«ليست الكفاءةُ اللغويّةُ مُجرَّد قُدرة تقنيّة، وإنّما هي أيضا قُدرةٌ بحسب الوَضع [القانونيّ والِاجتماعيّ]. ومعنى هذا أنّ كل الصياغات اللغويّة ليست مقبولةً على السواء وأنَّ كُلَّ الْمُتكلِّمين ليسوا مُتساوين.» (پيير بُورديو)[1] «لن - ولن- يُفلح العرب في كسب رهان التاريخ لا بواسطة اللغة الأجنبية ولا بوسائط لهجاتهم العامية، ولو أرادوا أن يفعلوا ذلك بالأُولى لظلوا تابعين طول الدهر ولعجزوا أن يصيروا يومًا متبوعين، ولو شاؤوا أن يفعلوا ذلك بالتالية لتراكم عليهم التخلّف عقودًا ريثما يجرّون لهجاتهم جرًّا ليصعدوا بها إلى مرتبة الأداء الذهني المصفّى من عوالم الحسّ والمادة.» (عبد السلام المسدّي)[2] منذ بضع سنوات، أخذ بعض ٱلْمُثقّفين وٱلصِّحافيّين - في المشرق والمغرب على سَواءٍ- يَستسلمون في أحاديثهم وكتاباتهم لِاستعمال ٱللُّغةِ «ٱلعامِّيَّةِ» (لُغة عامّة ٱلنّاس كَلُغةٍ تَفتقِدُ «ٱلتنميطَ ٱلْمعياريَّ» و«ٱلتّثبيتَ ٱلكتابيَّ» فتَخضعُ، من ثَمّ، لِ«ٱلِابتذال ٱلفرديِّ وٱليوميِّ» ٱلذي يَجعلُها تتَّسم تداوُليًّا وٱجتماعيًّا ب«ٱلتّدنِّي»)، وهُم في مُعظمهم من ٱلذين وَجَدوا أنفسَهم قد صاروا عاجزين - بهذا ٱلقدر أو ذاك- عن ٱلِاستعمال ٱلقَوِيم للِّسان ٱلعربيِّ بالكيفيّة نفسها ٱلتي يَفرضها عليهم ٱستعمالُ أحد ٱلألسن ٱلْمُهيمِنة عالميًّا ("ٱلإنجليزيّ" أو "ٱلفرنسيّ" أو "ٱلإسبانيّ"). ولقد كان نُظراؤُهم، قبل ذلك، مُضْطَرِّين - بفعل شروط موضوعيّةٍ مرتبطةٍ بمُقتضيات مجالات ٱلتّعليم وٱلثّقافة وٱلإعلام- إلى ٱكتساب وحفظ ٱلِاستعمال ٱلقَويم لِلِّسان ٱلعربيِّ، بالخصوص من جرّاء ٱلتّحدِّي ٱلمُرتبط بأحد ٱلألسن ٱلأجنبيّة. وشيئًا فشيئًا، صِرْنا نرى كيف أنَّ بعض ٱلصِّحافيين وٱلكُتّاب قد أخذوا يَستخفُّون بقواعد ٱلنَّحو وٱلبلاغة ٱلعربيَّيْن إلى حدِّ مُضاهاةِ «لَحْن ٱلعامّة». فلا غَرْوَ، إذًا، أنْ يَنتهيَ ٱلأمرُ بكثيرٍ منهم إلى أنْ يَستعيدوا - شِفاهيًّا وكتابِيًّا- كثيرًا من ٱلتّعابير ٱلعامّيّةِ، حتّى قام ٱلتّنافُس بينهم في ذلك فلَمْ يعودوا يكتفون باستعمال لفظٍ أو عبارة من «ٱلعاميّة» لغرضٍ توضيحيٍّ أوْ ٱستدلاليٍّ ما، بل صاروا يَتبارَوْن في ٱنتقاء ألفاظ منها ووضعها عناوين لمَقالاتهم. تُرى، ما معنى أنْ يَتكلّم ٱلْمَرءُ «ٱلعامّيّة»؟ وما حقيقة ٱلدّعوة إلى ٱستبدال «ٱلعاميّة» مكان «ٱلفُصحى»؟ إنّه لَمِن ٱلعجيب، ٱبتداءً، أنْ نَجِدَ أنَّ «ٱلعامّيّةَ» (تُسمَّى – بالخصوص لدى ٱلمغاربة– ["دَارِجة"] كمُقابل لِ «colloquial, slang/langage familier [populaire, argotique]»)، وهي تَسْميَةٌ تُؤكِّد – في آنٍ واحد– ٱعْوجاجًا في ٱللِّسان وقِلَّةَ فِقْهٍ في "علم ٱلعربيّة"! ذلك بأنَّ «ٱلدَّرْج/ٱلدُّرُوج/ٱلدَّرَجان/ٱلدَّرِيج» أسماءٌ تَدُلُّ، في "ٱللِّسان ٱلعربيِّ"، على ثلاثة مَعانٍ: أوّلُها، «ٱلْمَشْي ٱلضعيف وٱلْمُعْوجّ» (وهو سَيْرُ أو دبيبُ ٱلضَّبّ وٱلصبِيّ وٱلشّيخ، ٱلقريب من ٱلعِوَج كسَيْر «ٱلدَّرَّاج» ٱلذي هو «ٱلقُنفُذ»، أو كطائر «ٱلدُّرّاج»، أو كما يَمشي من يَصعَد في سُلَّمٍ ذي «دَرَج» أو «دَرَجات»)، وثانيها «ٱلْموت/ٱلِانقراض» (وهو مُضِيٌّ فيه ٱعْوجاجٌ وٱرتدادٌ مُضاعَف: إِذْ بالموت يَرجِع ٱلْمرءُ دَرَجَهُ ٱلحقيقيَّ لَفًّا وطَيًّا، وبه يَنْحني رأسُه وسائر جسمه كذلك!)، وثالثُها «ٱللَّفّ/ٱلطَّيّ» (بمعنى «ٱلإدْراج» و«ٱلإدْخال»). فصِفَةُ «ٱلدَّارِج» (ومُؤنَّثُها «دَارِجة») تَدُلُّ، إذًا، على «ٱلسّائِر بضُعف وعلى عِوَجٍ» أو «ٱلْميِّت/ٱلْمُنقرض» (يُقال: «قبيلة دَارِجةٌ»، أيْ «إذا ٱنْقرضت ولم يَبْقَ لها عَقِبٌ») أو «ٱلْمَلْفوف/ٱلْمَطْوِيّ» (يُسمّى ٱلتُّراب ٱلذي تَلُفُّه ٱلرِّياح وتُغشِّيه «دَارِجًا»، وتُسمَّى ٱلخِرْقة ٱلْملفوفة «دُرْجَةً»). ولذا، فإنَّ تسمية «لُغة ٱلعامّة» - كما يفعل ٱلمغاربة- ب«ٱلدَّارجة» تَسميَةٌ تَنْضَحُ وَصْمًا وقدحًا بخلاف ما يَظُنّه كثيرون! ولعلّ تلك ٱلتّسميَة جاءت ترجمةً للعبارة ٱلأجنبيّة («langage courant/current use»)، حيث تَوهَّمَ ٱلْمُترجمُ ٱلعربيُّ - كما هي عادته- أنّ صفةَ «current/courant» (معناها ٱلحقيقيّ هو «جارٍ/سَائِرٌ») تقبل أنْ يُؤدَّى معناها ٱلْمَجازيّ («ٱلعاديّ»، «ٱلعامّ»، «ٱلْمألوف»، «ٱلْحاضر») بصفة «دَارِج/دَارِجة»! ويَتعزَّزُ هذا ٱلْخطأ بآخر من خلال ٱلتّعبير ٱلشّائع: ["دَرَج على ٱلشيء"] بمعنى «ٱعْتاده» (بل، بفعل ذلك، صار يُعَدّى هذا ٱلفعل بأداةٍ لا يُعَدّى بها في ٱلأصل: «تعوَّدَ/ٱعْتادَ [علي]ه»!)، في حينٍ أنَّ فعل «دَرَج» أو «دَرِج» إذا تَعَدّى ب«على» لا يُفيد سوى «سارَ عليه صُعُدًا»، أيْ «مشى على دَرَجه أوْ دَرجاته»! ومثل ذَيْنك ٱلخطأين كثيرٌ على ألسنة وأقلام مُستعمِلي "ٱللِّسان ٱلعربيِّ" ٱلْمُعاصرين. ومن هنا، يَظهر أنَّ «لُغة ٱلعامّة» (ٱلتي تُسمّى بتَغْليب ٱلصفة ٱلنَّسَبيّة «عامّيّة») ليست، في مُقابل «لُغة ٱلخاصّة»، سوى جُملةٍ من ٱلِاستعمالات ٱلْمُعْوجّة ٱلتي تَجري وتَسير على ألسن عامّة ٱلنّاس، من حيث إنّها تَفتقد «ٱلضّبط» و«ٱلتّهذيب» ٱللَّذين تخضع لهما ٱللُّغة في ٱستعمالها من قِبَل «ٱلخاصّة» (ٱلشعراء وٱلأدباء وٱللُّغويِّين وٱلْمُفكِّرين). لكنْ، حينما تصير «ٱلْخاصّة» نفسُها واقعةً في ٱللَّحن على ذلك ٱلنّحو، كيف تتميَّز في لُغتها عن «ٱلعامّة»؟ إنَّ ٱستعمالَ صفة «دَارِجة» في تسمية «لُغة ٱلعامّة» (من حيث كونها «جاريةً» و«سائرةً») إنّما هو تأكيدٌ لفكرةِ أنَّ ٱللُّغةَ تُؤخَذُ في جَريَانها على ٱلألسن أو سَيْرها بين ٱلنّاس، وهو تأكيدٌ لا يَلْتفِت إلى أنَّ ٱلِاستنادَ إلى مُجرَّدِ ٱلِاستعمال (كسَيْرٍ عاديٍّ) لا يَكْفُل لِلُّغةِ أنْ تكون جديرةً بالِاعتماد وفقط بصفتها تلك، لأنَّ هذا «ٱلسَّيْرَ ٱلعاديَّ» لا يَنْفكُّ - في ٱلغالِب- عن قليلٍ أو كثيرٍ من ٱلِاعوجاج وٱلِابتذال وٱلتّفلُّت. وإذَا كان لا بُدَّ من حفظ تسمية «ٱلعامّيّة» ب«ٱلدارجة»، فإنَّ أبرزَ ما يبدو منها - على أساس هذه ٱلتسمية- إنّما هو جوانبُها ٱلسَّلْبيّة كلُغةٍ يَغْلِبُ عليها ٱلِابتذال وتخضع لِانجرافات ٱلِاستعمال ٱلْعفويّ وٱلتِّلقائيّ كما يَتعاطاه ٱلأفراد من حيث إنَّهم يَتصوَّرُون أنفسَهم مُتكلِّمين أحرارًا أو مُتحرِّرين من القُيود الخاصّة والمُخصِّصة للاستعمال. ومن ثَمّ، فإنَّ أوّلَ ما يَجدُر لَفْتُ ٱلِانتباه إليه هو أنَّ «ٱلعاميّة» تُمثِّل ٱلْمُحيطَ ٱللُّغويَّ ٱلذي يَسْبَح فيه مُتكلِّمُو مُجتمَعٍ ما، وأنّها ليست في ٱلواقع ٱلفعليِّ «عاميّةً» واحدةً ومُحتَتِنَةً، بل هي «عامّيّاتٌ» مُتعاقِباتٌ ومُتجاوِراتٌ ومُتنافِراتٌ، بفعل شتّى عوامل ٱلتّغيُّر وٱلتّعدُّد والتّفاوُت ٱلتي تَجعل ٱستعمالَ ٱللُّغة يَتحدَّد أساسًا ك«لانهائيّةٍ من ٱلتّغايُر». وعليه، فلا لسانَ من ٱلألسن ٱلمعياريّة في ٱلعالم كُلِّه يُمكنه أن يقوم في صُورةِ نسقٍ مُنْقطعٍ أو مفصولٍ كُلِّيًّا عن مُحيطه ٱللغويِّ ٱلعامّيِّ. ولذلك، فإنَّ ٱلذين يَدْعُون أو يَبتهجون لاستعمال هذه «ٱلعاميّة» أو تلك لا يَفعلون شيئًا سوى أنّهم يُؤكِّدون مدى جهلهم أو تجاهُلهم لواقعِ ٱللُّغة ٱلبشريّة بما هي قُدرةٌ على ٱلكلام مَشروطةٌ بكل عوامل ٱلوُجود ٱلِاجتماعيِّ وٱلتّاريخيِّ للإنسان في تعدُّدها وتغيُّرها. وبالتّالي، فكل جماعةٍ لُغويَّةٍ تُعدّ في ٱلواقع جملةً من ٱلإمكانات وٱلِاختيارات ٱلقائمة على ٱلتّنازُع ماديًّا ورمزيًّا بشأن ٱلنّوع ٱلمشروع من ٱلِاستعمال. ومن هنا، تأتي أهميّة مفهوم «ٱلرأسمال ٱللُّغويّ» (كما بَناه "بُورديو" على ٱمتداد تحليلات طويلة وشديدة ٱلخصوصيّة) في صلته ٱلوُثقى وٱلدّائمة ب«سُوق معيَّنة» لها مُنْتجِوها وأرباحُها، كما لها إنتاجاتها بأثمنة مُحدَّدة لمُستهلكين خاصِّين ضمن مجموع أنماط ٱلتّبادُل ٱلتي يُميَّز فيها بين من يَملِكُ ٱلكثير وبين من لا يَملِكُ إلا ٱلقليل (أو لا شيء) ممّا له قيمة تداوُليّة، بشكلٍ يَجعل ٱلمُتكلِّمين وٱلمُتخاطبين، على مستوى مجالٍ ٱجتماعيٍّ مُعيَّنٍ، يَنْقسمون بالضرورة إلى «مُسيطِرين/غالِبين» و«مُسيطَرٍ عليهم/مَغْلُوبين»[3]. وهكذا، نجد أنّه حتّى لو أمكن ٱستعمالُ عاميّةٍ واحدةٍ في مَجالٍ ٱجتماعيٍّ أو ثقافيٍّ مُعيَّنٍ، فَلَنْ يَخْلُوَ ٱلأمرُ من أنْ يكونَ ٱستعمالا خاصًّا بنمطٍ مشروعٍ من أشكالِ ٱلتّكلُّم على نحو يَجعلُ فئاتِ ٱلْمُتكلِّمين ٱلْمَعْنيِّين تَنقسم بالضرورة (هي ضرورة ٱجتماعيّة و، من ثَمّ، تاريخيّة وثقافيّة) إلى «مُسيطرِين/غالِبين» و«مُسيطَرٍ عليهم/مَغْلُوبين». وإنّه لَمِن ٱلتَّوَهُّم المحض أنْ يَظُنَّ ٱلْمَرءُ أنَّ عامّة ٱلنّاس بِلُغتِها ٱلعامّيّةِ تُمثِّل كُتْلةً ٱجتماعيَّةً وثقافيّةً يَشِيعُ بالتَّساوِي بين كُلِّ أفرادها ٱلحقّ في ٱلكلام ووسائل ٱلكلام ٱلنّافذ وٱلْمشروع. وهذا ٱلظنّ هو وحده ٱلذي يُمكنُه أنْ يُظْهِر ٱلدّعوةَ ٱلمُبتهِجةَ إلى ٱستعمال ٱلعامّية كما لو كانت نوعًا من ٱلنّضالِ ٱلفعليِّ في سبيل إقرار ٱلحقّ في ٱلِاستعمال ٱلْمُتساوِي وٱلْمُتكافِئ للخيرات ٱللغويّة. غير أنّ ذلك ٱلظّنّ، وٱلتَّوهُّم ٱلذي يُصاحِبُه ويَسْنُده، ليس بشيءٍ من ٱلنّاحيتين ٱلِاجتماعيّاتيّة والِانْسيّاتيّة. إِذْ أَنَّ ٱللُّغةَ موضوعٌ للتّفاوُت وٱلتّنازُع و، بالتّالي، ٱلتّمايُز مَثَلُها كمَثَل كل ٱلخيرات ٱلماديّة وٱلرمزيّة في كل ٱلمُجتمعات ٱلبشريّة. وفيما وراء ذلك، يبقى أنَّ ٱلطّريق ٱلْمُؤدِّي إلى ٱلإنصاف في توزيع ٱلحقّ في ٱلكلام ٱلْمشروع إنّما يَمُرُّ عبر سَيْرورةٍ طويلةٍ ومُضْنِيَةٍ من تَعَرُّف «ٱلْمنطق ٱلعمليِّ» ٱلذي يَحْكُم أشكالَ ٱلتّبادُل ٱلرمزيِّ وٱلثقافيِّ (ٱلتي يُعَدُّ «ٱلتّبادُل ٱللُّغويُّ» أحدَها، من دون أنْ يكون ٱلأهم دائما) في إطار نوعٍ من ٱلِاقتصاد ٱلِاجتماعيِّ ٱلشّديد ٱلتّعقُّد، بحيث لا إمكانَ لِامتلاك ٱلْحقّ في ٱلكلام ٱلمشروع (بالتمكُّن من وسائله ٱلْمُناسِبة) إلا بإقامةِ مُمارَسةٍ عِلْميّةٍ وعَمَليّةٍ تُتِيح تحصيلَ ونَشْرَ وسائل مُقاوَمة «ٱلعُنف ٱلرمزي» ٱلمرتبط بذلك ٱلقَبُول ٱلمُتواطئ لأشياء تُعَدّ ٱعتباطيّةً في ٱلأصل، وهو ٱلقَبُول ٱلذي يَحصُل بفعلِ مَيْلِ كل شيء في حياة ٱلنّاس إلى جعل ٱلأمور تَفرِض نفسَها ٱجتماعيًّا وثقافيًّا كما لو كانت طبيعيَّةً وبديهيّةً (لا يخفى أنَّ هذا الْمنظور يَدِين بالكثير لِاجتماعيَّات "بُورديو" في شُمولِها وتعقُّدها). ومِثْلُ ذلك ٱلفَتْح وٱلِانفتاح الْمُراد لا يُمكِن أنْ يَتأتَّى بمجرد ٱلْخُضوع لِلُّغةِ ٱلعامّيّةِ كما يدعو إليها ٱلغَوغائِيُّون ٱلْمُبْتهِجون. فما يجعل ٱلِانفتاح مُمكِنًا إنّما هو - بخلاف ٱلظنّ ٱلشّائع تمامًا- ٱلِانقطاع ٱلمنهجيّ وٱلْمعرفيّ عن «ٱلِاستعمال ٱلعامّيِّ»، وهو ٱلِانقطاع ٱلذي لا يَكتمِل في الحقيقة إلا بانقطاعٍ آخر عن لُغةِ «ٱلْخاصّةِ» نفسها كَلُغةٍ مَدْرسيّةٍ (بل «مَدْرَسانيّة» بمعنى «أنّ لها صلة بالِاهتمام المَدرسيّ، الشَّكْلانيّ والمُجرَّد»، في مُقابِل «scholastic/scolastique») تَمِيلُ إلى تعزيزِ جُملةٍ من ٱلِانحرفات وٱلتّضليلات ٱلتي تَحْجُب ٱلْمنطقَ ٱلنّقيض ٱلْمُتعلِّق بالحس ٱلعمليِّ في تناقُضه وٱلتباسه وتواطُئِه. وفي ٱلْمدى ٱلذي يُعَدُّ تَعاطِي «ٱلعاميّةِ» سيرورةً ٱجتماعيّةً وثقافيّةً قائمةً على قَبُول «ٱلِاعوجاج» و«ٱلِابتذال» في ٱستعمال ٱللُّغة (بفعل ٱلتّوزيع ٱلْمُتفاوِت لِكُلِّ ٱلْخيرات، وليس فقط ٱلْخيرات ٱلثقافيّة وٱللغويّة)، فإنّه يتحدَّد ك«تَعْمِيَةٍ» (تَعْدِيَة صفة «ٱلعامّيِّ» إلى ٱللُّغة وٱلثقافة)؛ مِمّا يَجعلُه يَتضادُّ مع «ٱلتّفْصيح» و«ٱلتّهْذيب» ٱللَّذيْن هُما مَناط ٱستعمال «ٱلْخاصّة» لِلُّغة وٱلثّقافة في إطار سيرورةٍ لطلبِ وبناء «ٱلكُلّيّ» لغويًّا وثقافيًّا، طلب وبناء يَتحقَّقانِ - هُما أيضًا- تَنازُعيًّا وتَناسُبيًّا وَفْقَ ٱلشُّروط ٱلْمُحدِّدة لكل مَجالٍ من مَجالات ٱلعالَم ٱلِاجتماعيِّ. إنَّ ٱلِاستعادةَ «ٱلشَّعْبانيّةَ» (أَستعملُ لفظ «شَعْبانيّ/شَعْبانيّة» في مقابل «populist/populiste»، بدلا من اللّفظ الشّائع ["شَعْبويّ/شَعْبويّة"] الذي يُعدّ نسبًا مغلوطا!) وٱلغَوغائيّةَ ل«ما هو عامّيّ أو شَعْبيّ» لا تَنفصِلُ عن صيرورةٍ كاملةٍ تَطبَع ٱلفترة ٱلْمُعاصرة (ٱلفن، ٱلأدب، ٱلغناء) وتقود إلى أنْ يُنظَر إلى «ٱلعامّيّ/ٱلشَّعبيّ» كما لو كان يُمثِّل «ٱلأصيلَ/ٱلأَصْلِيَّ» على ٱلمُستوى ٱللُّغويّ وٱلثقافيّ، بحيث يصير سهلا ٱلْميلُ إلى ٱمتداحه وٱلِاحتفال به بعيدًا عن كل تَبيُّنٍ نقديٍّ. لكنَّ «ٱلعامّيَّ/ٱلشعبيَّ»، كنِتاج ٱجتماعيٍّ وثقافيٍّ، لا يَحدُثُ وَفْق مَعايير ٱلْمعقوليّة ٱلْمُتعارَفة، ولا يَملِك أنْ يكون نِتاجا واحدًا ومُتَّسقًا؛ ممّا يَجعلُه بالتّالي أبعدَ عن أنْ يكون تعبيرًا أشدّ أصالةً وٱبتكارًا من غيره (غيره ٱلذي يُوصَف، عادةً، بأنّه «مُصطنَعٌ» و«مُتكلَّف»). وإذَا كان من ٱلْمُقرَّر أنَّ ٱلكلامَ ٱلبشريَّ قائمٌ على مبدإ «ٱقتصادِ ٱلْجُهد»، كمبدإٍ يَقُودُ إلى تفضيل «ٱلْخِفّة» على ٱللِّسان في كُلِّ ما يُلفَظ به، فمن ٱلْمُؤكَّد أنَّ مبدأ «ٱلتّخفيف/ٱلتَّخفُّف» سرعان ما يَؤُول في واقع ٱلِاستعمال إلى «ٱلِاستخفاف»، حيث لا يَتكلَّم ٱلنّاس فقط باعتماد «ٱلسَّماع»، بل إنَّهم يَظُنّون أنَّ «ٱلسَّماع» يُقبَل من أيٍّ ناطق. ومن ثَمّ، نجد أنَّ ٱللُّغةَ تُستعمَل أساسًا وَفْق مبدإ «ٱلْمُحاكاة» ٱلذي يَجعلُ ٱلْمُتكلِّمين يُحاكِي بعضُهم بعضًا بفعل «ٱلعادة» ٱلتي تَستحْكِم فتتحوَّل إلى مُحاكاةٍ أشبهَ بالِاشتغال «ٱلطَّبْعيّ/ٱلطبيعيّ» (مُحاكاة آليّة). غير أنَّ ضرورةَ «ٱلتّميُّز» تَقتضي ٱلخُروجَ من «ٱلْمُحاكاة» وطلب «ٱلتّفرُّد». ولذا، نجد أنَّ بعض ٱلْمُتكلِّمين مِمَّنْ يُريدون «ٱلتّميُّز» لا يَفتَأون يَطلبون «ٱلتّجديدَ» و«ٱلِابتكار» من خلال ٱستحداث تعابير غير مَسبوقة (وغير مسموعة)، وهو ٱلتّوجُّه ٱلذي يقود إمّا إلى «ٱلِانزياح» ٱنحرافًا عمّا هو سائد أو مُعتمَد (مثال: ["دَرَج عليه"] و["ٱعتاد/تَعوَّدَ عليه"] و["لُغة دارِجة"])، وإمّا إلى «ٱلإغْراب» بالِاستكثار من ٱستعمال «ٱلغريب» من الألفاظ والتّعابير. ومن هُنا، فإنَّ مَنْ يَستعمِلُ ٱللُّغة في حديثه أو كتابته بنوعٍ من ٱلِاستسهال وٱلِاستخفاف لا يَستطيع أنْ يَقِف في وجه ٱلِانحراف وٱلتّحريف «ٱلعامّيّ»، بل إنّه ليَحفَظ وضعَ «ٱلتّدنِّي» و«ٱلِابتذال» فيُسْهِم بذلك في تعميق واقع ٱلسيطرة على نحوٍ يَزيد من مُعاناة ٱلْمُستضعفين على كل ٱلْمُستويات. لذلك، فإنَّ ٱلفَرْقَ بين من يُدافِع عن «ٱلفُصحى» على غِرار «ٱلشَّعْبانِيَّة ٱلمُحافِظة» وبين من يدعو إلى «ٱلعامّيّة» على شاكلة «ٱلشَّعْبانِيَّة ٱلمُتحرِّرة» ليس سوى فَرْقٍ شكليٍّ وسَطحيٍّ: ٱلأوّلُ يَعرِض نفسَه مُدافِعًا عن «هُويّةٍ مُهدَّدةٍ»، وٱلآخَر يُقدِّم نفسَه مُناضِلا في سبيل «حقٍّ مُضيَّعٍ»؛ وهُما معًا يَتناوَلان ما يُنافِحان عنه بمنطقٍ تشييئيٍّ وتسليعيٍّ يُريد به كُلٌّ منهما أنْ يكون له حَصْريًّا أو بالِامتياز حَقُّ ٱلتّصرُّف فيه بما يَخدُم أغراضَه ٱلخاصّة على مُستوى ٱلنّجاح ٱلْماديِّ وَ/أوْ ٱلرمزيِّ، على الرغم من أنّ كل واحد منهما يَحرِص على عَرْضِ نفسه بصفة المُدافِع عن مَصالِح وحُقوق «ٱلشَّعب». فلا «ٱلفُصحى» ترقى عند ٱلأول إلى مُستوى «ٱلْحقِّ ٱلمَدَنِيِّ» في ٱللُّغة ٱلْمشروعة، ولا «ٱلعامّيّة» تَستوِي لدى ٱلآخَر ك«مُكوِّنٍ تاريخيٍّ» ل«هُويّةٍ مُتعدِّدةٍ». وهذان ٱلخصمان كلاهما ليسا خَصْمَيْنِ إلا لأنّ ٱلأوّلَ صاحبُ حِصّةٍ كُبرى من سوق «ٱلفُصحى» تُعدّ - لأسبابٍ موضوعيّةٍ لا يُراد ٱلِاعتراف بها- مُمتنِعةً على ٱلآخَر ٱلذي لم يَكُنْ يَجِدُ بين يديه وسيلةً أخرى لِانتزاع حِصَّته من تلك ٱلسُّوق سوى اللُّغة الأجنبيّة ٱلتي تبقى محدودةً في زبائنها وٱلتي صارت مُضطرّةً للتّراجُع أمام نوع من «ٱلعربيّة» يَتحدَّد ك«عربيّة فصيحة» (فصيحة بدرجة أو درجتين، أيْ مُتفاصِحة بصعوبةٍ وكَأْدٍ، بحيث لا تَستطيعُ أنْ تُثبِت فصاحتَها إلا بالتَّذْكير ٱلدّائم بامتيازها عن «ٱللُّغة ٱلدُّنيا»!)، وهي عربيّة تَتعارَض - على ٱلأقلّ ظاهريًّا- مع «ٱلعربيّة ٱلعامّيّة» ٱلتي لا تَملِك أنْ تَعرِض نفسها بتلك ٱلصفة (كلغة فصيحة)؛ غير أنّها كانت ولا تزال تُمثِّل لسانًا وسيطًا يَجمَعُ أطرافَ ألسنٍ شتّى، بل إنّها في ٱلواقع ٱلفعليّ تُعَدّ لسانَ من فَقَد إمكانَ ٱلتّمتُّع باللُّغة ٱلمشروعة (سواء أكانت أعجميّةً أمْ عربيّةً)، ممّا يَجعلُه لسان ٱلأكثريّة (لسان عامّة ٱلنّاس ٱلذين لا يَخفى أنّهم يُمثِّلون سُوقًا أكبر من سوق «ٱلعربيّة ٱلفُصحى» نفسها و، من ثَمّ، تتجلّى أهميّة ٱلرِّهان بالنِّسبة لِدُعاة «ٱلتَّعْمِيَةِ»!). ومن ٱلْبَيِّن أنَّ «ٱللُّغة» - سواء أكانت فُصحى أمْ عاميّةً- لا تتجلّى بأحد ذَيْنِك ٱلوجهين إلا بالنِّسبة إلى من أمكنه أنْ يَخرُج (أو يُخْرَج)، بهذا ٱلقدر أو ذاك، من ٱستعمالِها ٱلعامّيّ فيَتمكَّن بذلك من ٱلِانخراط ضمن زُمْرةِ «ٱلْمُسيطِرين/الْغالِبين» ٱلذين يَصعُب عليهم أنْ يَقتسموا حظَّهم من «ٱللُّغة ٱلْمشروعة» مع «ٱلْمَحرُومين» من دون ضمان جَنْيِ أرباحٍ خاصّة يَمتنع أنْ تكون كذلك إلا مِنْ حيث إنّها تأتي على حساب من يُقدَّمُون كضحايا في حاجةٍ إلى أنْ يُدافَعَ عنهم (وعن قضيتهم النّبيلة)! لكنَّ ما يَغفُلُ عنه أصحابُ «قضية ٱلشَّعْب» هو أنَّ ٱلقيامَ ٱلفعليَّ بمُهمّةِ ٱلدِّفاع تلك يَتطلَّب، بالأساس، ٱلخُروجَ من مُقتضيَات «ٱلشَّعْبانيّة» (كانتظاراتٍ وتَوهُّماتٍ) ومن أُطُر «ٱلنُّخبويَّة» (كآليّاتٍ وتحريفاتٍ)، وهو ٱلخروج ٱلذي ينبغي أنْ يَتحقَّق كانْقلابٍ مُضاعَفٍ يَنقُل ٱلتّفْكيرَ ٱلعامّيَّ من حَمْأةِ «ٱلإغراض» إلى مُستوى ٱلتّفْكير ٱلنقديّ، ويَتحوَّل بالتفكير ٱلعالِم من وقاحة «ٱلإعْراض» ٱلمُستقيل إلى نوعٍ من ٱلِالتزام ٱلذي يَنْهَض بمُقاومةِ آثار ٱلسيطرة من دون ٱلْخضوع للاستعجال ٱلْمُتسايِس أو ٱلإذعان للاستسهال ٱلْمُتفاحِش. وفقط في هذا ٱلسياق، يُمكن أنْ يَكُون ٱلدِّفاع عن ٱلحقّ في «ٱللُّغة ٱلمشروعة» دفاعًا عن قضية تَخُصّ «ٱلْمَحرومين» فيما وراء ثنائية «عامّة//خاصّة» أو «شعب//نُخْبَة»، لأنّه يكون حينئذٍ دفاعًا عن «حُقوق ٱلْمُواطِن» كفاعلٍ ٱجتماعيٍّ مُعرَّض - بفعل ٱلضرورة ٱلِاجتماعيّة وٱلتاريخيّة- لآثار ٱلسيطرة وما يُلازِمُها من «عُنف رمزيٍّ» على كل ٱلْمُستويات (ٱقتصاديًّا وثقافيًّا ولُغويًّا وسياسيًّا). من أجل ذلك، فإنَّ ما يَجهلُه دُعاة «ٱلتَّعْمِيَةِ» بين ظَهْرانَيْنا إنّما هو كونُ كل لسان من ٱلألسن ٱلقائمة في ٱلْمُجتمعات ٱلمُعاصرة تُحيطُ به مجموعة من «ٱللُّغَيّات ٱلعاميّة»، ٱلتي هي لُغيّاتٌ قد تكون مرتبطة به وقريبة منه (كما هو حال ٱلعاميّات "ٱلعربيّة"، بل ٱلعاميّات "ٱلأمازيغيّة" أيضًا في ٱلمدى ٱلذي تنتمي إلى نفس ٱلمجموعة ٱللُّغويّة، أيْ مَجموعة ٱلألسن «ٱلأسيويّة-ٱلأفريقيّة»)، وقد تكون مُنفصلةً عنه ومُغايِرةً له (كما هو ٱلْحال بالنِّسبة إلى "ٱلفرنسيّة ٱلْمعياريّة" في علاقتها بعاميّاتٍ جهويّة أو فئويّة، وحال "ٱلإسبانيّة" بالنِّسبة إلى لُغيّاتها ٱلعاميّة وٱلْجهويّة أو ٱللُّغة "ٱلباسكيّة"، وٱلْحال نفسه يَصدُق أيضا على "ٱلإنجليزيّة" و"ٱلألمانيّة"). وكونُ "ٱلعربيّة ٱلفُصحى" موجودةً في محيط من «ٱللُّغيّات ٱلعاميّة» ٱلتي تشترك معها في كثيرٍ من ٱلْمُكوِّنات ٱلصوتيّة وٱلْمُعجميّة وٱلتّركيبيّة، يَجعلُها «لسانًا ذا عاميّات»، بحيث لا يُخاف عليه منها بقدر ما يُخافُ عليه من ألسنٍ مُنافِسة أهمّها "ٱلفرنسيّ" و"ٱلإنجليزيّ" و"ٱلإسبانيّ" ٱلتي تَتحدَّدُ تاريخيًّا وثقافيًّا كألسنٍ ذات توجُّهٍ توسُّعيٍّ وهَيْمنيٍّ. وهكذا، فإنَّ ٱلدّعوةَ إلى ٱلتّخلِّي عن «ٱلعربيّة ٱلفُصحى» وٱعتماد «عاميّة» من عاميّاتها ليست فقط عملا على تكريس نوع من ٱلسيطرة ٱللُّغويّة وٱلثقافيّة ٱلتي لَنْ تكونَ إلا خاصّةً بجهةٍ مُعيَّنةٍ وبفئاتٍ ٱجتماعيّة مُحدَّدةٍ، وإنّما هي في ٱلعُمق إقرارٌ بفشل ٱلْمُؤسَّسة ٱلْمَدرسيّة، وهو ٱلفشل ٱلذي يَؤُول إلى فشلٍ لنظام ٱلْمُؤسَّسات ٱلْخاصِّ بالْمُجتمع كُلِّه. وبذلك، فإنَّ ٱلدّعوةَ إلى «ٱلتَّعْمِيَة» تُعبِّر عن تبريرٍ لِاستقالة «ٱلدّولة» من إحدى مَهامِّها ووظائفها ٱلكُبرى: ٱلعمل على إيجاد نِظامٍ مُؤسَّسيٍّ يَكفُل تكافُؤَ ٱلفُرص بالنِّسبة لكل ٱلْمُواطنين من أجل بُلوغ ٱلنّمط ٱلْمشروع لغويًّا وثقافيًّا. ولذا، فإنَّ تلك ٱلدّعوة تُعدّ دعوةً مُوغِلةً في ٱلتَّسييب وٱلتّضليل ومُضيِّعة، من ثَمّ، للحُقوق ومُثَبِّتة لإحدى دَعائِم ٱلسيطرة ٱلِاجتماعيّة بكل تَجليّاتها: زيادة حرمان ٱلْمُستضعَفين بِتَرْكهم في حُدود وسائلهم ٱلْمَحدودة ماديًّا ورمزيًّا، وذلك باسم نوعٍ من ٱلتّضليل ٱلشَّعْبانيِّ وٱلغَوغائِيِّ ٱلذي يَستفحِلُ ويَتواقَحُ في إطار ٱلِارتكاس ٱلعامِّ للمُجتمع وٱلثّقافة وٱلِاقتصاد في عصر تَتعولَمُ «ٱلأزمةُ» وتَبِعاتُها أكثر مما تَتعولَمُ «ٱلنّهضةُ» ونوابضُها! [4]. هوامش: [1] اُنظر: Pierre Bourdieu et Loïc J. D. Wacquant, Réponses : pour une anthropologie réflexive, éd. Du Seuil, coll. Liber, Paris, 1992, p. 121 ; Id, An Invitation to Reflexive Sociology, The University of Chicago Press, 1992, p. 146. وقارن به: پيير بورديو ولويك ج. د فاكونت، أسئلة علم الاجتماع: في علم الاجتماع الانعكاسي، ترجمة عبد الجليل الكور ومراجعة محمد بودودو، دار توبقال للنشر، ط 1، 1997، ص. 106. [2] اُنظر: عبد السلام المسدّي، العرب والانتحار اللغوي، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت، ط 1، 2011، ص. 218. [3] اُنْظر بالخصوص: Pierre Bourdieu, Ce que parler veut dire : l'économie des échanges linguistiques, éd. Fayard, Paris, 1982, p. 14 ; aussi Id, Language and Symbolic Power, translated by Gino Raymond and matthew Adamson, Polity Press, 1991 ; Id, Langage et Pouvoir symbolique, éd. Du Seuil, coll. Points/Essais, 2001. [4] اُنظر: عبد الجليل الكور: ملحمة انتقاض اللسان العربي: لسان العرب القلق، عالم الكتب الحديث، ط 1، 2013، الفصل 12، ص. 83-89.