القرب الجغرافي للمغرب من القارة الأوروبية، يجعله أكثر انفتاحا على الأجانب، ربما هذا ما يفسر تصدر الأوروبيين لقائمة الأجانب المقيمين في المغرب بالمقارنة مع الجالية العربية، حيث يأتي الفرنسيون في مقدمة الأجانب الذين اختاروا المغرب للإقامة فيه بصفة دائمة، مما استوجب التساؤل عن كيفية تعايشهم مع أجواء رمضان في المغرب. "" لورا، فرنسية تقيم في المغرب منذ 5 سنوات، حيث التحقت بإحدى المدارس المغربية الخاصة كأستاذة مسرح، صرحت ل"الرأي" أنها في شهر رمضان تنشغل كثيرا ليس بسبب العمل، وإنما بسبب الدعوات التي تتلقاها من زميلاتها لمشاركتهن مائدة الإفطار، وهو الأمر الذي يخلق لها بلبلة في جدولها اليومي، ويجعلها حائرة بين تلبية الدعوات، والتمتع بطيبة المطبخ المغربي، وبين الاهتمام برشاقتها والحفاظ عليه، حيث تقول لورا، إنها لا تستلطف إقبال المغاربة الشديد على شراء الحلويات وملء مائدة الإفطار بها، وأن هذا الأمر يصيب الجسم بالإنهاك بعد أن يكون قد بدأ في تنظيفه من الداخل. جون، أستاذ ملحق بالمدرسة الأمريكية في المغرب، قال إنه يحب أجواء رمضان، خاصة وأن وقت السهر يطول في العاصمة المغربية عكس الأيام العادية، وهو ما يجعله يستمتع بالسمر ليلا بعد طول تعب في اليوم، ويضيف جون أن ما يقلقه عند حلول شهر رمضان هو الإرهاق الذي يصيب تلاميذه الصغار بسرعة خاصة حديثي العهد بالصوم، وهو ما يدفعه إلى تدبير طريقة سلسة لتلقين الدروس وتقصير ساعة الدرس وبذلك يكون قد أدى مهمته دون أن يتعب تلاميذه على حسب قوله. السيدة اشماعو، هكذا تعرف كاترين بين موظفي مؤسسة تعليمية خاصة، تقول إنها منذ قدمت من بولونيا موطنها الأصلي إلى فرنسا حيث التقت بزوجها المغربي"اشماعو" ودخلت الإسلام بعد زواجهما، اعتادت على رمضان وعلى الصوم، وأضافت أنه من أحب الشهور إليها، حيث تكثر فيه من العبادة، وتحافظ على تلاوة القرآن وأداء صلاة التراويح جماعة، كما قالت ل"الرأي" أنها تفضل قضاء ليلة القدر في مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء عوض مساجد الرباط، وذلك حبا في عمر القزابري إمام هذا المسجد، وتمتعا بالأجواء التي تحيط في هذا المكان وفي هذه الليلة المباركة. إيلين، أستاذة لغة إنجليزية في المعهد البريطاني بالرباط، قالت إن إقامتها للسنة الثالثة في المغرب، جعلها تعرف أكثر عن الطقوس الدينية والعادات، وأصبحت بالتالي تتفادى أمورا كثيرة قامت بها في أول قدومها إلى المغرب، دون سابق معرفة، حيث قالت إنها في اليوم الأول لرمضان لم تنبته إلى أنه بداية شهر صوم، وعندما قصدت مقصف المعهد ووجدته مغلقا ظنت أنه تأخر في فتح أبوابه، فاكتفت بقطعة شوكولاتة جعلت رؤوس المتواجدين في المعهد تلتف حولها، ولم تجد التفسير إلا عند زميل لها أخبرها عن خصوصية هذا الشهر، ففهمت أنه من الأدب تجنب الأكل أمام أنظار الصائمين، بل إنها تضيف إيلين، فقد بدأت تشاركهم صوم أيام معدودات، وهو الأمر الذي وجدته صحيا، إلا أنها وكما قالت تتجنب نهائيا الإكثار في الأكل عند الإفطار لتحافظ على الفوائد الصحية للصوم. إذا كان هذا حال بعض الأجانب المقيمين في المغرب، فإن العرب وعلى رأسهم الجزائريون، تختلف طقوسهم الرمضانية. نعيمة، جزائرية متزوجة من مغربي، قالت ل"الرأي" أنها لا تشعر بفرق كبير في الاحتفال بالأيام الرمضانية، خاصة وأنها تقطن بوجدة المحاذية للحدود مع الجزائر، والتي تتقاسم نفس العادات مع عادات أهلها الجزائريين. أروى فلسطينية الأب، مغربية الأم، قالت إن أجواء احتفالها برمضان يكسوها الطابع المغربي الخالص، وأنها لا تفقه شيئا في الطقوس الرمضانية على الطريقة الفلسطينية، المهم بالنسبة لها كما قالت الالتزام بمبادئ الصوم وأصول العبادة. إلا أن سناء تخالفها الرأي والسلوك، ربما لكونها فلسطينية الأب والأم، حيث تقول إنها رغم ولادتها في المغرب وزواجها من مغربي، فإنها تلتزم بالمحافظة على هويتها الفلسطينية مع عدم إقصاء الهوية المغربية، وهو ما تحاول سناء كما ذكرت التعبير عنه في مائدة الإفطار التي تجمع بين ما لذ وطاب من أصناف الأكل المغربي والفلسطيني معا.