انتشر الخبث وأصيبت القيم الإنسانية المثلى في مركز حركتها، فأصبح الإنسان البعيد عن الشبهات في حيرة من أمره لا يعرف بالضبط من يصدق ، ولا من يأتمن ممن هم حوله من البشر ، في كل الميادين تقريبا، من العقائدية والتي أصيبت هي الأخرى بداء الفتاوى المزاجية ، إلى العلوم والتي داخ باحثوها، فأصبحوا يمزجون أي شيء بأي شيء آخر للحصول على اكتشاف ، فيحدث أن تخرج التجربة عن السيطرة ، فتتحول إلى داء جديد يصيب الإنسان والحيوان على السواء . نفس المسألة في عالم المال والأعمال ، فالأزمة المالية التي تخنق أمريكا ، وتهدد البلدان الأخرى ، لن تكون إلا من فعل الإنسان ، فكيف يمكن حدوث أمر هكذا ، وأمريكا القوية عسكريا واقتصاديا ، إلى يوم قريب كانت تتبجح بإرسال الأوراق المالية (الدولار) إلى العراق في أكياس، كما وظفت المئات من المجموعات الأمنية إلى جانب " المار ينز" للضرب بقوة على الخارجين عن الطاعة وعناصر القاعدة بالتحديد . والسؤال من أين كان يحصل بوش على كل ذلك المال ليحرقه في العراق ، في وقت كانت بعض الدول تبحث ليل نهار على استثمارات بالدولار فلا تجدها؟.في دائرة ضوء هذا صرح أوباما بأن الأزمة المالية الحالية هي حكم نهائي على بوش . هناك " نكتة " تقول و تشكك في عوامل الأزمة المصرح بها رسميا ، على أن الأبناك المفلسة هي من تكون ، كانت تمول جزءا من الحرب ، تحت الظل ، وحتى لا يطالب بوش بالرجوع للكونجرس كل مرة . نكتة سياسية جديدة ، تترجم مرحلة الرئيس بوش المصابة بالضبابية والكوارث ، فلا العراق تحرر ، ولا أفغانستان ، ولا أمريكا ازدهت كما هو المأمول . هي اليوم مريضة ، والخوف كل الخوف من استفحال الأزمة فيصاب اقتصاد الدول الهش بالزكام الحاد ، وتصاب الملايين من الفقراء بالرجفة بل هناك من قد يدخل في "كومة" يصعب الخروج منها. أما عالم الاقتصاد هو الآخر فلم يسلم ، والتجارة العالمية هي الأخرى أصابتها دودة التلف في نواتها. فمن الأحاديث المتبادلة والمعروفة ذكر " النصارى" ونعتهم بالاستقامة وطهارة العقل واليدين من التدليس والغش ، فترسخ في عقلية إنسان العالم الثالث خصوصا العرب ، أن كل المواد الآتية من عند " النصارى" هي مواد جيدة مائة في المائة ، لن تضاهيها المواد والمنتجات المصنعة محليا، وهو ما يفسر بحث المستهلك اليومي عن المواد المصنعة بالخارج .إلى يوم قريب كانت المواد الآتية من فرنسا أو ألمانيا وحتى إيطاليا مقبولة جدا رغم غلائها. ترى هل سنبقى نردد كدائما " المعقول والصفا اداوه النصارى " !!! .هذا لا يعني بأن "ادياولنا كصليوا على هيدورة السبع". في السنوات القليلة المنصرمة لا حظ المستهلك المحلي وعبر العالم غزو المنتجات الكورية والصينية على الخصوص الأسواق وبآثمنة جد مقبولة من المستهلك ،رغم الانتقادات الموجهة سواء للصناعة الصينية أو الكورية والتايلاندية على عكس الصناعة والمنتجات اليابانية في المواد الإلكترونية خاصة والتي تتمتع بجودة عالية. وأمام ذلك كان هناك من يتهم الغرب، بالخصوص الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا بأنها تخطط لضرب اقتصاد الصين عبر الإشاعات والادعاءات .لكن الأحداث الواقعية بالحجة أكدت بأنه كان فعلا من يتلاعب بعناصر المنتجات ، فيغش مرة ويقدم مواد غير جيدة بأثمنة مغرية ، و يدنس مرة أخرى المنتوج بإدخال عناصر غريبة وكما حدث في مادة الحليب الصيني الملوث بمادة " الميلنين " المضرة بكلي المستهلك لتلك المادة "الحليب المستورد من الصين" فمنذ2004 تم اكتشاف حليب مزور تحت إسم "سانلو" كان وراء قتل 13 طفلا إلى جانب تحريف لمواد أخرى "كالفياجرا ، ومعجون الأسنان ، وبعض الملونات التي تدخل في التغذية " . والخطير في الأمر هو دمج مواد مثل " أكلوغامفينيكول " ضمن مادة العسل والذي هو عبارة عن " مضاد حيوي " تكون انعكاساته على صحة الإنسان سلبية ، فهو يساهم بشكل خطير في النقص من الكرويات البيضاء والحمراء في دم الإنسان، أي يعجل بظهور نوع من فقر الدم . ومن الوقائع التي تزكي كل هذه الجرائم في حق الإنسانية ، الحكم في" بيكين " على زوانج كسيويو " المكلف بالأمن الصحي سنة 2007 بالقتل بعد تسلمه رشاوى تقدر 850000 دولار من أجل تسهيل تمرير مواد مصنعة غير سليمة . أما في "باناما" سنة2007، فلقد قضى دواء ضد السعال "سيرو" ملوث أضيفت له مادة "ديثيلين اجليكول"على 83 مستهلك له . ناهيك عن مواد أخرى أدخلت في منتجات الألبسة والأحذية بها مواد حارقة كيمائية . ولم تسلم حتى السجائر، فلقد تم طرح السيجارة الالكترونية في السوق الاستهلاكية ، وادعى مصنعوها بأنها تساهم في الحد من التدخين . منظمة الصحة العالمية تبرأت من هاته السيجارة العجيبة ، وهددت صانعيها بغرامة مالية ما لم تسحب الشركة المصنعة اسم منظمة الصحة العالمية من على علبة السجائر. لقد بات رسميا أن هناك حربا مفتوحة على البشرية بأسلحة معلنة وغير معلنة ، من طرف لوبيات ظلامية ، ومصانع وهمية ، وفلاحين موصوفين بالجشعة . وباتت جل المواد المعروضة في الأسواق الدولية لا تحمل ميزة السلامة في غالبيتها، تتخللها مواد كيمائية خطيرة ، تصيب حياة المستهلك في مقتل . حليب به ميلنين ، عسل به مضادات حيوية ، خضر مشحونة بإشعاعات (بعض عناصر اليورانيوم)، معجون أسنان يخرب اللثة والأسنان ، شراب السعال (سيرو) به مواد خطرة ، ألبسة جاهزة ، سجائر، نظارات ، دراجات نارية ، أحذية ، حلويات سكرية ، شكولاته ، أغذية محضرة ، أدوية ضد تختر الدم وكما حدث في إطاليا سنة 2008 حيث اضطر " سانوفي افينتي " من سحب 420000 علبة دواء ضد تختر الدم من السوق المحلي .إلى جانب لعب الأطفال. واللائحة طويلة ، وقد تطول مع مر الأيام حيث يكتشف كل مرة بأن هناك تلاعب في التصنيع في المنتجات الصينية تحديدا والأسيوية عموما.والحاملة ل" مايد إن اتشاينا ". والذي يهمنا هو المستهلك المحلي ،الذي يئن تحت ضربات الأسعار التي ارتفع بين الفينة والأخرى دون سابق إعلان من الجهات المختصة وباتفاق مع الشركاء ، جمعيات حماية المستهلك ، ولا الدوائر الرسمية المكلفة بمراقبة المنتجات والأسعار. لقد سجل سابقا تلاعبات بتواريخ الصلاحية لمواد قادمة من الضفة الشمالية ، واليوم تنضاف سلع أخرى مغشوشة تعرض صحة المواطن للخطر ، وترفع من فاتورة العلاج والتي قد تثقل كاهل المواطن أو وزارة الصحة . لقد سجلت أعراض وتسممات صغار وكبار بالحليب في بداية شهر رمضان محليا. وإن ليس هناك من إحصائيات أو دراسات موضوعية يمكن تضعنا في الصورة حول الأمراض التي تصيب المواطن بعد استهلاكه لمواد مغشوشة . لا ريب بأن هناك تجاوزات وحالات تسمم لا يبلغ عنها من طرف المواطنين ، والذين يكتفون بمعالجة أنفسهم بعيدا عن مراكز التطبيب . إما لجلهم بالمصدر الحقيقي للتسمم بعد تناول المواطن عدة وجبات . وإما بإرجاع ذلك لمرض سابق . غالبية الناس يشكون في أمراض العدة . أو ضربات الشمس ، أو الزكام . وقليلا ما يدعى المستهلك بان السبب هو تسمم ناتج عن استهلاك مادة مغشوشة . الغرب يتميز عن غيره من الدول بوجود بشبكات نشطة لحماية المستهلك ،وبأنشطة الدوائر الرسمية وشبه الرسمية التي تراقب عن كتب المنتجات المستوردة وتفحصها دوريا.عكس الفوضى العارمة التي تطبع أسواق الجنوب المفتوحة والتي تغرقها مافيات التهريب ، وتجار " الخردة " . خردة اللعب ، على جانبها خردة المحمول ، فخردة جهاز الحاسوب ، فخردة العطور المسمومة ، فخردة الأحذية ، فخردة السارات ثم خردة الطائرات والسفن الحربية . بعضهم لم يكتفي بكل هذا فأصبح يعقد صفقات مع شركات ودول بعينها لدفن مواد سامة بأرض وطنه . وكما حدث في ليبروفيل ، ساحل العاج . حيث تم ردم مئات الأطنان من النفايات السامة المستوردة من " هولاندا" فأضرت بالسكان وأصابتهم بالعديد من الأمراض الجلدية والباطنية . فمسؤولية الدولة بليغة في هذا الباب، وهي مدعوة لحماية مواطنيها من المواد المغشوشة ، وبالضرب على أيدي المتلاعبين المحليين .في ضوء ( العقل السليم في الجسم السليم ) وبالعقل والجسم تبنى الأوطان