"إلى حد الآن لم نستوعب ما يحدث. أسرتي عانت القهر طيلة ثلاث سنوات من أجل توفير مصاريف التكوين، وأنا كان حلمي أن أحصل على دبلوم معتمد من طرف الدولة، لكننا فوجئنا في النهاية بأن مجهوداتنا تحولت إلى وعود كاذبة وانتظارات لم يكتب لها أن تتحقق"، تروي سهام الذهبي، إحدى خريجات معهد للتمريض ببني ملال لجريدة هسبريس. وقالت سهام: "كان همّنا منذ ولوجنا عتبة هذا المعهد الحصول على دبلوم للتمريض معتمد من طرف الدولة، يقينا شر البطالة. ولم نفكر يوما بأننا بعد كل هذه السنين سنستفيق على هذا الكابوس المزعج، الذي ضاعت معه آمالنا جراء مشكل قائم بين المؤسسة والوزارة الوصية". سهام ليست سوى واحدة من مجموعة من الخريجات اللائي فرقت بينهن السبل، وذهبن للبحث عما يعوض ما ضاع منهن خلال ثلاث سنوات من العمل المضني، خاصة أن أسر بعضهن توجد في وضعية هشاشة، كما أن أسرا أخرى باعت بعض ممتلكاتها لتغطية تكاليف التكوين بالمعهد، كما هو حال إحدى الخريجات، التي يروى أنها اختارت قوارب الموت بدل الانتظار. وتضيف سهام "كان التحصيل الدراسي يسير بخطى جيدة منذ بداية موسم 2015 إلى حدود نهاية 2018. كنا نترقب نهاية العام لتسلم هذه الوثيقة التي أخذت من حياتنا الكثير، قبل أن ينتابنا الشك بشأن وعود الإدارة والتزاماتها، مما حذا بنا إلى اتخاذ إجراءات قانونية، حيث قمنا بتقديم شكاية إلى وكيل الملك بابتدائية بني ملال". ووفق المتحدثة ذاتها، فإن مصادر أفادت أن الوزارة المعنية سحبت الاعتماد من إدارة المعهد خلال عام 2018، وأنها اقترحت كحل لهذا الملف تمكين الخريجين من دبلوم معتمد من طرف وزارة التكوين المهني برسم موسم 2019 شريطة الالتزام بقبولهم بالمقترح، على الرغم من أنهم من خريجي فوج 2018. وقد تمت الموافقة على هذا الالتزام، إلا أنه لحد الساعة لم يتحقق شيء مما ذكر، تضيف سهام. من جانبها تقول أمُّ إحدى الخريجات: "لم نكن نتوقع هذه النهاية. كان عدم الحصول على دبلوم من المعهد المذكور آخر مشاغلنا، إذ لم تكن تراودنا أي شكوك بشأنه. كنا وفلذات أكبادنا على يقين بأن المعهد معتمد من طرف الوزارة المسؤولة عن القطاع، وكان الأمل الذي يحذونا أن تنتهي سنوات التحصيل في ظروف جيدة". وروت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أنها باعت كل ما تملك من أجل تكوين ابنتها، وفي الأخير وجدت نفسها أمام مسؤول غير عابئ بما لحق بالضحايا من أضرار نفسية، مشيرة إلى أن وضعا كهذا هو الذي يدفع الشباب إلى ركوب قوارب الموت رغما عنهم، وأن الخريجات خاب أملهن بعدما "ضيعن ست سنوات ما تزوجوا فيها ما خدموا". والأخطر من ذلك، تضيف المتحدثة، أن من نتائج هذا الوضع عدم قبول بعض الخريجات في امتحانات التمريض لعدم حصولهن على دبلوم معتمد من طرف الدولة، وعدم تمكن أخريات من الاستحقاق نفسه بعدما تجاوزت أعمارهن السن المطلوبة (25 سنة)، جراء هذا التأخير الذي أخذ من حياتهن ست سنوات، ثلاث منها في التكوين وثلاث "في سير واجي"، وفي انتظار أن تنفذ الإدارة وعودها. ومؤازرة منه للضحايا، طالب بلكابوس عبد الرحيم، ممثل الشبكة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بالمغرب، من القضاء، الذي أكد ثقته في نزاهته، التدخل لإنصاف المتضررات وتعويضهن عن الأضرار المادية والنفسية التي لحقت بهن جراء هذا الوضع، داعيا الوزارة المعنية إلى تمكين المتخرجات في أقرب الآجال من دبلومات معتمدة لإنهاء معاناتهن، وراجيا أن يتم حل هذا المشكل بأقل ضرر للطرفين. يشار إلى أن مصادر محلية أفادت أن ابتدائية بني ملال كانت قد أوقفت المسؤول عن المعهد على إثر شكاية في الموضوع، لكن بعد تسعة أيام تم إطلاق سراحه بكفالة من أجل العمل على تسوية وضعية مؤسسته، والتفاعل مع مطلب خريجي فوج 2015، الذين لا يزالون متشبثين بحقهم في الحصول على دبلوم معتمد من طرف الدولة.