بعد القبض على "نينجا مراكش" تتبعت، مثلي كباقي المواطنين المغاربة و المراكشيين على وجه الخصوص، أحداث ملف من يسمى "نينجا مراكش" إلى حدود نطق محكمة الاستئناف بمراكش بالحكم عليه بعشر سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 16 مليون سنتيما، وذلك يوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2008 . هذا "الشاب" المراكشي، الذي وجد ضالته و فرّغ مكبوتاته النفسية في أوجه بنات وفتيات ونساء مراكش، شغل الرأي العام الوطني و أقلق بال ساكنة مراكش و نواحيها منذ أشهر عدة بعد انتشار حالات إجرامية ذات طابع خاص : فالمستهدف كان فتيات غالبيتهن في مقتبل العمر و بعضهن يتجاوزن 20 سنة بقليل، أما الجريمة فهي الضرب و "التشريح" على مستوى الوجه و العنق بآلة حادة، أما النتيجة فكانت نفسها لجميع الضحايا : تشويه للوجه و جرح في الكرامة و خلق الرعب وسط الساكنة. "" أمينة (15 سنة)، وصال (14 سنة)، أميمة (16 سنة)، و ثريا ضحايا من بين 26 ضحية أخرى تعرفنا عليها عبر تصريحات لهن لإحدى المحطات الإذاعية الوطنية، هؤلاء الفتيات اللواتي تحدثن من دون تردد عن حكايتهن مع "نينجا مراكش" و قصة معاناتهن مع أهاليهن و مُحيطهن في الحي و المؤسسات التربوية التي يدرسن فيها. " عندما أدخل إلى القسم تنعتني أستاذة اللغة العربية ب "هاديك السيكاتريسا" "، تتحدث الضحية أميمة 16 سنة وتلميذة في إحدى الإعداديات بمراكش في تصريح للإذاعة. أما وصال و أمينة الضحيتان من نفس الإعدادية فلا تسلمان كباقي أخواتها في الجريمة من الضحايا من بعض نعوت دراري الدرب و الحي - سامحهم الله - ك : " عندها نَايكا في وجهها (إشارة إلى ماركة شركةNike )" و " أنتِ ولد ماشي بنت ". نعم، قد يكون جرح الوجه الذي خلفه سكين "نينجا" المشؤوم والملعون قابلا للالتئام (قليلا) ببعض عمليات التجميل و تصويب العيب، لكن من الصعب و المستحيل أن يلتئم جرح عميق يغرزه هؤلاء الصبايا و أمثال تلك الأستاذة الجاهلة -سامحها الله- في قلوب أولئك الفتيات الضحايا المصدومات من هول المصيبة التي ستغير من حياتهن الكثير. لقد تعرفنا على هؤلاء الضحايا من أخواتنا المراكشيات، و تضامنّا معهُنّ بقلوبنا و دموعنا وأرواحنا وأقلامنا، وتابعنا هذا الملف خصوصا يوم الثلاثاء 28 أكتوبر، حيث كنا مع موعد لحدثين : الحدث الأول هو نطق محكمة استئناف مراكش بعقوبة سجنية مدتها 10 سنوات و غرامة مالية تقدر ب16 مليون سنتيما في حق مغتصب حياة الفتيات "نينجا مراكش"، أما الحدث الثاني فهو بثّ الحلقة الثانية من برنامج "بصراحة" الذي أذيع على أمواج إحدى الإذاعات المراكشية المميزة والذي خلق المفاجأة أسبوعا قبل هذي الحلقة حين اتصل شخص ادعى أن اسمه "عادل" واعترف على الأمواج مباشرة أنه يقطن بحي الداوديات الشعبي بمراكش ويقوم بعمليات ضرب النساء على وجوههن بالسكين و آلات حادة أخرى مدّعيا إصابته بمرض نفسي أو مس من سحر بعد تجربة فاشلة مع أحد الشابات (نفس قصة "نينجا مراكش" الملقى عليه القبض). على أيّ، كان ذلك الاتصال بمثابة زلزال أربك المتتبعين و المراقبين و الإعلاميين وحسابات رجال "الأمن"، و معهم ساكنة مراكش الذين ما صدقوا واستبشروا بإلقاء القبض على "نينجا مراكش" و تقديمه للمحاكمة حتى يطلع شخص آخر الذي أكد للمراقبين بوجود أكثر من "نينجا" بالمدينة الحمراء. لكن وبغض النظر عن صحة وصدق "عادل" أو "نينجا رقم 2 " فإن الوقائع هذه المرة أثبتت أن "نينجا مراكش" ليس بشخص و مجرم واحد، لكن "نينجا" هو نمط إجرامي يرتكبه كل من يعاني من عقدة مرضية جاهلية من النساء، و سلوك إرهابي يمارسه من ليس في قلبه ذرة من رحمة ولا شفقة في حق خَلق جميل و بديع من خلق الله تعالى و هو "المرأة" التي تعجز عن رد تلك الجرائم الفظيعة و المباغتة. نعم، حُوكِم على "نينجا" رقم 1 بعشر سنوات سجنا، وظهر "نينجا رقم 2 " آخر يصرح بأنه "مريض نفسيا"، بل وقد حصلت عدة جرائم مماثلة في مراكش في الوقت الذي يوجد فيه"النينجا الأول" في السجن و المحكمة .. هذا مع العلم وللأسف أنه لم يقم أي "مسؤول أمني" عندنا بندوة صحفية لطمأنة الساكنة المراكشية وإخبار الرأي العام بحيثيات الملف الفاجعة، بل حكم على "نينجا رقم 1 "بعشر سنوات فقط!! أما الضحايا ال26 فبقين من دون تعويض لتجميل ما شوه من وجوههن الكريمة على الأقل، وأما عائلات هؤلاء الضحايا فباتوا يعيشون في أزمات نفسية وصدمات و أمراض ارتفاع الضغط و السكري، وأما ساكنة مراكش فصاروا من دون أمن ولا حماية و علت فوق مراكش الحمراء سحابة سوداء عريضة من الخوف و الهلع.. وكثيرا ما أسمع جملة تحزُّ كثيرا في نفسي والله و لم نُرد لنسمعها يوما من الأيام وهي : " المجتمع لا يرحم" , وفي الحقيقة ليس المجتمع من انتفت عنه صفة الرحمة والرأفة، لكن جهاز "الأمن" في مجتمعنا هو الذي لا يقوم بمهامه، والسلطات المحلية في أوكارها تستعرض عضلاتها في إغلاق دور القرآن الكريم و تترك أوكار الخمور و المخدرات و الشيشة و دور الشواذ والدعارة واللواطيين مفتوحة ومصونة يقتات منها أمثال "نينجا" وتنتج لنا شبابا من بني جلدتنا منحرفين وينشرون الرعب بين ظهرانينا. وأنا لكيلا أبخس الناس أشيائهم، وحتى لا أكون كذلك الدينصور المفقوءة عينه الذي لا يرى إلا بعين واحدة وفي جهة واحدة، بينما يُخرّب كل ما لا يراه بعينه المفقوءة.. لأقول أن هناك بعض التحركات "الأمنية" للإلقاء القبض على بعض المجرمين الصغار في حين يبقى المجرمون الكبار أحرارا يُفرّخون في أعشاشهم وأوكارهم العشرات من أولئك المجرمين الصغار. إن ظاهرة "نينجا مراكش" صفحة في سِجلّ مراكش الحمراء الآخر، سِجلٌّ صفحاته حمراء و سوداء، سِجلّ ما كتبناه و ما كتبه قَطُّ أجدادنا ولا آباؤنا بهذه المدينة المصونة، لكنه سِجلٌّ خَطَّه من تجرؤوا على تسيير هذه المدينة و تطفلوا على تراثها و ثقافتها وحضارتها، سِجلٌّ فيه : اختطاف، تشويه الوجوه، السرقة، شواذ، دور دعارة، اغتصاب أطفال (اللعنة على هؤلاء المغتصبين) ، سياحة جنسية (في غياب للسياحة الأثرية و تهميش معظم معالم ومآثر مراكش التي صنعت أمجادها ومن بينها : "ضريح يوسف بن تاشفين" الذي بقي بقصد من دون عناية، ومرقده قابع بجانب محطة الحافلات التي تعج بالسحاب من الغبار الأسود الملوث على الضريح، وكذا ساحة جامع الفنا الحضارية التي تحولت إلى مطعم يشبع الجوعى من كل العالم )، حوادث سير مروعة، شراكات إعلامية مع الكيان الصهيوني، تمور صهيونية للبيع في رمضان، إغلاق دور القرآن، أزمة عقارات، ... نعم هذا للأسف هو مراكشنا الحضاري، مراكش الرعب و الترويع، أهله لا ينعمون بطعم الاستقرار و الطمأنينة، ونساؤه وبناته لسن بمأمنٍ من اعتراض سارق أو متحرش أو "نينجا" لسبيلهن و هُنّ رائحات إلى مدارسهن أو للتسوق من أقرب بقال، أما أطفال مراكش الأبرياء فربما لا يبالون من هلع ذويهم عليهم مخافة اعتراض أو استدراج من "مجهول" ليختطف أحدهم و يغتصبه ثم يرميه في إحدى حفر المدينة .. فإلى كل فتاة اغتصبت، أو تعرضت لسرقة أو ضرب بالسكين على الوجه وغير ، أقول لك : نحن نتضامن معك ولا تيأسي من روح الله .. وإلى كل امرأة مطلقة أو تعرضت للظلم الفادح و للضرب القاصي و الشتم المبرح من طرف "زوجها"، أقول لك : نحن معك و اصبري أختي و اعلمي أن لك حقوقا .. لكن ينقص أن تعرفيها و كوني "امرأة" بحق وواجب .. إلى كل طفل صغير بريء اختطف أو "اغتصب" من "مجهول" (و اللعنة على هذا المجهول) أقول لك : نحن معك حبيبي، وارفع رأسك فأنت رجل .. وإلى كل أسرة مفجوعة في أحد أبنائها من جرائم "نينجا" وأمثاله، أقول لكم : اصبروا واحتسبوا .. فإن الله تعالى لا يبتلي دائما ليُعذب، لكنه سبحانه يبتلي أيضا ليصطفي و يُقرب .. وأخيرا .. إلى رجال "الأمن" في مراكش الحمراء، أقول لكم : أنتم مسؤولون عن أمن و حماية هذه الأمة، أرواحهم وحياتهم وسعادتهم وأمنهم وشملهم ومستقبلهم في رقبتكم ما دمتم "رجال أمن" .. كفوا عن المقايضة بأرواح الناس .. و باراكا من أخذ الرشوة .. وإني أخوف ما أخاف عليكم هي "لعنة الناس عليكم" (طبعا ليس كل رجال "الأمن" و لكن كل من يقايض في أرواح الناس و يأخذ الرشوة) ، فاتقوا الله في ساكنة مراكش واتقوا الله في أنفسكم ..و أوقفوا الرعب و المهانة عن أهل مراكش ..