المعروف ب"زعطوط"، بغابات المنتزه الوطني لتازكة بإقليم تازة. وترتكز هذه العملية، بحسب القائمين عليها، على إطلاق 35 من القردة من صنف المكاك البربري بموطنها الأصلي بغابات تازة، لتعيش حياة برية جديدة بين أحضان الطبيعة، وهي قردة كانت تأويها قرية الأحلام بمدينة المحمدية، وحديقة الحيوانات بالرباط، بعد أن تمت مصادرة أغلبها، على مراحل، من طرف مصالح الجمارك حين كان أصحابها يستعدون لتهريبها إلى الخارج. أول تجربة من نوعها بالمغرب والعالم واعتبارا لكون هذه القردة جاءت من أوساط مختلفة فقد تم نقلها، يومي 18 و19 ماي المنصرم، وفقا لما قاله إبراهيم الإسماعيلي، مدير المنتزه الوطني لتازكة، في مرحلة أولى، نحو محطة التأقلم باب بودير بإقليم تازة، لتستأنس في ما بينها، وتتكيف مع الوسط الطبيعي للمنطقة والظروف الاجتماعية الجديدة؛ وذلك بهدف إعدادها للتوطين بغابات المنتزه الوطني لتازكة. مدير المنتزه الوطني لتازكة أكد، في تصريح لهسبريس، أن مشروع إعادة توطين قرد المكاك البربري بغابات تازة يعد الأول من نوعه بالمغرب والعالم، مبرزا أن هذا الصنف الفريد من القردة الذي يعيش في شمال إفريقيا، وعلى الخصوص بالمغرب، تعرض للانقراض في مجموعة من مواطنه الأصلية، كما هو الشأن بالنسبة للمنطقة الشرقية للأطلس المتوسط. وأوضح الإسماعيلي أن دراسة جدوى سبقت إطلاق هذا المشروع، للتحقق مما إذا كانت المنطقة تشكل فعلا موطنا أصليا لقرد المكاك البربري، موردا أن أرشيف مصالح المياه والغابات يشير إلى أن آخر مرة شوهد فيها "زعطوط" بالمجال الطبيعي لتازكة كان سنة 1940. ومر هذا المشروع، قبل البدء في تنفيذه على أرض الواقع، بمجموعة من المراحل، ذكر الإسماعيلي أنها انبنت على إنجاز دراسات علمية متكاملة قام بها فريق من الخبراء في المجال؛ منها دراسة أنجزتها خبيرة بجامعة رين الكندية، تشتغل على قرد غابة إفران، وذلك حول مدى ملاءمة غابات تازكة لاحتضان قرد المكاك البربري، وأعداد القردة المناسبة للعيش وسط هذا الفضاء الطبيعي. "زعطوط" خُلق ليعيش حرا في الطبيعة مدير المنتزه الوطني لتازكة أوضح، وهو يتحدث لهسبريس، أن من خصال قردة "زعطوط" العيش في مجموعات وعدم التوالد في مجموعتها الأصلية، مشيرا، في هذا السياق، إلى أن خطة إعادة توطينها بغابات تازكة ترتكز على إطلاق مجموعتين منها بالوسط الطبيعي لضمان استمراريتها. وحول إشراك الساكنة المحلية في إنجاح إعادة التوطين، قال مدير المنتزه الوطني لتازكة إن حملة تحسيسية للتوعية بدور القردة في المنظومة البيئية ستنطلق بالموازاة مع تنفيذ هذه الخطة، مؤكدا أن مساهمة المشروع في جهود التنمية المستدامة وتعزيز الدينامية الاقتصادية سيشجع الساكنة المجاورة للغابة على الانخراط في إنجاحه. وأضاف مدير المنتزه الوطني لتازكة أن إعادة إحياء الحياة البرية داخل المحميات الطبيعية يهدف، بالأساس، إلى الحفاظ على التوازن البيئي والأنواع المختلفة من الوحيش، مبرزا أن تعامل الإنسان مع قرد المكاك البربري كحيوان أليف يتنافى مع مبدأ المحافظة على الطبيعة. وشدد المتحدث ذاته على أن قرد المكاك البربري خلق في الأصل ليعيش طليقا في الطبيعة، داعيا إلى ابتعاد الإنسان عنه؛ لكون الاختلاط، وفقه، مع مثل هذه الحيوانات المتوحشة، فضلا عن أنه يضر بها وبالمنظومة البيئية، يعتبر سلوكا ناقلا لأمراض حيوانية نحو الإنسان.