على الرغم من مستوى المناظرة التي كانت قد نظمتها وزارة تحديث القطاعات العامة والوظيفة العمومية حول مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات إلاّ أن التوصيات الصادرة عنها لمْ ترْقَ إلى طموحات مِهْنيي الإعلام والحقوقيين.. وتم التعبير عن ذلك ضمن استهلال اليوم الدراسي، الذي ينعقد بالرباط، بمبادرة من ترانسبارنسي المغربي ومنظّمة "حاتم" والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، حول الحق في الحصول على المعلومات، إذ حملت التدخّلات بصمات "عدم الرضا" من مضامين مشروع القانون، خصوصا في الجانب المتعلق منه بمجال الاستثناءات التي تحُول دون وصول المواطن إلى المعلومات. محمد العوني، رئيس المنظمة المغربية لحرية التعبير والإعلام حاتم، قال إنّ ما تمخَضت عنه المناظرة الوطنية حول حق الحصول على المعلومات، وما جاء في الكلمة التي ألقاها وزير تحديث القطاعات العامة والوظيفة العمومية، الذي حضر الجلسة الافتتاحية لليوم الدراسي، "تجعلنا مقتنعين بأننا لم نتقدم خطوة إلى الأمام"، داعيا إلى الارتقاء بالنقاش العمومي في هذا المجال إلى أعلى المستويات الممكنة. وأضاف العوني أنّ مشروع قانون الحصول على المعلومات، الذي تمخّض عن المناظرة الوطنية "لا يليق بتلك المناظرة، لكونه لم يستجيب لطموحنا". رئيس مجلس المنافسة، عبد العلي بنعمور، تطرق في تدخّله إلى دور الإعلام في ضمان الحقّ في الحصول على المعلومات إلى المواطنين، "لأنّ المواطن لا يمكن أن يصل إلى المعلومات طالما أنّ العاملين في المجال الإعلامي غير قادرين على الوصول إليها"، يقول بنعمور، معترفا أنّ وسائل الإعلام تجد صعوبة في الحصول على المعلومات. عزّ الدين أقصبي، ركز في مداخلته على المجالات التي تتّسم، في مشروع قانون الحصول على المعلومات، بالاستثناء، والتي تهمّ بالخصوص مجالات الدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي، متسائلا "كيف يمكن ضمان الشفافية في الحصول على المعلومات في ظلّ وجود هذه الاستثناءات؟". كما تطرّق إلى المادّة 32 من مشروع قانون الحصول على المعلومات، والمتعلقة بتنظيم مجال المعلومات التي يؤدّي الكشف عنها، إلى الضرر، قائلا إنّ المادّة ال 32 من مشروع قانون الحصول على المعلومة يشوبها غموض كبير، طالما أنّ أيّ مؤسسة عمومية يمكن أن تُعتبر معلومات من حقّ المواطن الوصول إليها داخلة في إطار السرّ المهني، ضاربا المثل بقضية ما يسمى ب"علاوات" وزير الاقتصاد والمالية السابق صلاح الدين مزوار، والخازن العامّ للمملكة، نور الدين بنسودة، التي يُتابع الموظفان اللذان سرّبا المعلومة إلى الصحافة أمام القضاء. من جانبه قال عبد السلام أبودرار، رئيس الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة، إنّ محاربة كافّة أشكال الفساد لا يمكن أن تتحقّق إلا في محيط يسود فيه الحق في الحصول على المعلومات، داعيا إلى تضييق "مجال الاستثناء"، وإتاحة الحصول على المعلومة دون قيد أو شرط. أبودرار أشار في تدخّله إلى أن مشروع قانون الحصول على المعلومات يتضمّن ملاحظات ومؤاخذات، منها قضيّة الاستثناءات، التي يبقى تفسيرها، حسب قوله غامضا، "والتي تعود بنا إلى "كل ما من شأنه" التي يمكن تأويلها كيفا اتفق، ما دام أنّ النصّ غير واضح". يقول أبودرار. وينصّ مشروع قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، في الباب الثاني، على أنّ "لكل شخص الحق في طلب المعلومات التي بحوزة الهيئات المعنية، ولا يمكن أن يرفض هذا الطلب إلا بناء على قرار معلل يسلمه أو يرسله الشخص المكلف للمعنيّ بالأمر"، غير أنّ المشروع يسيّج بعض المعلومات بسياج "الاستثناء"، حيث جاء في الباب الثاني أنّ الحق في الحصول على المعلومات، حق لا يمكن أن يمارس بشكل مطلق، "بل هناك معلومات مشمولة بالاستثناء كالمعلومات المتعلقة بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي والحياة الخاصّة للأفراد"، وهي المادّة التي أجمع المشاركون والمتدخلون في الجلسة الأولى لليوم الدراسي، المنظم بشراكة بين ترانسبارانسي المغرب، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، ومنظمة حرية الإعلام والتعبير "حاتم"، حيث دعا المشاركون إلى إعادة مراجعة المادة المتعلقة بالاستثناء، التي تعيق تحقيق المراد من مشروع القانون، وهو حق المواطنين في الحصول على المعلومات.