بعد أزمة سياسة كبيرة، بطلها شخص يدعى رئيس الحكومة، مع محبتي و احترامي له، وبعد طول انتظار، جاءت حكومة بنكيران في نسختها الثانية، بحليف جديد يطلق عليه التجمع الوطني للأحرار، ليعوض حليف قديم في حكومة لم تحقق المطلوب في سنتين، يدعى حزب الاستقلال، حرج شباط ومن معه...ودخل مزوار ومن معه. يوم واحد بعيد تعيين الحكومة الجديدة، ودخول الوزراء الجدد القفص الحكومي، إن صح التعبير، جاء خطاب ملكي واضح وهادف كسابقه في ذكرى ثورة الملك والشعب...خطاب حمل في طياته كما يعرف المغاربة جملة من التوجيهات الصارمة، والتعليمات الملكية النيرة. وفي ظل تعيين حكومة جديدة، وخطاب ملكي عرف انتباه الجميع، كان من درس الاقتصاد والمالية وغيرهما من العلوم الاقتصادية، يستعدون لإطلاق مشروع قانون المالية...مشروع قيل أنه سيأتي بأشياء جديدة، لكن قبل أن نتكلم عن هذا المشروع الذي جاء بين يدي ممثلي الأمة الأسبوع الماضي، يجب أن نتكلم عن تنصيب حكومي، ونطرح عديد الأسئلة والتساؤلات التي تشغل بال من يقرأ صفحات الجرائد يوميا. هل هذه الحكومة قانونية ؟ هل هذه الحكومة دستورية ؟ هل هذه الحكومة منصبة ؟ طبعا لا وألف لا.... اذا قرأنا دستور الفاتح يوليوز، الذي صوت له المغاربة بنسبة عالية، ومنهم من يقول اليوم "أنا لست جديد" هناك فصل واضح يحمل من الأرقام 88 يقول بالحرف الواحد : "بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه. ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به، في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية. يكون البرنامج المشار إليه أعلاه، موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين، يعقبها تصويت في مجلس النواب. تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي" وهذا ما حدث فعلا، يوم 10 أكتوبر...تم تعيين أعضاء حكومة جدد من طرف جلالة الملك، اذن يتعين من يقول اليوم "أنا لست جديد" أن يقدم برنامج حكومي جديد متوافق عليه بالأغلبية الجديدة...أتذكر عند أول جلسات البرلمان في هذه الدورة عندما كنت جالسا على مقربة من السيد الرئيس عبد الله بوانو (رئيس فريق العدالة و التنمية) عندما سرد درسا تاريخيا، وقال أن حكومة اليوسفي عين فيها وزراء جدد، نفس الأمر في حكومة جطو و الفاسي، ولم يقدم الوزير الأول طبقا لدستور قبل 2011 تصريحا حكوميا، كما هو مطالبا اليوم.... سيدي الرئيس أقول لك أن اليوم هناك طرف جديد في الأغلبية التي يقودها حزبكم، سيدي الرئيس، أقول لك أن حليفكم الحالي وخصمكم السابق، كان معارضا للبرنامج الحكومي، الذي قدمه السيد رئيس الحكومة يوم 26 يناير من العام 2012، أذن أطرح السؤال، كيف يمكن أن يكون التجمع الوطني للأحرار معارضا لبرنامج حكومي و اليوم هو موافق عليه...لا أريد أن أتهم الأحرار بالنفاق السياسي والسعي وراء الحقائب الوزارية، لأنني لم أعلم ماذا حدث في مشاورات بنكيران وصديقه الحالي (خصمه السابق) صلاح الدين مزوار...من كل ما سبق، فإن الحكومة غير منصبة...وغير قانونية ولا دستورية. بعد هذا النقاش والسجال الدستوري والسياسي العميق، سأتحدث عن مشروع قانون المالية لسنة 2014، والذي كنت مرة أخرى قريبا من السيد وزير الاقتصاد والمالية في قبة البرلمان، عندما بسط المضامين الكبرى لهذا المشروع، وتحدث عن أعمدته الأربعة الكبرى، ولم أتفاجئ عندما قال أن هذا المشروع يأتي طبقا للتعليمات الملكية السامية الواردة، في الخطابين الأخيرين لجلالة الملك، بل فاجئني السيد الوزير المحترم، عندما أكد أن هذا المشروع منبثق من البرنامج الحكومي، وهنا سأعود الى سؤالي السابق حول توافق الأحرار حول هذا البرنامج، وأطرح السؤال : هل السيد وزير الاقتصاد والمالية المعروف بمحبته ومودته للتجمع الوطني للأحرار، أصبح مصوتا لهذا البرنامج الحكومي بين عشية وضحاها ؟ رغم أنه لم يكن منتمي للأحرار خلال تقديم هذا البرنامج الحكومي، لأنه كان واليا على جهة البيضاء الكبرى...أذن هنا يتجددالعنوان: ما بني على باطل فهو باطل...ومشروع قانون المالية بني على برنامج حكومي يعتبر باطلا اليوم بعد إعادة الهيكلة الحكومية...اذن وبلغة الرياضيات من 1 و 2 نستنتج أن مشروع قانون المالية لسنة 2014 والذي قدم، أمام ممثلي الأمة يومه الأربعاء الماضي فهو باطل يا سيدي رئيس الحكومة المحترم. كل ما سبق هو شق سياسي فقط، أما الشق التقني...وسأبدأ بالعماد الأول والذي يهم رفع النمو من خلال الاستثمار...كيف يمكن أن نقول كلمة الاستثمار والحكومة جمدت 15 مليار درهم السنة الماضية...كيف نقول كلمة الاستثمار والاعتمادات الخاصة بالاستثمار العمومي انخفضت مقارنة مع سنة 2012....كيف سنبني الطرق والمستشفيات....والمدارس، خصوصا وأن الملك كان واضحا يوم 20 غشت الماضي...البقية تعرفونها. المقاولات، وما أدراك ما المقاولات، الكل يعرف الصراع الذي نشب بين الحكومة وأرباب المقاولات العام الماضي، الحكومة لا تدعم المقاولات وتنتظر معدلات منخفضة في البطالة، هذه الأخيرة، لقد صدمت عندما سمعت عدد المناصب المالية برسم 2014، كيف يمكن أن نخفض معدل البطالة، والحكومة تخفض عدد المناصب المالية، ما أحوج شبابنا المغاربة الى فرص الشغل، لقد سئمنا من عروض العاطلين يوميا أمام قبة البرلمان، ومرة أخرى فإن مشروع قانون المالية يحمل توجهات صادمة وعلى غرار السنة الماضية، فإن هذا المشروع لا يتماشى مع مسعى بلادنا نحو تفعيل مقتضيات الدستور كما هو واضح في العماد الرابع لهذا المشروع، كيف هذا وأبرز مثال مرة أخرى هو غياب أي جواب مالي حول تفعيل الأمازيغية كرصيد لكل المغاربة ولغة رسمية للبلاد، طبقا للمادة الخامسة من الدستور المغربي. ودائما عندما نتحدث عن المال، نتحدث عن عدد من المشاكل مثل التضخم وعجز الميزانية، وخصوصا عجز الميزان التجاري، من يعرف جيدا دواليب الاقتصاد يعرف جيدا أن الميزان التجاري يساوي الصادرات – الواردات، وبما أن الأخيرة تفوق الأولى، فإن المغرب يعاني من عجز في الميزان التجاري، فلماذا الحكومة لا ترفع من القيمة الضريبية على القيمة المضافة للواردات من أجل تفاقم هذا العجز، هناك عدد من الاقتراحات التي يمكن أن تفيد المغرب في ما يتعلق بالمالية العمومية، ويبقى أهم اقتراح أوجهه للحكومة، هو أن تخلق المقاربة التشاركية وخلق الحوار البناء، بمشاركة جميع القوى الحية الاقتصادية، من أجل الحلول الناجعة، ويبقى اشراك المعارضة البرلمانية من خلال أخد تعديلاتها بعين الاعتبار، على خلاف ما عملت به الحكومة السنة الماضية، لأن الديموقراطية وحسب تعريف بسيط "الرأي والرأي الأخر"، بل أكثر من هذا وذاك فإن الله عز وجل يقول في كتابه الحكيم : "وبشر عبادي أن يستمعوا القول فيتبعوا أحسنه" صدق الله العظيم. أتمنى أن يصل كل حرف وكلمة مما سبق الى السيد رئيس الحكومة المحترم، وفريقه الحكومي المحترم مع محبتي...