أكدت نادية فتاح علوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، أن صناديق التقاعد مهددة بالإفلاس، إذ كشفت دراسة أشرفت الوزارة على إعدادها عن طريق مكتب دراسات أن منظومة التقاعد تتميز بعدم تجانسها، وتحتاج تدخلا عاجلا لإصلاحها قبل أن تتعرض للإفلاس الكامل. وقالت الوزيرة، في كلمة لها خلال لقاء دراسي نظمته لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، حول موضوع "استدامة أنظمة التقاعد في ظل تعميم الحماية الاجتماعية"، إن إصلاح صناديق التقاعد سيكون محور نقاش مع النقابات خلال جولات الحوار الاجتماعي التي ستنطلق في الأيام المقبلة، مضيفة في هذا السياق أن النقاش حول هذا الورش ينبغي أن يتسم بالمسؤولية والجرأة، حفاظا على حقوق الأجيال المقبلة التي ستستفيد من نظام التقاعد. وتؤكد معطيات الدراسة التي أشارت إليها الوزيرة أن هناك تفاوتا كبيرا في نسبة المساهمات بين الموظفين (28٪) ومستخدمي المقاولات والمؤسسات العمومية (18٪) وأجراء القطاع الخاص (11.89٪)؛ كما يلاحظ وجود اختلاف في نسبة استبدال الدخل، وعلى مستوى سقف النظام، إذ يحدد في 6000 درهم لأجراء القطاع الخاص، و19000 درهم لمستخدمي المؤسسات العمومية، وبدون سقف للموظفين. وحسب الدراسة ذاتها فإن نظام المعاشات المدنية سيستنفد احتياطياته (70 مليار درهم) بحلول سنة 2028. وللوفاء بالتزاماته بعد ذلك، سيحتاج الصندوق المغربي للتقاعد ما يناهز 14 مليار درهم سنويا لتمويل عجز النظام؛ فيما لا يترك كل من المستوى الحالي لنسبة المساهمة (28٪) وسن التقاعد القانوني (63 سنة) سوى هامش ضيق لتبني إصلاح مقياسي جديد. بالإضافة إلى ذلك فإن أفق استدامة النظام القريب يجعل أثر الإصلاح المقياسي يقتصر على خفض الدين الضمني دون معالجة إشكالية نفاد احتياطات النظام. ويواجه الصندوق مشكلة سيولة ناتجة عن الالتزامات السابقة لنظام المعاشات المدنية، إذ لا تولد الحقوق المكتسبة بعد إصلاح 2016 أي عجز إضافي. وبفضل مستوى احتياطياته المهم، سيمكن الإصلاح المقياسي للنظام عبر الرفع من سن الإحالة على التقاعد من تقليص دينه الضمني. وأضاف المصدر ذاته أن أفق استدامة النظام البعيد نسبيا (2040) تخفيه الدينامية الإيجابية لمحركه الديموغرافي الذي يجلب له السيولة. غير أنه وبمجرد تراجع المؤشر الديموغرافي للنظام ستتدهور وضعيته، ما يستوجب إصلاحا مقياسيا مستعجلا لجعله أكثر إنصافا والحد من اختلالاته المالية. وكان تقرير للمجلس الأعلى للحسابات أكد على ضرورة الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، إذ تبقى الإجراءات المقترحة غير كافية رغم أهميتها؛ ذلك أن المقياس المقترح لا يشمل مجموع أنظمة التقاعد، بل يقتصر على الشق المدني للصندوق، ولن يمكن سوى من تقليص العجز الحالي، وستظل المساهمات غير كافية لتغطية الالتزامات وسداد رواتب التقاعد. وكان وزير الاقتصاد والمالية السابق أكد أن الدراسة الخاصة بإصلاح منظومة التقاعد جاهزة، لكن عرض توصياتها وتطبيقها تأجل بسبب أزمة كورونا. كما أن الوزيرة الحالية دعت خلال ترؤسها اجتماع المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد إلى مباشرة المرحلة الثانية من إصلاح منظومة التقاعد بالمغرب، عبر إرساء القطب العمومي.