وجه عبد القادر الشاوي، سفير المغرب سابقا في الشيلي، انتقادا شديدا إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي ترأسه أمينة بوعياش، بسبب عدم رده على استفزازات الناشطة الانفصالية سلطانة خيا، كما أبدى تحفظه على الطريقة التي رد بها السفير المغربي لدى الأممالمتحدة عمر هلال، معتبرا أن المغرب يجب أن يرد ب"طرق أكثر إقناعا". وتساءل الشاوي في ندوة حول تحديات الدبلوماسية الحقوقية بالمغرب، نظمها فريق البحث في الأداء السياسي بكلية الحقوق السويسي بالرباط، "لماذا قام الممثل المغربي لدى الأممالمتحدة لوحده بالرد على هذه النازلة؟ ألا يمكن أن يتصدى لها المجلس الوطني لحقوق الإنسان كذلك بالشكل الذي يراه مناسبا؟". وأضاف أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان لديه اثنتي عشرة لجنة جهوية لحقوق الإنسان، منها اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الساقية الحمراء التي توجد في نطاقها الترابي مدينة بوجدور حيث تقطن الناشطة الانفصالية سلطانة خيا. وذهب الدبلوماسي المغربي السابق إلى القول إن عدم الرد على استفزازات سلطانة من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، "هو من النواقص التي تثير الاستفزاز "، معتبرا أن المجلس "أخلّ بدوره في المواجهة المطلوبة، لا سيما وأنه هو جهة الاختصاص للرد على مثل هذه النوازل". واستحضر الشاوي قيام السفير المغربي لدى الأممالمتحدة عمر هلال بعرض صورة للانفصالية سلطانة خيا في مؤتمر صحافي وهي ترتدي زيا عسكريا وتحمل بندقية كلاشينكوف، للتأكيد على تنافي سلوكها مع المبادئ التي تؤطر عمل النشطاء الحقوقيين. وقال إن لجوء السفير المغربي إلى عرض صورة سلطانة خيا وتوجيه رسالة في الموضوع إلى المفوض الأممي المكلف بحقوق الإنسان، "لم تُمله فقط استفزازات الناشطة الانفصالية، بل إنه كان مرتبطا أيضا بالرد على البيان التحريضي الذي أصدرته مؤسسة روبين كينيدي، الذي دعت فيه المفوض الأممي لحقوق الإنسان لإيفاد لجنة تحقيق إلى الصحراء المغربية للتحقيق في ادعاءات الناشطة الانفصالية بالاعتداء عليها وانتهاك حقوقها من طرف السلطات المغربية". وأضاف الشاوي أن المنظمة الأمريكية تسعى إلى التحريض ضد المغرب، موضحا أن البيان الذي أصدرته بشأن الناشطة الانفصالية سلطانة خيا، "يتسم بنوع من التسليم الغريب بصدقية ادعاءاتها، وهذا ليس من قواعد نشطاء حقوق الإنسان في العمل". وتابع بأن الموقف الذي عبرت عنه منظمة روبين كينيدي، "هو موقف متحيز من المنظمة التي ترفع راية حقوق الإنسان، في صراع إقليمي يتعلق بالصحراء المغربية، وتستعمل التحيز لكيل الاتهامات للمغرب انطلاقا من مواقف مسبقة، وفي المقابل تكيل المديح للطرف الآخر (جبهة البوليساريو)، الذي تعتبره تحرريا ويسعى إلى إقامة نظام خاص". وشدد الدبلوماسي المغربي السابق على أن الموقف الحقوقي الطبيعي، "يجب أن يقوم على الحياد، وهذا لا يتحقق في غالب الأحيان من طرف المنظمة الأمريكية وغيرها من المنظمات التي تنهج هذا الأسلوب في الترافع، وهو ما يجعلها تنفي عن نفسها، تلقائيا، صفتها الحقوقية ويُسقط المصداقية على ما تدّعيه". وواصل المتحدث قائلا: "لا يتعلق الأمر بانحياز إلى الطرف الآخر (البوليساريو) فحسب، بل باستهداف قصدي واستعداء الدول والمؤسسات، وتسويد صحائف الطرف المستهدف، الذي هو الدولة المغربية". وعلى الرغم من أن الشاوي اعتبر الرد المغربي على استفزازات الناشطة الانفصالية والمنظمة الأمريكية الداعمة لها، "كان ردا منطقيا ومشروعا في عمومه"، إلا أنه أبدى تحفظه على الطريقة التي تم بها ذلك، موردا أنه "ربما كان من الأفضل أن يكون الرد أشمل، لا سيما وأن هذه السيدة تسكن في مدينة بوجدور ومعروفة بمناصرة الانفصال، وسبق لها أن تواجهت مع القوات العمومية في عدد من المواقع". ونبه الدبلوماسي السابق إلى أن الصورة التي عرضها السفير عمر هلال أمام الصحافيين كان يمكن أن تكون مفبركة، ما سيضع الدبلوماسية المغربية في موقف محرج ويقلل من مصداقية دفوعاتها. وتساءل: "هل يكفي رفع صورة لناشطة ترتدي زيا عسكريا لنقول إن هذا يتعارض مع النشاط الحقوقي العام؟"، وأجاب: "ممكن، ولكن يمكن أن نتساءل: ألا يمكن أن تكون الصورة مفبركة؟ وقد حدث ذلك في أحداث اكديم إزيك، حيث نشرت وسيلة إعلام إسبانية صورة لجرائم قتل أطفال من مخيم في سوريا وقالت إنها مأخوذة من المعسكر الذي أقامه انفصاليون في العيون، ورفع المغرب دعوى قضائية ضدها"، مضيفا: "كان ممكنا أن يتم التصدي للأمر بما لا يوقع في خطأ شنيع، وهو أن يظهر أنّ الصورة مفبركة". من جهة ثانية، شدد السفير المغربي السابق على أن نجاعة الدبلوماسية الحقوقية المغربية، "تقتضي تعزيز منظومة حقوق الإنسان داخليا"، وأن المغرب "لا يمكنه أن يصرف مواقف وطنية على الصعيد الخارجي إلا بالالتزام بمقتضيات الدفاع عن حقوق الإنسان وتقوية البناء الديمقراطي".