يفهم الحب الرومانسي على أنه شيء يتجاوز العقلانية، باعتباره تعبيرا شاعريًا، يتغلب على جميع العقبات؛ يُنظر إليه على أنه شيء غير واقعي بأبعاد نفسية، يعمل على توحيد الأشخاص بطرق عجيبة، وغالبًا ما يُنظر إليه على أنه شيء غريب ومخرب. تم استكشاف فكرة الحب الراقي في أكثر أشكال الثقافة تنوعًا، سواء كانت في الموسيقى أو الأدب أو في الفنون، وبالطبع في السينما؛ فكيف عالجت السينما موضوعة الحب المفعم بالرومانسية؟. موضوعة الحب تم استكشاف موضوع الحب الرومانسي في السينما في أكثر أشكاله تنوعًا: حب سام، شبه مقدس، يعرف نوعا من التوترات العاطفية والجنسية غير المكتملة، حب مستحيل بتمثلاته المختلفة بسبب الأعراف الاجتماعية والتقاليد ومؤسسة الزواج، حب بلا مقابل، حب صغير يسهل الوقوع فيه، حب يختبره الأزواج والعشاق بطريقة أو بأخرى بالسهر وبتشابك الأيادي والعناق المحموم وعلامات الفرح البادية على الوجوه واللهفة الكبرى والانتظار الطويل والحيرة؛ يسهل التعرف عليه بسبب مؤشراته العاطفية المبهرة. في هذه الأفلام التي تنحت في مفهوم الحب بأبعاده المختلفة نجد تنوعا واختلافا في تناولها بين فيلم "قبل شروق الشمس" (1995) للمخرج ريتشارد لينكلاتر، حيث يصور حب شاب يهتم باللحظة فقط ولا شيء غير اللحظة المنتشية، وفيلم "عصر البراءة" (1993) لمارتن سكورسيزي الذي يصور حبًا غير مكتمل خارج إطار الزواج، محظورًا من قبل المجتمع الذي يتم فيه دمج الشخصيات مع بعضها البعض. وفي فيلم "مزاج الحب"(2000)، من إخراج ونغ كار وي، يدعم الزوجان بعضهما البعض للتغلب على آلام الخيانة الزوجية. وفي فيلم "البحر الأزرق العميق" (2011)، للمخرج تيرينس ديفيز، يحب البطل المتزوج رجلاً آخر بجنون دون أن يبادله بالمثل. وفي فيلم "مانهاتن" (1979)، للمخرج وودي آلن، يبرز الحب غير المحتمل بين الشخصيات من مختلف الأعمار وبين العديد من العلاقات العاطفية المختلفة وبين عدد من الأزواج. تختلف وتيرة الحب حسب درجة الانفعال والتعاطي مع اللحظة العاطفية والحساسيات المختلفة. الكليشيهات الرومانسية في أفلام الحب المفعمة بالرومانسية يتم التعرف على الشخصيات في بعض الكليشيهات الرومانسية، مثل الرقص في الشارع ومشي العشاق معًا في الشوارع وفي المناظر الطبيعية الخلابة، والاستمتاع بمشاهدة غروب الشمس وروعة البحر واللحظات التي تم التأكيد عليها من خلال الموسيقى، والتي تلعب دورًا مهمًا في تجييش العاطفة. في هذه الأفلام، وبغض النظر عن نوع الحب المقدم كوجبة سريعة ومهضومة، هناك ملاحظة للحب الراقي، حيث تتفوق الشخصيات الفيلمية على نفسها وعلى الوضعيات التي تنغمس فيها، كما هو الحال في فيلم "في أعماق البحر الأزرق"، حيث ينشأ عن اللقاء توتر عاطفي متزايد حتى بلوغ الذروة. مظهر مكثف مع زوم خفيفة للغاية. وفي فيلم "قبل شروق الشمس"، و"عصر البراءة"، توحد اللقطات المقربة واللقطات القصيرة جدًا لبطلي الفيلم في الوقت نفسه على الشاشة، ما يزيد من حدة النظرات التي تتم ملاحظتها من لقطات الزاوية المنخفضة. وفي فيلمي "قبل الشروق" و"منهاتن" يُسمح للمشاهد بالاقتراب من مشاعر ورغبة العشاق. وتشكل الأيدي في هذه الأفلام جسورا للتواصل ونقطة تحول وإشارة قوية إلى مدى التماس والتقارب الكبير في هذه العلاقات، لاسيما في العلاقات الممنوعة التي يحاول العشاق عدم الاستسلام فيها والمضي قدما. اللقطات المقربة للأيدي لها رمزية قوية كأول سلم يتم بناؤه لتسلق التوتر الجنسي، وتعبر عن رمزية الرغبة المؤجلة باعتبار أن لمس اليدين من أول الحواجز التي يجب كسرها. في العادة، نرى لمس الأيادي عن قرب، كما هو الحال في فيلمي "عصر البراءة" و"مزاج الحب"، لكن في "البحر الأزرق العميق" نرى لقطة طويلة للعشاق مع التقبيل، على عكس الأفلام الأخرى... الحب، هنا، يتركز في شخصية العاشقة التي لا يبادلها حبيبها الحب ذاته وبالدرجة نفسها. تقول البطلة معرفة الحب: "الحب مثل الهوس، سبب العيش والرغبة في الموت". لا نرى البطلة في مقدمة المشاهد الرومانسية، لكن المرة الوحيدة التي نراها في مشهد الحب وهي تتذكره وتفسح المجال لمشهد انتحارها وتنتهي بلقطة مقرّبة لها وهي على شفا الموت. يتم تصوير مشاهد المعاناة والوحدة لهذه الشخصية بهذه الطريقة. أقصى نقطة في عاطفة الحب هي الوحدة والعزلة، بينما في باقي الأفلام الأخرى يتواجد العشاق مع بعضهم البعض. تشترك كل هذه الأفلام في نقطة واحدة: الحب المستحيل الذي يقهر النفس ويعذبها، الحب المحفز الذي يسمح للعاطفة بالصعود إلى الذروة وأقصى درجتها المحمومة. ينتهي الأمر بكل العشاق إلى الانفصال...مع محاولات مضنية للقاء مجددا.. لكن لا عزاء للمحبين والعشاق.