تشهد العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي توترا في المرحلة الراهنة، إذ كان مفترضا ونظرا لعمق العلاقات بين الجانبين، أن يكون تأثير صفة الوضع المتقدم الممنوح للمغرب في علاقاته بالاتحاد الأوروبي منذ أكتوبر 2008، مكسبا يصبو إلى تجاوز الإكراهات وتعزيز المنجزات والمكتسبات التي حققتها الشراكة الأورومغربية. غير أنه، وعلى النقيض من ذلك، ما زالت مؤسسات الاتحاد الأوروبي تكرس القرارات الأحادية الجانب، من خلال إصدار محكمة العدل الأوروبية حكما ابتدائيا بتاريخ 29 شتنبر 2021، يقضي بإلغاء الاتفاق الفلاحي والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، بسبب المواد القادمة من منطقة الصحراء. وقد جاء الحكم الابتدائي الأخير، بناء على طعن تقدمت به جبهة "البوليساريو" الانفصالية سنة 2019. ويبقى هذا القرار دون أي أثر فوري على الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والمغرب وذلك نظرا لعدة اعتبارات يمكن إجمالها في ما يلي: – إن الحكم ابتدائي ولن يغير من الواقع شيئا، في انتظار مرحلة الاستئناف. لأنه سبق وأصدرت محكمة العدل الأوروبية نفس الحكم سنة 2015، قبل أن تراجعه في منطوق الحكم الاستئنافي والذي قضى بسريان الاتفاقية بين الجانبين وإلغاء الطعن الذي تقدمت به جبهة "البوليساريو" واعتباره غير مقبول. – ما يمكن أن يؤخذ على حكم المحكمة الأوروبية، هو قبول الدعوى المقدمة من طرف جبهة "البوليساريو" والتي ليس لها الشخصية القانونية، وهو ما يتناقض مع قرار المجلس الأوروبي الذي يشير بشكل واضح وبدون تحفظ إلى "أن جبهة "البوليساريو" الانفصالية لا تحظى بأي شخصية قانونية ولا أي معايير تؤهلها لتكون طرفا أمام المحاكم الأوروبية، لكن في المقابل تم قبول الدعوى من حيث الشكل والمضمون". وعليه، فقد انبنى حكم محكمة العدل الأوروبية على ادعاءات ومعطيات مغلوطة، وما يفهم من هذا القرار، أن العلاقات الثنائية بين الجانبين مستهدفة من مناورات اللوبيات المؤيدة للانفصاليين "البوليساريو" والجزائر. لقد تزامن وإصدار حكم محكمة العدل الأوروبية، إصدار بلاغ مشترك بين المغرب والاتحاد الأوروبي، تم التأكيد من خلاله "على مواصلة تعاونهما الثنائي والموحد للدفاع عن السلامة القانونية لاتفاقيات الشراكة القائمة بينهما"، وينتظر في غضون الأيام المقبلة أن يقدم المجلس الأوروبي طعنا في قرار المحكمة الأوروبية، وهو ما يظهر وعي الجانب الأوروبي بأهمية ومحورية الشراكة الاستراتيجية مع المغرب وأن من شأن هذه القرارات أن تؤثر على مستقبل هذه الشراكة في حالة عدم التراجع عنها. إن قرار محكمة العدل الأوروبية، يرهن مستقبل علاقات الاتحاد الأوروبي والمغرب بازدواجية المواقف حيال القضايا السيادية. حيث أن إصدار قرارات سياسية تحت غطاء قضائي أمر لا يستوعب محورية الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، بل ويسيء إلى مصداقية القرارات التي أسس عليها الاتحاد الأوروبي شراكاته القائمة على احترام السيادة الترابية للدولة الشريكة. والجدير بالذكر، أن المغرب لم يعد في وضع يسمح بالتعاطي مع قضيته الوطنية بازدواجية في مواقف الاتحاد الأوروبي، لا سيما أن هذا الأخير له تعهدات سياسية وقانونية تجارية واقتصادية في إطار الوضع المتقدم تضبط إجراءات الشراكة مع المغرب.