عيوش للعروي: لم أتوقع أن تعارضني هي مناقرات prise de bec فقط،ولم ترق إلى السجال بل حتى النقاش؛ويجانب الصواب كل من رأى في لقاء السيدين عبد الله العروي ونبيل عيوش مناظرة.ربما لتعطشنا إلى استعادة ثقافة التناظر رأيناها في مجرد دردشة بين مفكر كبير مقيم – على مدى عمر كامل- في تخصصاته، وعابر سبيل مهتم بقضية لكن ليس الى درجة السكن فيها. لم يناظر العروي أحدا لأن المناظرة تحصل من طرفين متكافئين، كلاهما يحاجج ما وسعه الحجاج ليبز الطرف الآخر في قضايا فكرية تمتلك مشروعية الانطراح،وتستهوي جمهور المناظرة. لا مشروعية علمية تؤسس لرأي عيوش في لغة التدريس ،حتى وهو يدلي بجامعيين ،أحسن العروي صنعا وهو يصنفهم ضمن الباحثين – عرضا ربما-عما ينشغلون به . ومما له دلالته ،في مسألة المشروعية هذه،أن يقول عيوش للعروي:ظننتك ستكون الى جانبي،ولو خمنت موقفك المعارض لأشركتك معي. لعله كان يتوقع أن كل العقلانيين ،حملة الفكر الحداثي ،سيكونون إلى جانبه حينما يهم بتقويض البنيات التعليمية العتيقة ،بما فيها بنية الفصحى؛غير منتبه إلى أن اللغة العربية – في وضعنا وزمننا-ركن أساسي في تمثل الحداثة . إن التمثل غير التقليد الذي تخدمه مجرد اللغة الأجنبية .وهل كان للأستاذ العروي أن يبلغ ما بلغه بمدرسته التاريخية والفكرية لو ظل مقلدا فقط،يمتح من معين غيره،وبلغته؟ لماذا سكت نشطاء الأمازيغية؟ عدا ما اطلعت عليه من تعليقات القراء الذين رأوا في توصية التدريج سحبا للبساط من تحت أمازيغية منعثرة أصلا؛ لم أقف على أي اصطفاف فكري إلى إحدى الجهتين المتناقرتين ؛من طرف أقلام تنشط لأقل من هذا ،و لا تأمن،أو تسالم، حتى رؤى أمازيغية خارج سرب الايركام،وفصحاه الاستئصالية واللاديموقراطية . حينما تبدأ سواعد مؤسسة زاكورة في الحفر حول نخلة العربية الفصحى –وهي اللغة الأولى دستوريا-فلا شك أنها ستقطع حتى عروق جارتها الأمازيغية ؛في الجغرافية والتاريخ والدستور. كان من المنتظر أن يشتغل الرد الأمازيغي على مستويين: دعم اللغة العربية حتى تظل ثابتة راسخة تفعيلا للدستور ؛ ومضاعفة الدفاع عن الأمازيغة للغرض ذاته ؛إذ لا يخفى أن نفير التدريج ،وهو يتطلب استثمارات مهمة ،سيؤثر على الأمازيغية الفتية ،باعتبارها الحلقة الأضعف ؛أو آخر ما التحق بديداكتيك اللغات. كيف نفسر هذا الصمت الأمازيغي المريب،الذي يبدو أنه أسعد عيوش كثيرا؛فبادله بصمت مفكر فيه. لم يتطرق، لا في حواراته ولا في لقائه السعيد والمربح مع الأستاذ العروي ،لقضية الأمازيغية المدرسية وغير المدرسية ؛رغم أنها واجبة الحضور- حتى دستوريا- في كل نقاش لغوي ديداكتيكي ؛خصوصا حينما ينتصر للغة الأم .أوليست الأمازيغية اللغة الأم – انفرادا واشتراكا- لشطر كبير من المغاربة. ألا يعني شيئا أن يكرر عيوش التصريح بأن اللغة الأم التي تشتغل عليها مؤسسة زاكورة ,وتوصي بها ،هي الدارجة؟ ألا يعني شيئا ،كذلك،أن يصرح بأن سيف الدارجة ،هذه، يستل في وجه الفصحى؟ من تواطأ مع من؟ من جهة عيوش يبدو صمت الأمازيغ ذهبيا لأنه من غير المعقول أن يفتح عليه جبهتين في آن واحد؛ولا أكثر وطأة عليه من جبهة الأمازيغية المنتصبة دوما للقتال ،بقادتها وجندها وشبيحتها؛في مقابل جبهة العربية المطمئنة والواثقة بل النائمة في العسل. كيف توصل الى كسب ود هذه الجبهة؟ بل أكثر من هذا دعم الأستاذ عصيد ،وهو لا يرى فيه غير مغربي يحب وطنه ومن حقه اقتراح ما يصلح تعليمه؛ ولا يرى في معارضيه غير متهافتين يسارعون الى الدفع بالمؤامرة ،كرد جاهز يصلح في جميع المواقف.ذكر هذا في تصريح له وأضاف أن الأمازيغ أيضا معنيون بالنقاش ،لكنهم لا يقولون بالمؤامرة. لكن أين النقاش ؟ وهل عودنا عصيد أن يجلس على كرسي الغياب؟ ان الدفع بلغة الأم ،وهي الدارجة،في مواجهة الفصحى يتضمن –أيضا وان بدون تصريح-أن الأمازيغيات المغربية ،باعتبارها لسان الأمازيغ الدارج والمتنوع تنوع الجهات والقبائل ،لا يمكن أن تختزله لغة معيارية الا اذا أنتجها واقع تاريخي واجتماعي ما.(مثال لغة/حرف قريش التي تأتى لها ،دينيا وتجاريا،أن تشيع وتهيمن على غيرها من ألسن القبائل العربية). ان المختبرات يمكن أن تنتج لغة يتداولها خاصتها في ما بينهم،لكنها لا ترقى إلى اختزال الأمازيغيات في المغرب ،والتي تصل إلى قرابة السبعين ،وليس فقط الثلاثية التجميعية المعروفة. هذا حتى ولو روعي الإنصاف –في المعيارية- بتحقيق تمثيلية معقولة لكل الأمازيغيات المغربية؛أما اذا هيمن لسان على ألسن –بدون دين،أو عامل بقوته- فلا نحصد غير اليباب: سيتعلم التلاميذ المعيارية ،نعم،لكنهم سيخلفونها في المدارس اذ لا مجال لاستعمالها ،كاملة، في واقعهم . يحصل هذا النخلي حتى مع الانجليزية ،التي لا تصلح عندنا إلا لنيل البكالوريا؛ولا تواصل توظيفها غير القلة التي تتابع تعليمها في الخارج ،أو في جامعة الأخوين. لاحظت أخيرا أن التلميذ ياسين ، الأمازيغي السغروشني- وقد سبق أن حدثت القراء عن تمدرسه- يخلف أمازيغيته في ساحة المؤسسة ليلج الى حصة الأمازيغية المعيارية؛وحينما يعود الى المنزل يحدث عمته بسغوشنيته الرائعة. سألته هل يعرف أستاذك أنك أفصح منه في هذه ،وهو السوسي؟ أجابني:لم يسألني بعد.أترون حجم المفارقة والإقصاء الذي تمارسه المعيارية؟ لا شك أن توافقات ما حصلت وإلا لما سمح نشطاء الأمازيغ لعيوش أن يطعن في أهلية الفصحى في التعليم الابتدائي؛وفي ما يليه حينما نضعفها ؛فليسوا من السذاجة حتى يروا في "عدو "عدوهم صديقا لهم ؛والنتيجة الحتمية لاعتماد التدريج منهجا وأفقا للاستثمار،هو تقويض كل الجهود الديداكتيكية الأمازيغية ،أو على الأقل إحلالها درجة لاحقة للدارجة. سكوت آخر أثار ريبتي ويتعلق هذه المرة بتصريح رشيد بلمختار في البرلمان حول تدريس الأمازيغة ؛والذي جاء مناقضا لكل ما يدلي به نشطاؤها من كونه حقق درجة مهمة من التقدم.نعم طلب الوزير مهلة للتقويم الصحيح ،لكنه بادر بغمز قناة المحتوى لأن اللغة ،أي لغة ،لا تعيش في المعجم بل في مضمونها الذي ينتجه مستعملوها. [email protected] Ramdane3.ahlablog.com