كعادته في جميع لقاءاته وحواراته الإعلامية، لم يفوت عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، لدى استضافته من لدن قناة "المجد" السعودية، أمس الأحد، الفرصة ليتطرق لعلاقة حزبه العدالة والتنمية بالمؤسسة الملكية، وما يحظى به الملك محمد السادس من دور محوري في نجاح المسار السياسي للبلاد. وتطرق بنكيران، خلال حواره مع الإعلامي فهد السنيدي في برنامج "ساعة حوار"، إلى طبيعة حزب العدالة والتنمية ومرجعيته الإسلامية، والعلاقة المفترضة لهذه الهيأة السياسية بتنظيم "الإخوان المسلمين"، كما عرج على سياسة الحكومة التي يقودها، خاصة عند اتخاذ القرارات الصعبة، والإصلاحات السياسية التي دشنتها حكومته، وغيرها من المواضيع الأخرى. لن نتنازع مع الملك وأكد عبد الإله بنكيران، الذي ظهر خلال الحوار بلحية مشذبة بعناية، وممسكا سبحته بيده، أن الحكومة لا تتدخل في مستشاري الملك، ومن حوله، باعتباره شخصا مسؤولا، مبرزا أن التطرق لتفاصيل المحيط الملكي "أمر غير لائق"، قبل أن يوضح أنه "يشتغل رئيسا للحكومة تحت رئاسة الملك وفقا للدستور المغربي، وبمنطق التعاون لا التنازع". ونفى بنكيران أن يكون قد أُجبر يوما على قبول أحد الوزراء، موضحا أن "بعض القضايا تتم عبر الحوار مع جلالة الملك، أو مع بعض مستشاريه حين يكلفهم الملك بذلك من أجل اتخاذ قرارات مناسبة". وأكد بنكيران اقتناع حزبه بالمؤسسة الملكية مكونا أساسيا في المغرب جعله المغاربة في شعارهم ونشيدهم الوطني، لأن كيانهم تكون على هذه الطريقة"، مضيفا أنه "لا يمكن النجاح إلا بالتوافق مع المؤسسة الملكية والتعاون معها، لأنه كلما توافقت المؤسسة الملكية مع الأحزاب الوطنية حققنا المعجزات، وكلما تنازعنا مررنا بظروف صعبة". وتابع رئيس الحكومة بأن "حزب العدالة والتنمية لن يدخل في صراع مع المؤسسة الملكية كما تريد بعض النخبة، حيث قال "كنت واضحا مع المغاربة منذ تعييني إذا كنتم تريدون رئيس حكومة يتنازع مع الملك، ابحثوا عن رئيس حكومة غيري"، وفق تعبير بنكيران. الصراع على السلطة و"إسلامية" الحزب وشدد رئيس الحكومة، متحدثا لقناة "المجد" الإسلامية، على أن الصراع على السلطة منهي عنه شرعا، مؤكدا أن "البعض يتصور أن الواجب هو الصراع على السلطة، وهذا أمر منهي عنه في شرعنا"، قبل أن يستدرك أن هناك "فرق عميق بين هذا، وأن تترك تدبير الشأن العام بشكل نهائي". وجوابا على سؤال مقدم البرنامج بخصوص مرجعية الحزب الذي يقود التجربة الحكومية الراهنة، أفاد بنكيران أن حزبه لا يعتبر نفسه حزبا إسلاميا، بل حزبا سياسيا بمرجعية إسلامية، معتبرا أن " كل الأحزاب السياسية في المغرب تقبل بالدستور الذي ينص على الإسلام دينا للدولة"، ولذلك "لا يمكن أن ندعي أننا حزب إسلامي"، على حد تعبير بنكيران. ولدفع اتهامات البعض لحزبه بعضويته في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، أورد رئيس الحكومة أن "العدالة والتنمية حزب مغربي أصيل، مستقل النشأة والمسار والاجتهادات، ولا علاقة له على الإطلاق بأية جهة خارجية في الكون"، مستدركا بأن "ذات الخصوصية لا تنفي وجود علاقات طيبة لحزبه مع الناس بالخارج، ومع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ومع غير المسلمين". "لا يمكن أن تكون لك بيئة خاصة، وتعكس مسار جهات خارجية"، يقول بنكيران الذي زاد قائلا "طبخنا توجهاتنا على مهل"، "والحكومة وسيلة لخدمة البلد للمساهمة مع الآخرين في خدمة وطننا، وليس حقا أنزله الله لك دون غيرك لتصارع من أجله"، يورد رئيس الحكومة. المغاربة صبروا على قرارات الحكومة وكان اللقاء التلفزي مع بنكيران، الذي اختار الإطلالة على الجمهور الخليجي عبر قناة "المجد" السعودية، مناسبة لرئيس الحكومة للحديث عن حزمة التدابير التي اتخذتها منذ توليها مسؤولية تدبير الشأن العام بالمغرب، متطرقا في هذا السياق إلى سياسة التقشف التي ركز عليها مشروع قانون المالية للسنة المقبلة. وفي هذا الصدد قال رئيس الحكومة "لا يمكنك أن تتخذ إجراءات تعجب الجميع، وربط الحزام جزء من إجراءات تحاول تسهيل الحياة على المغاربة، كما ترمي إلى إعادة التوازنات الماكرو اقتصادية للبلاد". واسترسل بنكيران بأن "هذه التدابير تهدف أساسا إلى إعادة التوازن للمجتمع المغربي، لأن الأقوياء نالوا نصيبهم، وبقيت فئة فقيرة تعيش في البوادي وأحزمة الفقر"، مؤكدا أن "المواطن المغربي تقبل هذه الإجراءات، وتحمل، وصبر، رغم الآثار السلبية عليه"، على حد قول رئيس الحكومة. ومن جانب آخر، عاد بنكيران من خلال البرنامج إلى "مغازلة" زوجته، معتبرا أن "أخطار مغادرة بيت الزوجة أخطر من مغادرة بيت الحكومة"، متابعا "لازلت أسكن بيت زوجتي، ولم أنتقل بعد لبيت رئاسة الحكومة"، قبل أن يردف بأن "وقت السياسية قصير، لأن "البقاء لله، والمهم أن تنجز أكبر قدر من المنجزات لبلدك"، وفق تعبير بنكيران.