اعتبر المفكر الإسلامي طارق رمضان أن من يعتقد أن أمريكا كانت ستدعم الربيع العربي "ساذج"، مضيفا أن الربيع العربي (الثورات) في الوقت الراهن "بات بلا بوصلة أو مخرج لأزماته، إلا أنه خلق فكرة للعالم العربي". جاء ذلك خلال مناظرة جمعته بالفيلسوف الفرنسي، إدغار موران، مساء أمس بعنوان "الأخلاق في عالم اليوم بين التنظير والتطبيق"، في جامعة جورج تاون بالعاصمة القطريةالدوحة. وفي رد على سؤال لمراسلة الأناضول، أرجع موران ما قال إنه "إخفاق الربيع العربي" إلى "غياب رؤية لمستقبل تلك الثورات"، موضحا أن "النوايا الحسنة وحدها ليست كافية لصناعة المستقبل، بل قد تؤدي تلك النوايا إلى تبعات غير متوقعة، وهذا ما حدث في سوريا، ومن قبلها ليببا". واتفق معه رمضان، الذي يعمل مديرا لمركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق بالدوحة، في رده على السؤال ذاته، قائلا "النوايا الحسنة لا تصنع مستقبلا، ومن كان يعتقد أن أمريكا ستساعد الربيع العربي فهو ساذج، ولم يدرس التاريخ في أفريقيا ولا في أمريكا اللاتينية". وأضاف "الحقيقة أن الربيع العربي بات بلا بوصلة أو بلا مخرج لأزماته، إلا أنه خلق فكرة للعالم العربي". وأردف: "نعم القوى الحاكمة لبلدان الربيع العربي، بعد ثوراته ارتكبت أخطاء سياسية، لكن في المقابل من غير المقبول استدعاء القوى السياسية المعارضة لها للجيش للتدخل في الحياة السياسية"، في إشارة إلى قيام قيادات بالجيش المصري، بالتشاور مع قوى دينية وسياسية معارضة للرئيس المنتخب محمد مرسي، بعزله في 3 يوليو/ تموز الماضي. ولفت موران إلى أن "الثورة في كل من مصر وتونس بدأت بطموح الشباب الساعي للعدالة وعالم أفضل ضد الديكتارية المروعة، إلا أننا رأينا أن النوايا الحسنة قد تؤدي لتبعات غير متوقعة، كما حدث في سوريا، ولكن سيذكر التاريخ الرسالة الأصلية لثورات الربيع العربي". وتابع: "هذا الربيع أدى لانتخابات قادت أحزابا إسلامية للسلطة، سواء في مصر وتونس والمغرب، لأنها الأقرب للشارع، بخلاف التيارات الفوقية، ويحسب للربيع العربي أنه سيسجله التاريخ، ويسجل أن المجتمعات العربية، التي عانت من الاحتلال والتبعية للاشتراكية ثم العلمانية، قررت أن تكون صاحبة فعل، ولكن لا ترى مسار محدد للخروج من الأزمة، ولا تعرف المآلات والمخرج، وكذلك العالم كله يمر بحالة تراجع، كون المستقبل مغلقا ومبهما". وأكد موران على "ضرورة تدريس الفهم الإنساني وفهم الآخر، فلابد من شيء من المحبة بين الأطراف، وفهم الملابسات التي نعيشها، كما أن السياسة بحاجة إلي مراقبة أخلاقية، والبحث عن تنمية نحن (يقصد روح الفريق)، فهذا ما يدفع الإنسان للتضحية من أجل وطنه". وأضاف": "من الأخطاء الكبري التي ارتكبها العالم هو الطلاق بين العلم والأخلاق، ولابد أن تعود السياسة إلي الأخلاق، ولابد أن نسيطر علي العلوم التي تفقد العالم الأخلاق، وإذا لم نعد للأخلاق سنذهب إلي كوارث". من جانبه قال طارق رمضان إن "الفكر الإسلامي المعاصر يتطور، ولكنه يتعامل مع التكليف وليس تغيير الواقع، وعلينا الآن أن نكون مسلمين مشاركين في بناء العالم، والسعي نحو الإبداع"، مشيرا إلى أنه "للأسف الشديد لم يعد لدينا فهم جامع وشامل لوجودنا". وتساءل في هذا السياق "لماذا نرفض الرموز الدينية ونحظرها، ونقبل بالرموز الاقتصادية والتجارية؟!"، منوها إلى أن "هذا كان محور نقاش موسع في فرنسا مؤخراً". واعتبر رمضان أن "الأخلاقيات مستمدة من الدين وكذلك من العقل"، مستدلا بقول العالم المسلم أبي حامد الغزالي "العقل وحي داخلي". حضر المناظرة عدد من الشخصيات العامة، في مقدمتهم الشيخة موزة والدة أمير قطر وعدد من أساتذة العلوم السياسية.