على امتداد عقود أثبتت جامعة الدول العربية وفاءها لميثاقها التأسيسي، الذي استند إلى مقومات الترابط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وصيانة السيادة الوطنية للدول الأعضاء، مرسخة قدرتها على استمرارية وانتظام العمل العربي المشترك. وقد تمكنت بهذه العزيمة الثابتة، رغم كل التحديات والإكراهات، من توطيد جدوى وجودها محفلا لتدبير القضايا الشائكة للعالم العربي . ذلكم أن لجامعة الدول العربية، التي تخلد الذكرى 77 سنة لإنشائها التاريخي، رصيدا حافلا من المكاسب، بما فيها المحافظة على الحد الأدنى من تماسك البيت العربي مقابل عقبات موضوعية في تحقيق أهدافها الكبرى بالشكل الأمثل . وكان من الطبيعي بحكم البنية المؤسساتية للجامعة العربية أن يظل هذا الرصيد رهينا، في المقام الأول، بإرادة وتوجهات الدول الأعضاء، ومدى التزامها بالاستراتيجيات المسطرة وتماثلها مع الروح التوافقية في صنع القرارات. فالجامعة العربية، كما أوضح معالي السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام، "ليست كيانا مثاليا منفصلا عن دولنا وشعوبنا... ولكنها انعكاس في المرآة لواقعنا العربي في السياسة والاقتصاد... وأسباب التقدم الشامل." وكم نحن في حاجة اليوم لاستشراف أفق جديد واعد للجامعة العربية يواكب جهود ومبادرات الأمانة العامة للنهوض بهذه المنظمة العريقة على مستوى كافة القطاعات للارتقاء بها، رغم محدودية الوسائل المتاحة، التي تبقى، إلى حد بعيد، دون الاعتمادات المخصصة لمنظمات وتجمعات إقليمية مماثلة . وبهذه المناسبة، تتطلع الجامعة العربية، في سياق ظروف دولية حرجة ومعقدة ومشحونة بالمخاطر وأوضاع إقليمية ومحلية بالغة الهشاشة، إلى مواصلة السير بخطى ثابتة لتعزيز الحضور العربي في المشهد الدولي وفق دينامية طموحة ومتجددة دفاعا عن قضايانا ومصالحنا العادلة، ودعما لمسارات الاندماج الاقتصادي والتنمية الشاملة . (*) الأمين العام المساعد ورئيس قطاع الإعلام والاتصال