ما زالت أسعار عدد من المواد الاستهلاكية الأساسية مرتفعة في المغرب منذ بداية السنة الجارية، وهو ما تؤكده الأرقام الرسمية للتضخم الذي ارتفع ب3,5 في المائة في فبراير المنصرم. وباتت الأسعار الموضوع الأول لدى المغاربة بشكل يومي، بدءا من أسعار الخضر والفواكه والحبوب والأسماك وصولاً إلى أسعار المحروقات من غازوال وبنزين. وإذا كان المغرب يحقق الاكتفاء الذاتي من حيث الخضر والفواكه، فإن ذلك لم يمنع الأسعار من الارتفاع، بسبب مشكلة تعدد الوسطاء والمضاربين بين الفلاح والمستهلك الأخير. وعلى سبيل المثال، ما زال سعر الكيلوغرام الواحد من الطماطم يناهز 10 دراهم في مختلف الأسواق، أما أكبر الارتفاعات فقد همت الفلفل الذي قفز ثمنه إلى 20 درهما للكيلوغرام الواحد. ورغم تطمينات الحكومة بخصوص خفض الكمية المصدرة من الطماطم للتحكم في سعر السوق المحلية، إلا أن الأسعار بقيت في مستوى مرتفع دفع عددا من الأسر إلى تجنب اقتنائها. وفيما يخص الحبوب، فعلى الرغم من توفر المغرب على مخزون يكفي ل5 أشهر، إلا أن الأسعار شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال الأشهر الماضية، وشمل ذلك أيضا القطاني، نظرا لاستيرادها من الخارج. أما المحروقات التي جرى تحرير أسعارها سنة 2015، فهي تخضع للتقلبات الدولية المتأثرة بتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث تجاوز سعر الغازوال والبنزين حاجز 15 درهما للتر. وتأتي هذه الأسعار في وقت كان الاقتصاد يسجل انتعاشا عقب التداعيات السلبية لأزمة فيروس كورونا المستجد، كما تتزامن مع مرور سنتين على الجائحة شهدت فيهما القدرة الشرائية للأسر تدهورا. ويرى شمس الدين عبداتي، الرئيس الشرفي للمنتدى المغربي للمستهلك، أن "المغرب يشهد ارتفاعا كبيرا جدا في الأسعار يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين، خصوصا ذوي الدخل المحدود، رغم وعود الحكومة". وذكر عبداتي، في حديث لهسبريس، أن ارتفاع الأسعار مرتبط جزئيا بتكلفة النقل عقب ارتفاع أسعار المحروقات، ناهيك عن تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا على أسعار عدد من المواد المستوردة، لكن هناك عوامل أخرى تتمثل في ارتفاع الطلب على بعض المواد. وأضاف أن "الزيادة في الاستهلاك تنتج ارتفاعا في الأسعار، وهذه مناسبة لبعض التجار، خصوصا في المناطق النائية، للزيادة في الأسعار بعيدا عن المراقبة التي تبقى محدودة جدا في ظل ضعف الإمكانيات المرصودة لها". ووصف رئيس المنتدى المغربي للمستهلك السوق المغربية بأنها "فوضوية" في ظل ضعف المراقبة بمختلف أنواعها، من بينها المراقبة على المنافسة والجودة، وأشار إلى أن غياب ثقافة شراء الأساسيات فقط عوض اقتناء كثير من المواد، يخلق طلبا مرتفعا غير واقعي، وبالتالي التسبب في زيادة الأسعار.