قال فريدريك إنسل، خبير جيوسياسي وأستاذ جامعي فرنسي، إن "عقيدة العداء الجزائري إزاء المغرب تحكمها اعتبارات عديدة؛ وهو ما يفسر الخلافات السياسية الأخيرة بين البلدين التي تكاد تصل إلى حافة المواجهة المباشرة، بما في ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط". وأضاف إنسل، في مقالة له منشورة بصحيفة "ليكسبريس" الفرنسية، أن "القرارات الانفرادية تأتي من الجزائر في السنوات الأخيرة؛ لكن يمكن تفسير ذلك الاستياء بالحقد الجزائري على النظام الملكي الذي تصوره على أنه ضعيف، فيما نجح هذا النظام في البقاء مستقلا خلال التوسع الاستعماري للإمبراطورية العثمانية". وتابع الكاتب الفرنسي: "لم يصل الأتراك إلى المملكة المغربية في تلك الفترة التاريخية، وهو إنجاز فريد من نوعه في الفضاء العربي. كما نجحت المملكة كذلك في حماية نفسها من القوى الأوروبية طيلة عقود"، مشيرا إلى أن "الجزائر ظلت تابعة لموسكو خلال الحرب الباردة حتى بعد سقوط المعسكر الاشتراكي، عكس المغرب الذي حافظ على علاقاته الوثيقة مع فرنسا وأمريكا". وأردف الأستاذ الجامعي بأن "الرباط أفلحت في توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل سنة 2020، إلى جانب بلدان الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان؛ وبالتالي، أصبحت إسرائيل التي تكرهها الجزائر شريكا متميزا للمملكة المغربية، وهو ما تظهره زيارة وزير الدفاع الاسرائيلي إلى الرباط لتوقيع اتفاقيات عسكرية". وأبرز كاتب المقالة بأن "اعتراف الملك محمد السادس بمكونات الهوية الوطنية المغربية يثير حنق السلطة الجزائرية، حيث يتعلق الأمر بالعربية والعبرية والأمازيغية؛ ذلك أن الجزائر تتخوف على الدوام من الربيع القبائلي الكبير في ظل دعمها القومية العربية، ما يجعلها ترفض فتح هذا الملف الثقافي للنقاش العمومي". "تسعى الجزائر، من الناحية الإستراتيجية، إلى التوفر على واجهة أطلسية عبر بوابة جبهة البوليساريو؛ غير أن السيطرة القوية للمغرب على صحرائه، والدعم الأممي والدولي، بما يشمل الولاياتالمتحدةالأمريكية، يقبر هذا التوجه بصفة نهائية"، بتعبير صاحب المقالة. واستطرد: "الجزائر تتجرع خيبات سياسية متواصلة في المنطقة بسبب اختياراتها السيئة منذ الاستقلال، حيث أدت السياسات المتبعة إلى بناء نظام اقتصادي ريعي ونظام سياسي تدخلي؛ مما تسبب في تزايد قوة الحراك الاجتماعي الداخلي". وختم فريديريك إنسل مقالته بالقول: "الضحية الأولى للسياسات الجزائرية هو الشعب بنفسه، في مقابل مواصلة المغرب تقدمه الاقتصادي التدريجي من خلال تشييد البنيات التحتية وتعميق التعاون الاقتصادي مع البلدان الإفريقية، ومراكمة المكاسب الدبلوماسية عبر السنوات الأخيرة".