ليس للعنوان علاقة بمسرحية "الحِيطْ.. والهْدْرَة.. والنَّاسْ" لفرقة مسرح التأسيس بتازة، ولا نسختها الثانية التي أعيد إنتاجها الموسم الماضي من طرف نفس الفنانين تحت عنوان "امْحايْنْ لبلادْ"، رغم أنَّ الدَّلالة هِي نفسها بين عنوان عرض الأستاذ محمّد بلهيسي وما يُعَاش شمال إقليم تازَة.. بالنَّاظور. "" فمنذ مدّة ليست بالبعيدة، وببواكِر الحديث عن التأهيل الحضري ومشاريع التهيئة العمرانية لمدينة الناظور منذ أشهر معدودات، أطلت على المنطقة جريدة الرّيفي المحلّية لمديرها الأستاذ محمد أوسار بخبر رقم يحدّد الميزانية المخصّصة لهذا المشروع. الارقام المنشورة تقفز إلى حدود المائة مليار من السنتيمات، أي: مليار درهم. كنت حين اطّلاعي على الخبر رفقة صديقين تباينت ردودهما تعليقا، فالأوّل استهزأ بتفاهة المبلغ المخصّص لتهيئة مدينة فشلت الأغلبية الساحقة من أحيائها عمرانيا، معتبرا أنّ المبلغ "مَا يْشْرِي حْتَى كْريسْتْيانو رُونَالْدُو".. فما البال بأن يُصلح به العطَّار ما أفسدّه الدّهر..من بنيات تحتية وفوقية. صديقي الثاني "خْدَا تِيلِيفونُو فْيَدّو.." سمّر عينيه على شاشة النقّال، وأخذ يحرّكُ "بْالخْفّة" أصابعه فوق الأزرار قبل أن يسْتدير إليّ قائلا: "هادْشي لِي غَادِي نْدْخْلُو فسْبْعة وعْشْرِينْ ألفْ وسْبْعْمْيَة وسَبْعَة وسْبْعِينْ عَامْ.. وتْسَعْ شْهورْ.. وشِي ايّام ديَال لْخْدْمَة".. أمّا أنا، فقد أضحكني الرّدّان، وأخذت أطالع صور "لْمَكيطْ" المرفق بالموضوع (عبر موقع ناظورسيتي) معتبرا أنّ الاستثمار مُغرٍ وطموح لإعطائنا مدينة جميلة.. "إيلاَ صْدْقاتْ".. أشهرا بعد الشروع في الإنجاز، وأسابيع بعد التوقف عن الإنجاز، وقع ما وقع.. "واستحضرت المقولة الشعبية المغربية التي تبرُز حينَ تواجُد عنصر "الشْمْتَة"، مقولة من ثلاث جمل لا غير، ثلاثٌ معبّرة.. : " هْزّكْ لْمَا.. ضْرْبْكْ الضّو.. و نْقْبْكْ الحُوتْ".. مشاريعٌ ورساميل، ممتلكات ومنازل، فلذات كبد وأقارب.. منهم من حمله السيل بعيدا، منهم من لُسِعَ صعَقات بعْدما هوَتْ أعمِدَة الكهرباء وأسلاكَها، ومنهم من لم يُكتشف أثره إلاّ بعد الوصول إلى مصبّات الأودية.. "خْسَارْة بْنَادْمْ ضرّاتنا اكْثْرْ منْ خْسَارْة لفْلُوسْ.. مَازَالْ مَا جَا وْقْتْ لْحْسَابَْ.. وْمَاشِي كَامْلِينْ.. حِيتْ كَايْنْ لِّي شَافْ غِيرْ لْفْلُوسْ".. وأذكر هنا تصريح واحْدْ "السّي" يوم 15 أكتوبر 2008، والذي تفوَه به بحضور العامل لفتيت والوزيرة الصقلي بتفنيده التَّامّ للغة الشارع المروّجة ل 100 مليار من السنتيمات وتكذيب صرفها، وعوضها ب 7 ملايير لا غير!!! "زْعْمَا لْْخيرْ مَازالْ مُوجُودْ.. لْفلُوسْ دَاخْلَه خَارْجَه.. ولّي بْغَا يْرْبْحْ لْعَام طْويلْ".. لم أجد حينذاك دعاءً أجدرَ بإجابة الناطق مؤقتا عن كلامه المّاديّ سوى: "الله يْنْعْلْ لّي مَا يْحْشْمْ". ملايير "دّاها الوَادْ"، وملايير يَجبُ أنْ تُصرف عَلى الإِعانات، وأخرى "خَاصَّانَا بَاشْ نْصَاوْبُو الرّْوِينََة".. "غْسيلْ الفْنْدْقْ هادَا". ليلة 31 أكتوبر 1 نونبر 2008، وأنا أبحر ضمن المواقع الاخبارية، استوقفني نبأ بهيسبريس، ودائماً في باب قلّة الحَيَاء..، ف "موسْيُو" مصطفى بنعلي المدير العام السابق للقناة الثانية "دوزيم 2M" رفع مؤخرا دعوى قضائية ضد فيصل العرايشي الرئيس المدير العام للقطب العمومي "صورياد – دوزيم" و "الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة" متهما إياه بالطرد التعسفي من القناة، وطالب بتعويض يصل إلى ملياري سنتيم "بْلا حْيَا بْلاَ حْشْمَة".. حينها تذكرت مؤسّسات التربية والتكوين "لّي بْغَى رْبّي" أن يجنبها ضحايا النّفس وأن يجعل خسائرها في النّفيس خلال الفيضانات الأخيرة، وتذكرت خصوصا ما أحسست به من مرارة بصوت النائب الإقليمي للتربية والتعليم السيد العياشي وهو يصرح لي صحفيا بتكبّد القطاع بالناظور "جُوجْ دْيَال المْلْيَارْ دْيَالْ السَنْتيم".. فتبيّن لي أنّ "كُلّْ وَاحْدْ وقْيَاسْ بْرَّادُو"، فمبلغ المليارين اللذان يحتاجهما السيد العياشي و الكفيلان ببناء وترميم وإعادة تجهيز مخلّفات السيول التي ضربت من نهر ملوية إلى واد النكور هما نفس المليارين اللذين يطالب بهما السيد بنعلي كتعويض عن "الشّومَاجْ".. "وَا حْرِيرَة هادِي".. يبدو أنّ صديقايَ على حقّ: "شِي بَاغي يْشرِي كْريسْتْيانُو رُونَالْدُو.. وْشِي حَاصْل مْعَ لِيَامْ وْ الشْهورْ وْلْعْوَامْ". "النَّاسْ شَادَّاهُمْ الخْلْعة"، منهم من ينتظر موسم الإمطار الحقيقي برعب تزكيه توقّعات الأرصاد الجوّية وهشاشة البُنى، والمتضرّرون المرابطون بمنازلهم الآيلة للسقوط فوق رؤوسهم أيّة لحظة وكذا من يوجد منهم بدور الأقارب والجيران أو بمقرات الجمعيات الخيرية، الجميع اختلط عليهم الأمر وأصبحوا لا يفرّقون بين وزير الدّاخلية والجنرالات أو الولاة، "غِيرْ اعْتْقْ وْخْلاصْ"، وأستشهد هنا بما ورد في مقال لجريدة المساء لمواطن من متضرري الفيضانات بالناظور المتواجدين بالثانوية الإعدادية عبد العزيز أمين بالدريوش في معرض ردّه عن سؤال للسيد شكيب بن موسى وزير الدّاخلية عن الحال قائلا: "كَايعْطِيوْنا البيسْكْوِي والعْدْسْ، وأتايْ مرّا مْرَّا.. آسيدْ الرَّيْسْ.."، ولمْ يُجْدِ تنْبيه السيد والي الجهة الشرقية للمواطن بأنّ الواقف أمامه هو وزير الدّاخلية القادم من الرباط للاطمئنان على الأحوال بأمر من جلالة الملك.. في ثني المواطن عن ظنّه بأنّ "جْمِيعْ الوْقْفة للرّايسْ.. وبْلاَ شْكّ"، فالطبقة المتضرّرة أبسط من كلّ هذه التعقيدات.. وبنية المجْتمع لدَيهم هي "شِي رَايْسْ.. وْشِي مْرْؤوسْ". "وْلّي شَأفْ شِي.. يْعْتْقْ.. وْلِّي مَا قْدْرْشْ.. يْقُول الله يْسْتْرْ.. والله ينْعْل لِّي مَا يْحْشْمْ".