في ندوة حول " ثقافة في الصحراء" صرح حليم السباعي، رئيس جمعية "الزايلة" مُنَظِمة مهرجان "تركالت"، إن زواج الإرهاب بالتهريب أفسد الحياة بالصحراء. في شرحه لهذه الزيجة، قال السباعي، الذي كان يتحدث في خيمة الندوات بمنطقة "لحنانيش" القريبة من الحدود الجزائرية المغربية، أن هناك عِقدا يربط بين المهربين و الإرهابيين الذين استغلوا شساعة الصحراء و واقع الرحل، الذي يتحول رويدا نحو الفاقة و الفقر، فعاثوا في الساحل و الصحراء فسادا. حليم الذي فضل عدم الدخول في رهانات الدول الأجنبية و الإفريقية و مصالحها في المنطقة قال أن الرحل اعتمدوا على القوافل و تجارة البعير، كمورد رئيس للعيش كما تنقلوا بحرية عبر الصحراء "باحثين عن العشب و الماء.. فمتى تحقق شرط العشب و الماء فقد تحقق شرط الاستقرار المؤقت" غير أن بيروقراطية الحدود و تجريم تبادلات تجارية كتجارة البعير مثلا، جعل عددا من الرحل يسقطون في "قعر الفقر السحيق" مما دفعهم، يضيف حليم، الى التعامل مع مافيات التهريب التي استغلتهم في تمرير الممنوعات من سجائر و مخدرات و غيرها. السباعي شرح أن هذه الأجواء خلقت نوعا من الشقاق في صفوف القبائل و أبناء العائلة الواحدة بين المتعاونين مع "المافيات إضطرارا و الرافضين لهذا الواقع الجديد". مدير مهرجان "تركالت"، الذي كان يتحدث أمام أكثر من مائة ضيف من 16 جنسية تقريبا، شرح أن على أنظمة دول الساحل و الصحراء إعادة النظر في سياساتها العمومية، التي تستهدف التراب الصحراوي على أراضيها السيادية، من خلال إرساء برامج اجتماعية و اقتصادية متشاور حولها مع الساكنة و مستجيبة لحاجياتها و تراعي خصوصياتها بدل إسقاط سياسات فوقية أثبتت فشلها طيلة العقود الأخيرة. عيسى ديكو، إبن تومبكتو المتخصص في قضايا الساحل و الصحراء (الصورة)، و الذي حاضر في نفس الندوة، قال أن "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي جسم غريب عن شمال مالي و أن ثقافة الكراهية التي أشاعها التنظيم و العنف الذي مارسه هناك خلق وضعا صعبا و معقدا أثر على واقع المنطقة و حدَّ من المبادرات الثقافية التي كانت تقام بتومبوكتو. ديكو، و بعدما عدد التحولات السياسية في المنطقة التي أنتجت هذا الوضع و فصل في ملامح الهشاشة عند بعض الأنظمة السياسية و الصعوبات التنموية، دعا ضيوف المهرجان، الممثلين لعشرات المنظمات الدولية، إلى أن يكونوا "رسلا في بلدانهم لقضايا الصحراء و الساحل و التعريف بصعوباتها و ما تحملها ثقافتها من خطاب إنساني يحترم التعدد و الاختلاف لأن الصحراء هي صحراء الجميع و ليست ملكا لمن يقطنها فقط". بعد ذلك، أعطت رقية، و هي شابة من مالي تكلفت بتسيير الندوة، الكلمة لحمزة محفوظ، للحديث عن الروابط الثقافية بين المغرب و شعوب الساحل و الصحراء حيث أشار الصحفي المتخصص في الشأن الثقافي، الى الدور الذي لعبته الزوايا الصوفية في ربط جسور روحية بين الشمال و عدد من قبائل الصحراء الكبرى كموريتانيا، مالي و السنيغال. محفوظ عرج أيضا على الإشكالات التي خلفها مفهوم الدولة المركزية و تبعات تقنين التنقل التي خلقت وضعا اجتماعيا و اقتصاديا جديدا مع ظهور مفهوم الحدود.