خلال شهر مايو الماضي، كانت الباحثة المغربية نعيمة أبطوي من بين 15 باحثة، يمثلن القارات الخمس، اللواتي حصلن على منحة "لوريال-يونسكو"، في مقر جامعة السوربون بالعاصمة الفرنسية باريس، لتمويل أبحاثهنّ المستقبلية، في مجالات عدّة. المِنحة التي حصلت عليها الدكتورة نعيمة أبطوي، الحاصلة على شهادة الإجازة في البيولوجيا من كلية العلوم التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، وعلى ماستر في «Biotechnologie alimentation et santé»، من كلية الصيدلة بجامعة غرناطة الإسبانية، تخصص علم الجراثيم، التي حصلت فيها أيضا على شهادة الدكتوراه، قرّرت أن توجّهها نحو الانكباب على إنقاذ المغاربة الذين يعانون من مرض طفيليّ خطير ومُعدٍ اسمه "الليشمانيوز"، لكنّ منحة لوريال-يونسكو، لا تكفي لوحدها للقضاء على هذا الداء. الحاجة إلى دعْم تقول الدكتورة نعيمة أبطوي إنّ المنحة التي حصلت عليها من طرف "لوريال-يونسكو" جاءت بسبب أهمّية بحثها، الذي كان حول خطورة وتفشي مرض الليشمانيوزفي المغرب، ودعما لها على إكمال مشروع البحث، الذي ستباشره بمدينة الدارالبيضاء، أواخر شهر أكتوبر الجاري، وكذا تمويل تنقلاتها بين إسبانيا حيث حصلت على الدكتوراه، في كلية الصيدلة شعبة الطفيليات، التي وفرت لها كل التقنيات العلمية، والتي تعتبر من أهمّ المراكز العلمية في إسبانيا وأوربا، لتطبيقها في المغرب، "ولكن من أجل إنجاح هذا المشروع والحصول على النتائج المتوخاة، أحتاج الى دعم من وزارة الصحة من أجل توفير ظروف العمل وكل التفاصيل اللوجستيكية في كل مراحل هذه الدراسة"، تقول نعيمة أبطوي. أهداف مشروع البحث تتمثّل أهداف المشروع الذي ستباشر الدكتورة نعيمة أبطوي الاشتغال عليه خلال الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر الجاري، مع فريق الأستاذة مريم الرياض من كلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء، شعبة علم الطفيليات، والتي ستضمّ مختبر أبحاثها، بالتنسيق مع وزارة الصحة، في تحديد عوامل خطر الإصابة عند الإنسان (الشخصية، الديموغرافية، الاجتماعية والاقتصادية) والبيئية (المناخية والإيكولوجية) لليشمانيا الجلدية بواسطة نوع الليشمانيا طروبيكا(Leichmania Tropica) ، واقتراح تدابير وقائية لوزارة الصحة للحد من المرض. وسيشمل البحث ضواحي مدينة الدارالبيضاء (برشيد وبوسكورة)، ومدينة سطات (البروج). وعن دواعي اختيارها لهذه المناطق بالتحديد، قالت نعيمة أبطوي، إنّ ذلك راجع لكون مدينة سطات سجلت حالات عديدة لداء الليشمانيوز، وتعتبر بؤرة لهذا الوباء، بينما وقع الاختيار على مدينة الدارالبيضاء الكبرى نظرا لكِبرها ولكونها المدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان، وتعرف هجرة كبيرة من مختلف المناطق، مما يساهم في نشر الوباء. وأضافت أنّ نتائج البحث، وإن كان سيجرى في الدارالبيضاءوسطات، سيستفيد منه كل الساكنة المصابة في كل أرجاء المغرب، وستُعمَّم نتائج الأبحاث والتدابير اللازم اتخاذها للحدّ من هذا الداء على كل مناطق المملكة. بحث عن دواء لداء يطال 5000 نسمة الأبجاث التي ستقوم بها نعيمة أبطوي، تهمّ داء الليشمانيوز الجلدي، والذي يعتبر أكثر أنواع هذا الداء انتشارا في المغرب، ويتواجد في وسط وجنوب المملكة، حسب إحصائيات وزارة الصحة، التي تفيد، حسب أبطوي، أنّ عدد الحالات المسجّلة في بعض المناطق تصل إلى 5000 حالة، وتضيف أنّ الداء يعرف نموّا متزايدا في أعداد الحالات، وانتشارا واسعا في السنوات الأخيرة. وسيشمل البحث القيام بدراسة ميدانية على الذبابة الحاملة لجرثوم الليشمانيا (الفليبوتوم)، لمعرفة نوع الذبابة المسبّبة للمرض في كل مدينة موضوع البحث، وذلك من خلال التقاط "الفليبوتوم"، والتعرف على أنواعه في المناطق القروية التي تفتقر إلى تغطية صحية، وكذلك القيام بدراسات استقصائية من خلال إحصائيات وسؤال الأهالي والساكنة المصابة التي تعاني من هذا المرض، والاتصال بالمستشفيات والمستوصفات للوقوف على الحالات المسجلة، وكذا تنظيم حملات توعية للمواطنين والساكنة لتجنب الإصابة وسبل الوقاية والعلاج. رسالة إلى وزير الصحّة تقول نعيمة أبطوي، إنّ وزارة الصحة تدرك أهميّة الدراسة التي ستقوم بها، نظرا لخطورة داء الليشمانيوز المُعدي، وهو ما يؤكّده قيامها (الوزارة) بحملة توعية للمواطنين لشرح طرق الوقاية من هذا الدّاءِ وسُبل انتشاره وكذا الحدّ منه، وأضافت "لذلك أتمنّى أن توفّر لي وزارة الصحّة ولفريق عمل كلية الطب بالدارالبيضاء، الذي سأشتغل معه، المساعدة اللازمة والدعم اللوجستيكي في الدراسة الميدانية التي سأقوم بها إن شاء الله، خصوصا وأنّ الدراسة تدعمها وترعاها مؤسسة اليونسكو". وناشدت أبطوي المسؤولين، وعلى رأسهم وزير الصحة، تشجيع البحث العلمي واستغلال النتائج المحصل عليها من خلال البحوث، متمنّية أن توفر لها الوزارة ظروف العمل الملائمة لإنجاح مشروعها". وبخصوص ما إن كانت ستستقرّ في المغرب، أم في أوربا، خصوصا بعد حصولها على دكتوراه أوربية في تخصص الأمراض الجرثومية، قالت "حاليا أدرس فرصة عمل كباحثة مع مؤسسة دولية وعرْضِ عمل بالمغرب، وكل الاحتمالات مطروحة، أنا متحمسة لفكرة الاستقرار ببلدي، ونقلِ المعرفة المكتسبة ومقاسمة خبرتي للمتعطشين، وتشجيع التعاون والبحث العلمي مع الأخرين".