تستعد الحكومة لإخراج مشروع قانون المسطرة الجنائية إلى حيز الوجود، بعد سنوات من النقاش بين مختلف الفاعلين في قطاع العدالة بشأنه. وحسب ما صرح به وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في حوار مع هسبريس، فإن مشروع قانون المسطرة الجنائية، الذي يرتقب إعلانه قريبا، يروم توفير ضمانات المحاكمة العادلة، من خلال التنصيص على عدد من المقتضيات الجديدة، أبرزها حضور المحامي في مخافر الشرطة أثناء مرحلة البحث التمهيدي. ويرى عدد من الحقوقيين في المغرب أن من شأن التنصيص على حضور الدفاع خلال مرحلة البحث التمهيدي أن يعزز ضمانات المحاكمة العادلة. في هذا الصدد أوضح العربي تابت، الكاتب العام للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، في تصريح لهسبريس، أن "الحق في الدفاع هو أحد أعمدة وضمانات المحاكمة العادلة"؛ ويرى أن "المحاكمة تبدأ بشكل أساسي من لحظة الاعتقال، ما يستدعي مواكبتها من طرف الدفاع". وشدد تابت على ضرورة حضور الدفاع خلال مرحلة البحث التمهيدي، "ما سيعطي مصداقية لمحاضر الشرطة، خاصة أن المادة 290 من قانون المسطرة الجنائية الحالي تنص على أن 'المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية، في شأن التثبت من الجنح والمخالفات، يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل الإثبات'". وأشار الكاتب العام للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى أن "عدم حضور الدفاع خلال مرحلة البحث التمهيدي يفتح الباب أمام ادعاءات التعذيب وانتزاع الاعترافات تحت الإكراه"، لافتا إلى أن "من شأن حضور المحامي أن ينهي هذا الجدل"، وإلى أن "حضور الدفاع في جلسات التحقيق ستتم في احترام تام للسرية، مع ضمان سرية التخابر بين المحامي وموكله". كما سجل تابت أن "عدم حضور الدفاع في مرحلة البحث التمهيدي يثار دائما ضد المغرب في جلسات الاستعراض الدوري الشامل"، معتبرا أن "التنصيص على هذا المقتضى في قانون المسطرة الجنائية المقبل سيحسن من صورة البلاد على مستوى حقوق الإنسان". من جهتها، تؤكد فاطمة مرضي، عضو هيئة المحامين بالرباط، في تصريح لهسبريس، أن "التنصيص على حضور المحامي في مشروع قانون المسطرة الجنائية يشكل ضمانة أساسية للموقوفين"، وأضافت: "في أحيان كثيرة ينفي المتهمون خلال عرضهم على قاضي التحقيق أو النيابة العامة ما ضمن في محاضر الشرطة، كما يزعم البعض تعرضهم للتعذيب، وحينما نطالب بالعودة إلى الكاميرات من أجل التأكد من صحة الادعاءات لا نجدها"، مشيرة إلى أن "من شأن حضور المحامي أن ينهي هذا الإشكال". ولفتت المتحدثة ذاتها الانتباه إلى أن "محاضر الشرطة القضائية لن ينازع فيها أحد إذا تم فتح الباب للمحامين من أجل الحضور خلال مرحلة البحث التمهيدي"، مسجلة أن "هذا الإجراء سيكون له صدى إيجابي على صورة حقوق الإنسان بالمغرب، وسيجسد ركيزة أساسية من ركائز المحاكمة العادلة". جدير بالذكر أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان كان بدوره أوصى، في تقريره برسم سنة 2020، بمراجعة قانون المسطرة الجنائية، بما يعزز الضمانات القانونية والقضائية للمحاكمة العادلة، وخاصة توسيع حضور الدفاع خلال مرحلة البحث التمهيدي منذ لحظة الإيداع رهن الحراسة النظرية، وإرساء استعمال وسائل التسجيل السمعية البصرية أثناء تحرير محاضر الشرطة القضائية.