كان مستقبل الإسلام في هولندا مدار نقاش في اثنتين من المناظرات العامة في أمستردام. وكانت وجهات النظر مختلفة في كل منهما. "الإسلام لا يتماشى مع الديمقراطية"، قال الإسلامي أوكاي بالا (Okay Pala)، الذي كان أحد المشاركين في مناظرة جرت في المركز الثقافي دي بالي في أمستردام. كان خصمه هو المستعرب المعروف بعدائه للإسلام هانس يانسن (Hans Jansen).الذي وافق بالا في معظم كلامه، لكنه انتفض عندما أكد 'بالا‘ أن حزبه لا يسعى لتطبيق الشريعة في هولندا، وخاطبه بقوله: "أنتم تخافون من أن تقولوا ما تريدونه بصدق". يُعتبر هانس يانسن مصدر الإلهام الروحي للسياسي الهولندي المعروف بعدائه للإسلام خيرت فيلدرز. واحدة من جمله المكررة هي أن "المسلمين يخفون دائما أجندتهم الحقيقية". الضيفان الآخران عبد الجبار فان دي فين (Abdeljabbar van de Ven) وأوكاي بالا يمثلان تيارين يوصفان بأنهما متطرفان: السلفية الاصولية وحزب التحرير الراديكالي الإسلامي، وكلاهما يسعى لإقامة الدولة الإسلامية في جميع أنحاء العالم. كان منظمو هذه المناظرة يأملون أن تكون حصيلة جمع هؤلاء الثلاثة مشوقة ومثيرة لاهتمام وسائل الإعلام، إلا النتيجة جاءت مخيبة للآمال، إذ توافق الرجال الثلاثة على الخطوط العريضة: "الإسلام دين غير ديمقراطي ولا يصلح لهولندا"، فخرج الجمهور بخيبة أمل. "لم تصل هذه المناقشة إلى أية نتيجة مرجوة"، علقت واحدة من الحضور. قبل انعقاد المناظرة، ظهرت تعليقات غاضبة على شبكة الانترنت منها على سبيل المثال: "هؤلاء لا يمثلون أحدا، لا بالنسبة للإسلام ولا بالنسبة لهولندا"، يقول عبد الكريم الفاسي من موقع "هنا باقون" (Wijblijvenhier). هم يمثلون التطرف من الجهتين، مثل بوش وبن لادن: "خصوم "هم في الواقع يفكرون بنفس الطريقة، في الوقت الذي يقول فيه بقية العالم: مهلا، ألا يمكننا العيش بسلام بقية حياتنا"؟ في مكان آخر في أمستردام نُظمت مناظرة بديلة في الليلة نفسها، ردا على الانزعاج من تنظيم المناظرة الأولى. في مركز "أركان" للشباب المغاربة في حي سلوترفارت جرت مناظرة بين النائب عن حزب العمل أحمد مركوش والإمام الشاب ياسين الفرقاني والمستعرب يان ياب دي راوتير (Jan Jaap de Ruiter) حول كيفية المضي قدما في مناقشة الإسلام، هذا النقاش الذي سيطر على هولندا منذ 15 عاما. نبرة النقاش كانت إيجابية بشكل ملحوظ. "حصل تغيير كبير في هولندا على مدى السنوات العشر الماضية. بدأ المسلمون الهولنديون يفكرون جديا في قضايا لم تكن في الماضي قابلة للنقاش"، يؤكد البرلماني من أصل مغربي أحمد مركوش. ما ينقص المسلمين بعد، بحسب مركوش، هو رأيهم الصريح بخصوص مسألة الحريات الأساسية والديمقراطية وسيادة القانون: "على المسلمين أن يكونوا أكثر وضوحا بهذا الشأن، فبقية المجتمع يريد أن يعرف." وافقه الرأي الإمام الشاب ياسين الفرقاني، إلا أنه من جهته يرى أن المسلمين الهولنديين ليسوا على استعداد بعد لإصدار مثل هذا الموقف: "يعتبر الشباب المسلم أن الإسلام مهم جدا، لكنهم لم يتوصلوا بعد إلى الشكل الذي يريدون أن يعطوه له في هولندا". ويخشى الفرقاني من الأصولية المتنامية في أوساط الشباب: "علينا أن لا نركز على القواعد، مثلا ما إذا كان علينا المصافحة أو لا. مثل هذه القواعد ليست هي جوهر الإسلام. إذا استمررنا على هذا المنوال سوف يُفلس الإسلام بعد مائة عام. بل علينا كمسلمين التفكير بمواضيع رئيسية مثل تطبيق العدالة. إن السؤال المطروح هو: متى تكون إنسانا صالحا؟" * ينشر بناء على الشراكة بين هسبريس وإذاعة هولندا العالميّة