تلعب دور الطلبة البالغ عددها حوالي 100 دار، والمنتشرة بأقاليم جهة درعة تافيلالت، دورا مهما في محاربة الهدر المدرسي والنهوض بتمدرس تلميذات وتلاميذ الجماعات الترابية القروية. وهي تعتبر بنية اجتماعية تمكن المنظومة التربوية بالجهة من الاضطلاع بمهامها على النحو المطلوب. المؤسسات الاجتماعية ذاتها توجد منها 15 دارا للطلبة بإقليم الرشيدية يستفيد منها 1174 تلميذا، ضمنهم 260 تلميذة، و8 مؤسسات بإقليم الرشيدية يستفيد منها 695 تلميذا وتلميذة، و48 مؤسسة بإقليم زاكورة يستفيد منها 3019 تلميذا وتلميذة، و14 مؤسسة بإقليم ورزازات يستفيد منها 1650 تلميذا وتلميذة، و17 مؤسسة بإقليم تنغير يستفيد منها 1259 تلميذا وتلميذة، وفق الإحصائيات التي أعلنتها وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية سنة 2015. الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات الاجتماعية لفائدة التلاميذ القاطنين بالعالم القروي، وما تتطلبه هذه الخدمات من مجهودات كبيرة، سواء من إدارة المؤسسات والأطر العاملة بها، تصطدم بأجور جد ضعيفة لم تصل الحد الأدنى للأجور، حسب تصريحات عدد من العاملين بمجموعة من دور الطلبة. مستخدمون غير معترف بهم تعيش نسبة كبيرة قد تصل إلى 90 في المائة من العاملين بدور الطلبة بأقاليم جهة درعة تافيلالت خارج الإطار القانوني لمدونة الشغل، إذ أن هؤلاء العاملين أغلبهم غير مصرح بهم في صندوق الضمان الاجتماعي من قبل المشغلين، حسب تصريح لسيدة تدعى نعيمة تعمل طباخة بدار للطالبات بإقليم تنغير. وأضافت المتحدثة ذاتها أن "لا أحد من العمال في عدد من هذه المؤسسات مصرح به، وبالتالي هم عمال غير معترف بهم وخارج إطار القانون"، مشيرة إلى أن عدم التصريح بالأجراء في صندوق الضمان الاجتماعي يجعلهم لا يستفيدون من التقاعد ومن التعويض عن الأمراض والحوادث. وأكدت أن مفتشيات الشغل تتحمل مسؤوليتها في هذا الإطار، خاصة أنها على علم بهذا الواقع. ما صرحت به هاته السيدة كرره إطار بدار للطلبة بإقليم زاكورة، يدعى حميد، حيث أكد أن العاملين بالمؤسسات الاجتماعية "محكورين". وأضاف أن بقاء العديد من الأشخاص في عملهم هذا ليس حبا في المال أو العمل، بل من أجل مستقبل المستفيدين من خدمات هذه المؤسسات. وأكد المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن الوزارة الوصية على قطاع الشغل والقطاع المكلف بمراقبة الشغل ومدى احترام ضوابط مدونة الشغل على علم بأن الآلاف من هؤلاء العمال، الذين يعتبرون المحرك الأساسي لدور الطلبة، غير مصرح بهم في صندوق الضمان الاجتماعي، والتمس فتح تحقيق في ملفات المئات من هذه المؤسسات ابتداء من سنة 2010 للتأكد بأن صندوق التقاعد وصندوق التعويض عن الأمراض والحوادث لا توجد بهما أسماؤهم. مصدر من مفتشية الشغل بإقليم ورزازات أوضح أن هذه المفتشية ومعها مفتشيات الشغل بالجهة لم يسبق لها أن توصلت بشكاية من العمال المتضررين من عدم التصريح بهم، مؤكدا أن لا علم لوزارة الشغل أو مديرياتها الإقليمية بوجود عمال غير مصرح بهم، خاصة في هذه المؤسسات الاجتماعية، والتمس من جميع المتضررين من عدم التصريح التوجه إلى المديريات الإقليمية للشغل قصد وضع شكاياتهم في الموضوع لاتخاذ الإجراءات المناسبة. أجور زهيدة تعيش فئة من العاملين بدور الطلبة ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، التي غالبا ما يتم تسييرها من قبل جمعيات مدنية، ظروفا معيشية صعبة، نتيجة تقاضيهم أجورا زهيدة، لا تتناسب مع القدرة الشرائية لهؤلاء العمال، خاصة مع ارتفاع أسعار السلع والمواد الأساسية. ما بين 600 و2000 درهم هي أجور العمال داخل غالبية دور الطلبة بأقاليم جهة درعة تافيلالت، وهي أجور زهيدة مقارنة بساعات العمل والخدمات التي يقدمها هؤلاء العمال، من حراس ومكلفات بالطبخ والنظافة والتربية، مما يجعل فتح تحقيق في قضية هذه الفئة من قبل القطاعات الحكومية المعنية أمرا ملحا، حسب تصريحات العديد من النشطاء الحقوقيين. وفي هذا الإطار، تقول مربية بإحدى دور الطالبات بإقليم زاكورة إن العمل الذي يقوم به عمال هذه المؤسسات الاجتماعية شاق، وما يزيد في قساوته هي الأجور الزهيدة والمتدنية، مؤكدة أن إدارات دور الطلبة يهددون بالطرد كل من يحاول المطالبة بالرفع من الأجر "لأننا في الواقع غير معترف بنا"، وفق تعبيرها. وأضافت المتحدثة ذاتها أن الأجور التي يتلقاها عمال دور الطلبة زهيدة جدا، وأن الكثيرين منهم يعانون ماديا ومعنويا بسبب هذه الأجور وغلاء المعيشة، مشيرة إلى أن عدم التصريح بالعديد منهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي أضاع عليهم الحق في الحصول على تعويضات جائحة "كورونا". وتابعت قائلة إن "إدارات هذه المؤسسات تواجه العمال بكلمة واحدة: "اللي ماعجبوش الحال الله يعاونو" لأننا غير مصرح بنا". منح التعاون الوطني تعيش العديد من دور الطلبة بأقاليم جهة درعة تافيلالت (زاكورة، ورزازات، تنغير، الرشيدية، ميدلت) أزمة وتراكما للديون بسبب التأخر الحاصل في صرف منح التعاون الوطني لفائدة الجمعيات المسيرة لهذه المؤسسات الاجتماعية. وحسب المعلومات التي استقتها جريدة هسبريس الإلكترونية من أكثر من 20 مؤسسة، فإن التأخر الحاصل في صرف المنح إلى حدود كتابة هذه السطور أدخلها في أزمة حادة وأغرقها في الديون، كما تسبب أيضا في التأخر في تسوية الوضعية المالية للأجراء. وكشفت مصادر متطابقة أن التأخر الحاصل في صرف المنحة على وشك إعلان إفلاس هذه المؤسسات وإغلاق أبوابها أمام المئات من التلاميذ والتلميذات، الأمر الذي يجعل صرف المنح في أقرب وقت ضروريا، مشيرة إلى أن السلطات المحلية بمختلف مناطق الجهة أنجزت تقارير عن وضعية هذه المؤسسات والعاملين بها. وبخصوص صرف المنح، أوضح مسؤول بالمندوبية الجهوية للتعاون الوطني بدرعة تافيلالت، في تصريح هاتفي لهسبريس، أن هناك تأخرا في صرف المنح المالية لفائدة الجمعيات المسيرة لدور الطلبة بسبب مشكل تقني، مشيرا إلى أن التأخر لا يهم فقط هذه الجهة، بل المغرب عموما. وأكد المسؤول ذاته أن صرف المنح المالية سيتم في غضون الأسابيع المقبلة على المستوى الوطني، مضيفا أن الجميع ينتظر هذه المنح لتأدية أجور العمال وأداء ما بذمة إدارات المؤسسات الاجتماعية من ديون تهم السلع والمشتريات الأخرى. وفيما يتعلق بقضية الأجور الزهيدة للعاملين بهذه الدور وعدم التصريح بهم في صندوق الضمان الاجتماعي، أكد المسؤول ذاته، الذي فضل عدم البوح بهويته للعموم، أن المشكل لا يمكن أن تتدخل فيه إدارة التعاون الوطني، مشيرا إلى أن السلطات الإدارية والسلطات القضائية هي التي يمكن أن تفتح تحقيقا في الموضوع لإنصاف المتضررين.