أظهر استطلاع للرأي أجراه موقع "لها أون لاين" أن الفراغ العاطفي في بيوتنا وراء الانتشار الكبير والمبالغ فيه الذي شهدته المسلسلات التركية المدبلجة. "" وجاء في الاستطلاع الذي شارك فيه 1823 شخصا أن 43.6% من المشاركين يرون أن انتشار هذه المسلسلات يعود إلى الفراغ العاطفي في البيوت، في حين رأى 34.5% من المصوتين أن ضعف الوازع الديني وراء هذا الانتشار، فيما اعتبر 16% أن عدم وجود بدائل إسلامية هو السبب، بينما أرجع 6% من المشاركين هذا الانتشار إلى الأزمات التي تعاني منها مجتمعاتنا. عواقب كارثية: وفي تعليقه على نتائج هذا الاستطلاع، قال الدكتور "محمد آل خريف": إنه لا يتفق بصورة كاملة مع هذه النتائج مشيرا إلى أن ضعف الوازع الديني هو الأساس في انتشار هذه المسلسلات، لكنه حذر في الوقت ذاته من أن النتائج التي أبرزها الاستطلاع تحذر من عواقب كارثية على بيوتنا. وقال الدكتور "محمد": في تقديري أن متابعة مثل هذه المسلسلات كغيرها مما تبثه القنوات العربية من قبل المشاهد العربي ناتج في الأساس من ضعف الوازع الديني والفراغ الاجتماعي والاقتصادي وعدم وجود البديل الإسلامي الجاذب. ويضيف أنه قرأ عن هذه المسلسلات ولم يشاهدها لكنه يظن أن القول أن سبب الإقبال عليها هو الفراغ العاطفي كما هو في التصويت عائد إلى أن أكثر المشاركين في التصويت من النساء فيما يبدو، وهن كما يدندن الإعلام يفتقدن للرعاية العاطفية وحيث كان المسلسل التركي فيما أعلم زاخرا بالمشاهد العاطفية التمثيلية فقد جذب المشاهدين ليس لتعويض الإشباع العاطفي بل لولع كثير من المشاهدين لتلك القنوات للمشاهد الغرامية الفاضحة. ويوضح قائلا: لا أبرئ الرجال العرب من الجفاف العاطفي لكن النساء يعانين أيضا في الجملة من تصحر عاطفي أيضا وكل هذا نتاج تراكمات اجتماعية وسياسية واقتصادية متفاعلة مع بعضها. ولفت الدكتور "محمد آل خريف" إلى أن نتائج هذا الاستطلاع وإن لم يتفق معها كليا فإن لها دلالات أخرى تؤكد وجود الفراغ العاطفي في بيوتنا بشكل ينذر بعواقب وآثار كارثية خاصة لدى فتياتنا وشبابنا وزوجاتنا،داعيا لتكثيف البرامج الإعلامية والتعليمية التي تزيد الوعي بأهمية تعزيز التواصل العاطفي داخل الأسرة لتحقيق الإشباع العاطفي السوي بعيدا عن مصادر إشباع غير سوية. غزو فكري: من جانبه يقول "عبد الله الأسلمي" من العراق، إن هذه المسلسلات داعمة ومساندة للاحتلال فهي تلغي الغيرة والقيم والمبادئ من القلب الحي ويصبح هم الإنسان شهوته فلا بواكي عندئذ على العرض أو الأرض. وتحذرنا "نورة" من السعودية، من هذه المسلسلات قائلة : إنها مكيدة اسمها الغزو الفكري ولا يمكن أن تمثل تركيا ذلك البلد المسلم. وتوافقها الرأي "حنان" من ليبيا، التي تأكد أن هذه المسلسلات سلبت عقول الجميع حتى الأطفال الأمر الذي يهدد العقول والأخلاق. أما "أبو عبد الحكيم" من ليبيا، فيرى أنها من أخطر معاول هدم الدين الذي يستخدمه عدونا والمتمثل في زرع الثقافة العلمانية المتعفنة في عقول شبابنا وشيوخنا بل حتى أطفالنا لذا يدعو محطاتنا العربية بصد هذا الهجوم الإعلامي قبل فوات الأوان. وتضيف "مريم" من اليمن، أن أخطر الغزو هو الغزو الفكري وأن شبابنا للأسف يهوى التقليد كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم (لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم). الآثار المدمرة لهذه المسلسلات : وعن التأثير المدمر لهذه المسلسلات على مجتمعنا، تقول "أم يزيد" :إن هذه المسلسلات المدبلجة بل وحتى العربية تثير الغرائز وتؤججها في زمن انتشرت فيه العنوسة والطلاق وعدم إمكانية الزواج المبكر الأمر الذي يهدد المجتمعات. وترفض "إيمي" من الكويت، القول بأن هذه المسلسلات قد نستفيد منها في علاقاتنا الأسرية وتقول: إن ديننا فيه من الحكم والأمثال والفوائد الكثير..الكثير مما يساعدنا على إقامة علاقات ناجحة، ويرشدنا كذلك لكيفية التعامل مع أفراد الأسرة وتحذر "مها" من الأردن، من أن تركيز بعض المسلسلات على ملابس غرف النوم له تأثير سيء جدا خاصة على النساء الفاقدات أزواجهن. وتقول "عايدة" من تونس، إن الآثار السلبية لهذه المسلسلات على مجتمعنا لا تقدر بمالها من تدنٍ للأخلاق والتقليد الأعمى لممثلي هذه المسلسلات. وتشير "ريحانة الأمل" من السعودية، إلى أن هذه المسلسلات تجعلنا نكره الواقع الذي نعيشه. أما "سارة" من الجزائر، ترى أنها سببت الكثير من المشاكل الاجتماعية كالطلاق والانحلال الأخلاقي والفتنة بين الجنسين. وتلفت "هدى" من السعودية، إلى أن مشاهدة هذه المسلسلات وإن لم يتأثر بها الشباب ويقلدها فهي تؤدي إلى إلف المعصية فلا يستطيع الإنسان الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الذي نحن في أمس الحاجة إليه. حملة توقيعات: وحول سبل مواجهة هذه المسلسلات، تقترح "لمياء" من السودان، كتابة وثيقة أو إصدار بيان يعبر من خلاله عن الآثار السلبية لهذه المسلسلات ويؤكد من خلاله الرفض الكامل لها على أن يوقعها العلماء وأصحاب الوجاهة والرأي والشباب الصالح وترسل نسخة منها وترسل نسخا منها إلى مسئولي هذه القنوات التي تقوم ببثها لكي يعلموا مدى رفض أصحاب الفكر وأهل العلم والشباب الصالح لها. وتقول "خولة" من السعودية، برأيي فإن مواجهة هذه المسلسلات يكون من خلال إيجاد بديل إسلامي ناجح يستطيع أن يجذب المتلقي. وتتفق "المروة" من أرمينيا، مع وجهة النظر هذه قائلة :إن نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية ولابد من استبدال تلك الدنايا بأمور ينتفع بها لنصرف عنها المجتمع. وتحمّل "أم عصام السبيعي" من السعودية، الأسرة المسئولية في مواجهة هذه المسلسلات وتنصح أولياء الأمور أن يراقبوا فلذات الأكباد لأنهم مسئولون عنهم. أما "خواطر السنين" من السعودية، فتعتقد أنها مسألة وقت وسيمل المشاهدين من هذه المسلسلات ويعودوا إلى سابق عهدهم. وتؤيدها "نرجس" من المغرب، مشيرة إلى المسلسلات المكسيكية التي أخذت وقتها ثم لم يعد يهتم بها أحد، كذلك الحال سيكون مع المسلسلات التركية ستفقد الاهتمام بها مع الوقت. مفتي المملكة يحذر وكان سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية الشيخ "عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ" قد حرم مشاهدة هذه المسلسلات واصفا إياها بأنها مدمرة للأخلاق. وقال الشيخ "عبد العزيز"حفظه الله، في تعليقه على مشاهدة هذه المسلسلات :" إنه "لا يجوز النظر إليها أو مشاهدتها؛ ففيها من الشر والبلاء، وهدم الأخلاق، ومحاربة الفضائل ما الله به عليم". ووصف مفتي عام المملكة المسلسلات التركية ب"المسلسلات الإجرامية والخبيثة، والانحلالية، والضالة، والضارة المؤذية المفسدة". ودعا سماحة المفتي الشباب المسلم بألا يلتفتوا للدعوات التي تهدف إلى إفساد قيمهم وأخلاقهم وإبعادهم عن المنهج المستقيم. وعلى الرغم من الانتقاد الذي وجهه عدد من العلماء والمفكرين وأصحاب الرأي داخل مجتمعاتنا لهذه المسلسلات والسلبيات العديدة الناجمة عن بثها على أفراد المجتمع، إلا أن عددا من القنوات ما تزال مستمرة في بثها، حتى إن إحدى القنوات اشترت 40 مسلسلا تمهيدا لعرضهم خلال الفترة القادمة. الأمر الذي يدفعنا للتساؤل إذا كان هذا هو رأي قادة الأمة وعلمائها فضلا عن الآثار السلبية التي شاهدناها واقعا ملموسا وتناقلتها وسائل الإعلام من حالات طلاق وتفكك أسري ناجمة عن متابعة هذه المسلسلات، فلمصلحة من تستمر هذه القنوات في بث هذه المسلسلات....؟