تحت شعار: "شركاء في التنمية والاستثمار" تتواصل الاجتماعات التحضيرية لانعقاد "القمة الاقتصادية العربية – الإفريقية" الثالثة.. من 18 الى 20 نونبر في الكويت.. وعلى الرغم من التوجه الاقتصادي الكبير لأعمال القمة من اجل تحقيق اهدافها التنموية ، فقد وجهت الدعوة الى كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الايراني حسن روحاني، لحضورها. وقد طرحت اسئلة كثيرة حول هذه الدعوة ومدى علاقتها بالتطورات السياسية التي تشهدها المنطقة، ولا سيما سورية حيث تقدم روسياوايران كافة انواع الدعم لنظام الرئيس بشار الاسد ضد ثورة الشعب التي تطالب بالإطاحة به ، وكذلك تطورات الثورة المصرية وتداعياتها، فضلا عن دعم الحكم الانتقالي تمهيدا لتوفير الامن والاستقرار، حتى ان بعض المراقبين لم يستبعدوا ان تكون الدعوة بمثابة رسالة موجهة الى الولاياتالمتحدة لإعادة النظر في السياسات التي تتبعها في القارة الافريقية اذا ارادت ان تحافظ على نفوذها في المنطقة، خصوصا ان الرئيس السوداني عمر البشير، الذي رفضت نيويورك ان تعطيه تأشيرة لحضور الجلسة العامة لجمعية الاممالمتحدة، هو في طليعة المشاركين في قمة الكويت. ويستكمل المراقبون أسئلتهم: هل يمكن اعتبار روسيا بديلا عن أمريكا في حال قررت الولاياتالمتحدة وقف الدعم عن حكومات الدول الافريقية ؟.. تحاول الكويت، من خلال ادارتها لكافة التحضيرات الجارية لانعقاد القمة، إبعادها عن السياسة وتداعياتها، وحصر الاهتمام بتوجهها الاقتصادي لتحقيق اهدافها التنموية، وفي هذا السياق شرحت اسباب دعوتها للرئيس الروسي كون روسيا حاليا رئيسة لمجموعة العشرين، وهو منتدى اقتصادي تأسس عام 1999 على خلفية الازمات المالية في فترة التسعينات من القرن الماضي، فضلا عن "اهتمام المجموعة بالمنطقتين العربية والافريقية والاستقرار فيهما". اما دعوة الكويت للرئيس الايراني فتعود الى كون ايران تتزعم حركة دول عدم الانحياز، وقد درجت العادة على دعوتها لمثل هذه المؤتمرات، وفي السياق ذاته، يأتي حضور السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس منظمة المؤتمر الاسلامي اكمل الدين احسان اوغلو، والامين العام لدول مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني .. وبناء على تعليمات أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الاحمد، تركز الدبلوماسية الكويتية في الكويت وخارجها، وحتى في المحافل الدولية، وبالتعاون مع الاشقاء والاصدقاء، على استبعاد كل ما هو سياسي والتركيز على الجانب الاقتصادي لتوفير عوامل النجاح للقمة.. وبما ان شعارها "شركاء في التنمية والاستثمار" فان الابتعاد عن القضايا السياسية سيمكن جميع الدول المشاركة من التفكير المنطقي والسليم وتحقيق اعلى درجات الشراكة الاستراتيجية . وفي لقاء مع سفراء الدول المشاركة في القمة في الكويت تمنى وكيل وزارة الخارجية خالد الجار الله على ان ينقلوا الى حكومات دولهم بالتركيز على الجانب الاقتصادي في القمة ، لما في ذلك من فائدة وتنمية حقيقية للشعوب العربية والافريقية، والابتعاد عن الجانب السياسي.. معربا عن الأمل بان تكون هذه قناعة "اجتماعنا المقبل لدى كبار المسؤولين في القمة الذي سيرسم خريطة الطريق لوزراء الخارجية وللقمة، خصوصا وان الدخول في قضايا السياسة سيضيع علينا الكثير من الفرص" مشيرا الى وجود مجالات عدة للتحدث عن القضايا السياسية ، ولإعلان المواقف حيالها . إعلان الكويت يعود انعقاد "القمة العربية – الافريقية" الاولى لعام 1977 في القاهرة، برئاسة الرئيس المخلوع حسني مبارك، وفي العام 2010 ، اي بعد 33 سنة ، عقدت القمة الثانية في مدينة سرت بليبيا برئاسة العقيد المقتول معمر القذافي، وقد شعر الرؤساء بأهمية اللقاء بعد طول غياب، فقرروا الانعقاد الدوري للقمة المشتركة، كل ثلاثة اعوام بالنظر لخطورة التطورات المتسارعة، وضرورة توثيق الصلات بين المنطقتين، وتم التوافق على عقد القمة الثالثة في 19 و20 من الشهر الجاري بالكويت . وستناقش القمة تقارير عدة منها، تقرير مشترك مقدم من الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينج حول سير التطورات السياسية في بلدان المنطقتين ، ومتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن القمة السابقة ، ومشروع مقدم من دولة الكويت حول اعلان القمة الختامي، ويحمل عنوان "اعلان الكويت" وستتم مناقشته في اطار من روح التعاون بهدف انجاح القمة باعتبارها البداية الحقيقية لبناء شراكة استراتيجية واقتصادية عربية وافريقية. اضافة الى ذلك ستتخذ القمة سلسلة قرارات تتعلق بثمانية محاور تتركز حول الطاقة والنقل والاستثمار والمواصلات ودور المرأة في بعدها الاقتصادي، وخلق شراكة عربية – افريقية بعيدة عن القضايا السياسية، وتخدم مصالح الشعوب العربية والافريقية. وستتابع القمة مناقشة خطة العمل التي اعتمدت في قمة سرت السابقة عام 2010 ، وتشمل الفترة بين 2011 لغاية 2016، وذلك في ضوء التحولات الجارية في العالم العربي، خصوصا" وان حكومات الدول العربية لا يمكن لها ان تتجاهل الاهمية التي باتت تحظى بها القارة الافريقية في ظل التحركات الدولية واهتمام دول كالصين والولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي، بتعزيز التعاون مع القارة السمراء التي تزخر بالموارد الخام والاسواق الواعدة. الاستثمارات العربية تتركز الاستثمارات العربية في القارة السمراء من خلال اربعة عوامل رئيسية وهي: التعاون العربي الافريقي في مجالات التنمية، الاستثمارات العربية الافريقية المشتركة، تطور التجارة العربية الافريقية ومجالات تعزيزها، ودور المنظمات غير الحكومية في دعم التنمية. وفي هذا المجال يلاحظ الدور الكبير الذي تلعبه صناديق التمويل العربية والاسلامية في تمويل تنفيذ المشاريع الانمائية والاقتصادية، ومنها الصندوق الكويتي الذي قدم للبلدان العربية والافريقية حتى الان 585 قرضا بقيمة 3.65 مليار دينار بما يعادل 12.58 مليار دولار، توزعت بين 9.69 مليار دولار لتمويل 322 قرضا للبلدان العربية، و840 دينار بما يعادل 2.89 مليار دولار لتمويل 263 قرضا" للبلدان الافريقية. واذا كانت القمة الاقتصادية العربية الافريقية تهدف الى تحقيق التنمية في اقتصادات بلدانها، فإنها ربطت الاستثمار بها،لانه اهم عنصر من عناصر التنمية والعلاقات الاقتصادية الدولية.. ويلاحظ انه مع كل ازمة مالية عالمية، وخصوصا في الولاياتالمتحدة كما حصل في العام 2008، او في اوروبا التي لا تزال حتى الان تعاني من ازمة اليورو والتي بدأت منذ ثلاث سنوات تتعالى صرخات ونداءات في المنطقة لسحب الاستثمارات العربية من اسواق تلك البلدان، تجنبا لمزيد من الخسائر التي تلحق بها جراء تداعيات الازمات المتتالية. وبدلا من ان يتراجع حجم تلك الاستثمارات، يلاحظ ارتفاعه مع كل زيادة في فائض عائدات النفط التي تجنيها الدول المنتجة، على الرغم من تأكيد معظم الدراسات على حاجة المشاريع العربية الى التمويل التي تسعى بعض الدول العربية الحصول عليه من الاسواق الخارجية بشروط كلفتها اعلى من عائد الاستثمارات العربية، حتى وصلت بعض الدراسات الى اطلاق مقولة مفادها "الدول العربية تقترض اموالها المودعة او المستثمرة في مصارف خارجية ولكن بشروط الدائنين.. مع العلم ان ديون الدول العربية بين داخلية وخارجية تزيد عن 560 مليار دولار. وتختلف الارقام عن حجم الاستثمارات العربية في الخارج باختلاف مصادرها، وفي حين تقدرها المؤسسة العربية لضمان الاستثمار بين 800 مليار الى الف مليار دولار، فان مجلس الوحدة الاقتصادية العربية يضاعف الرقم الى 2400 مليار دولار.. ولكن هل يمكن توجيه قسم من هذه الاستثمارات لتمويل مشاريع عربية –افريقية في اطار تحقيق شعار قمة الكويت الاقتصادية "شركاء في التنمية والاستثمار"؟.. الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الذي يشكو دائما من عدم تنفيذ مقررات القمم الاقتصادية العربية، اعرب عن "الامل بان تنجح القمة الاقتصادية الكويتية في ترسيخ اسس مجالات التعاون بين الدول العربية والافريقية، وان تسهم في تحقيق نقله نوعية بارزة في العلاقات العربية – الافريقية "، ولكنه أشار في الوقت نفسه الى ان هذه القمة "تهدف الى تحقيق اثار عملية وافراز نتائج ايجابية ترفع من مستوى معيشة المواطنين في هذه المنطقة، ولا تقتصر على اصدار بيانات عامة لا ترقى الى مستوى التنفيذ". * وكالة أنباء الأناضول