بدعوة من لجنة البندقية التابعة للمجلس الأوربي، شارك مجموعة من الأساتذة الباحثين من المغرب باسم الجمعية المغربية للقانون الدستوري في أشغال الورشة الموضوعاتية التي ناقشت موضوع "الأحزاب السياسية: عوامل رئيسية في التنمية السياسية للمجتمعات الديمقراطية"، وذلك أمس واليوم، بكلية الحقوق بجامعة بوخاريست عاصمة رومانيا. ويشارك في هذه الندوة العلمية كل من الدكتور عبد الرحيم منار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية، والدكتور ميلود الوكيلي، أستاذ القانون الدولي، والأستاذ عبد الواحد الأنصاري، نائب رئيس مجلس النواب، والدكتور أحمد مفيد أستاذ القانون الدستوري بجامعة فاس. وفي مداخلته حول موضوع "الإطار القانوني للأحزاب السياسية بالمغرب"، استعرض مفيد التطور التاريخي للأحزاب السياسية بالمغرب قبل الاستقلال، وأكد على أن المغرب اختار منذ استقلاله عن الاستعمار الفرنسي، مبدأ التعددية السياسية، ونص على ذلك في قانون الجمعيات الذي يشكل جزء أساسيا من ظهير الحريات العامة عام 1958. وتناول مفيد كيف تناول المشرع الدستوري مبدأ الحرية في تأسيس الأحزاب السياسية في أول دستور عرفته المملكة المغربية سنة 1962، مسجلا الدور الذي قامت به بعض الأحزاب السياسية إلى جانب المؤسسة الملكية في التطور الدستوري والسياسي الذي عرفه المغرب. وتطرق المحاضر ذاته إلى قانون الأحزاب السياسية لسنة 2006، ووقف على أهم مظاهر الحرية في هذا القانون، كما أشار إلى أبرز نقط ضعفه والثغرات التي اعترته، ومدى انسجام مقتضياته مع المعايير الدولية، وخصوصا المبادئ التوجيهية التي وضعتها لجنة البندقية. ووقف مفيد عند التجربة المغربية في الإصلاح الدستوري والقانوني، في ظل ما أصبح يعرف بالربيع العربي، مشيرا إلى الدور الذي لعبته حركة 20 فبراير، والتجاوب الملكي المعبر عنه في خطاب 9 مارس، وما أسفر عنه الإصلاح من إقرار دستور جديد يتضمن العديد من المقتضيات التي تؤسس لدولة القانون، والتي تتعلق أساسا بالحقوق والحريات ولمبدأ فصل السلط، واستقلال السلطة القضائية ومبادئ الحكامة الجيدة وآليات الديمقراطية التشاركية. وبسط مفيد، بالدراسة والتحليل، مقتضيات الفصل السابع من دستور 2011، والمتعلق بالأحزاب السياسي، حيث ركز على تحليل مقتضيات القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، والذي صدر تنفيذا للدستور المغربي الجديد، كما تناولت المداخلة قرار المجلس الدستوري المتعلق بهذا القانون التنظيمي. وعرجت مداخلة الأستاذ الجامعي على تحليل مسطرة وإجراءات تأسيس الأحزاب السياسية، ومدى احترامها وضمانها لمبدأ الحرية في التأسيس، كما تناول كيف استطاع المشرع المغربي فرض مجموعة من المقتضيات التي تستهدف دفع الأحزاب السياسية لأعمال الديمقراطية الداخلية، ودعم التمثيلية السياسية للنساء والشباب. وتطرق مفيد لتمويل الأحزاب السياسية، والرقابة القضائية التي تمارس عليها سواء من قبل المحكمة الإدارية بالرباط أو المحاكم العادية أو المجلس الأعلى للحسابات، قبل أن يقدم مجموعة من المقترحات الهادفة لتحسين جودة الإطار القانوني للأحزاب السياسية والممارسة السياسية، وذلك بهدف ضمان نجاح الانتقال الديمقراطي بالمغرب، والذي لا يمكن أن يكون إلا عن طريق أحزاب قوية وديمقراطية.