وقفت شابّتان وسط بهو الطابق المخصّص للشؤون القنصليَّة بالدور الأول من سفارة المغرب لدى دولة الدنمارك.. هما اثنتان من مجموع مغاربة قصدوا فضاء هذا المرفق الإداري لأجل مآربهم التي لا يملي عليهم قضاؤها هنَا غير الانتماء للوطن.. ورغما عن إلحاح موظف قنصلي في مطالبتهما بالنفاذ إلى قاعة الانتظار، حتّى يحين دورهما، إلاّ أنّ الاثنتيْن، وهما الواضعتان ل"الفُولاَر"، بقيتَا تلقيان نظراتهما على القاعَة الMixte دون اتخاذ قرار ولوجها. البناية التي تتواجد بها مكاتب السفارة المغربيَّة بالدنمارك، وهي الكائنة ببلدية أُورِيكَارْدْسْ المتاخمة للعاصمَة كُوبنْهَاغْنْ، لا توفر غير قاعة فريدة لجلُوس قاصدِيها بنية استيفاء أغراض من اختصاص قسم الشؤون القنصليَّة، فيما كان المسؤولون عن المرفق قد سبق لهم تخصيص قاعَة أفردت للإناث، إلاّ أن إغلاقها لم يتأخّر.. التعليل: أطفال كُثر يُرافقُونهنّ دون التوقّف عن إحداث ضجيج يزعج الإدارة في أدائِهَا. المنشأة التي يستقر بها طاقم السفيرة رجاء غنّام تعبّر بجلاء عن عجز الدولة المغربيّة في توفير بناية تليق باسم الوطن وقيمة مواطنيه القاطنين في البلد الاسكندنافِي.. فالبناية متقادمَة للغاية، وهي لا تمكّن المغاربة من الوصول إلى فضاء الشؤون القنصليّة إلاّ عبر المرور من باب جانبيّ وضعت بجواره متلاشيات عدّة إلى جوار صندُوقَيْن كبيريْن من القمامَة.. بينمَا تمّ الحرص على تضمِين قَاعَة الانتظار الفريدة ساعة حائطيَّة بشارة بارزة لبنك مغربيّ، دون غيره، في حين وضعت على المكاتب يوميَّات وأجندات تدوين وفرَها ذات المصرف. عبد اللطيف التابت، المكلف بتسيير العمل القنصلي بالسفارة، يقرّ بوجُود خصاص في الموارد البشريَة يؤثر على أداء الإدارة هنَاك.. ويردف ذات المسؤول، ضمن تصريح لهسبريس، بأنّ الطاقم القنصليّ الحالي يتكوَّن من ثلاثة عناصر تشتغل على تصحيح الإمضاءات وضبط الحالة المدنية وتسليم شواهدها، زيادة على إنجاز جوازات السفر وبطاقات التعريف الوطنية.. وبالرغم من عدم فرض الرباط لتأشيرات الولوج على الدنمَاركيّين، إلاّ أن عمل "الطاقم الصغير" يمتدّ إلى معالجة طلبات تأشيرات يقدّمها أجانب مقيمون بالدنمَارك راغبون في قصد المغرب. ووفقا للإحصائيات التي تتوفر عليها ذات تمثيلية المغرب فإنّ عدد المواطنين المسجلين لديها قد بلغ، وفقا للأرقام التي تهمّ العام 2012، 8091 فردا من بينهم 259 تم تقييدهم خلال السنة الماضية، هذا ما قاله التابت الذي استرسل بكون الإحصائيات الدنماركيّة تشير إلى وجود 10227 مغربيّ بالبلد، منهم 4926 مغربيّة. نفس المسؤول الإداري المغربي أقرّ، ضمن تصريحه لهسبريس خلال لقاء مقتضب احتضنه مكتبه بداخل مبنى السفارة، بإكراهات عدّة تطال التعاطي مع ملفات المغاربة، ناسبا ذلك إلى محدّدات موضوعيَة، وذاكرا منها مسطرة المصادقة على عقود الزواج التي توقّفت جراء إبداء القاضي المغربي المقيم بهولندا لرفضه في استمرار التعامل معها بذات المسطرة السابقة. وقال التابت بأن ذات رجل القضاء دفع في هذا القرار ب"غياب الأشخاص الموكول إليهم تحرير مثل هذه العقود قانونا".. إذ كان مشتغلان بالسفارة المغربية بالدنمارك يتكلفان بهذا الأمر قبل إرسال الوثيقة إلى لاَهَاي الهُولنديَّة كي ينظر في فحواه القاضي المقيم.. والحين يغدو مغاربة الدنمارك، الراغبون في الزواج دينيا بعيدا عن العقود المدنية، مطالبين بقصد المغرب لتحرير عقود الاقتران. رجل وقف أمام المشرف على تجديد بطائق التعريف الوطنية ب"سفارة غنّام".. مدّ المواطن يده نحو الإداريّ بعقد ازدياد أرسل إليه من المغرب بعد أن طلب من قريب له إنجازه، غير أنّ الجالس وراء المكتب امتنع عن قبول الوثيقة باعتبار معطياتها "مفرنَسَة" بالكَامل، فما كان من صاحب الشأن إلاّ أن استخرج كنّاش حالته المدنيَّة ليشهر بياناته "المعرّبَة" ويطالب باستيفاء غرضه دون تقيدات، إلاَّ أن الرفض كان جوابا بداعي ضرورة توفير ما يتطلبه القانون من وجود لعقد ازدياد كتبت بياناته بالأحرف العربية واللاتينيَة.. فكأنّ أبواب الاجتهاد قد أغلق مصراعَاها بإحكَام لدَى المحسوبين على وزارة صلاح الدين مزوار بتخوم كُوبنهَاغْن.