في خطوة غير مسبوقة، قررت فرنسا خفض عدد التأشيرات التي تمنحها للمغاربة إلى النصف، مبررة ذلك برفض الرباط استعادة عدد من المهاجرين الذين صدرت في حقهم قرارات الترحيل. وسيتضرر من هذه الخطوة حوالي 150 ألف مغربي ومغربية. وبحسب معطيات حديثة صادرة عن وزارة الداخلية الفرنسية، فقد حصل المغاربة سنة 2020 على أكثر من 98 ألف تأشيرة دخول إلى فرنسا، مقابل 346 ألفا سنة 2019، وحوالي 303 آلاف سنة 2018، و295 ألفا سنة 2017. وأخذا بعين الاعتبار كون معدل التأشيرات الفرنسية الممنوحة للمغاربة ناهز في السنوات الأخيرة 300 ألف، فإن قرار باريس الجديد سيخفضها إلى النصف، ما يعني حرمان 150 ألف مغربي من زيارة فرنسا. ووفق ما صرح به الناطق الرسمي باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال، اليوم الثلاثاء، فإن قرار تشديد شروط منح التأشيرات يهم أيضا مواطني الجزائر وتونس، وذلك ردا على رفض هذين البلدين المغاربيين إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين من مواطنيهما. وقال أتال لإذاعة "أوروبا 1" إن هذه "الخطوة غير مسبوقة لكنها أصبحت ضرورية، لأن هذه الدول لا تقبل استعادة رعايا لا نرغب بهم ولا يمكننا الإبقاء عليهم في فرنسا"، واتهم الدول الثلاث "بإبطاء فعالية" عمليات الترحيل من الأراضي الفرنسية عند صدور قرارات في هذا الصدد. وبلغة الوعيد، قال المسؤول الفرنسي في تصريحه: "حصل حوار ثم وجهت تهديدات، واليوم ننفذ التهديد"، موردا في هذا الصدد أن عددا من الوزراء الفرنسيين زاروا الدول الثلاث لمناقشة المسألة، إضافة إلى اجتماعات عقدت مع سفراء هذه الدول دون جدوى. ووفق تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة الفرنسية، سيتم تخفيض عدد التأشيرات الصادرة للمواطنين المغاربة والجزائريين بنسبة 50 في المائة، أما بالنسبة للمواطنين التونسيين فسيتم خفض التأشيرات لهم بحوالي 33 في المائة. وردا على إعلان هذا القرار، قال جوردان بارديلا، نائب رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، إن إيمانويل ماكرون لم ينجح في تنفيذ الوعد الذي قدمه خلال حملته الرئاسية سنة 2017 القاضي بتنفيذ الأمر بمغادرة التراب الفرنسي (Obligation de quitter la France) بنسبة 100 في المائة. وكمؤشر على استغلال هذا الملف استعدادا للانتخابات الرئاسية المقررة السنة المقبلة، يتوقع أن تقدم مارين لوبان، مرشحة حزب التجمع الوطني للرئاسة، مسودة استفتاء حول الهجرة خلال الأسبوع الجاري. وكانت فرنسا قد اعتمدت قانونا للهجرة واللجوء سنة 2018، وأوضح المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أن "العقبة أمام هذا القانون هي فعالية ترحيل المهاجرين مع رفض الدول المعنية منح التصاريح القنصلية". وفي الوقت الذي لم تقدم فيه الحكومة الفرنسية أي توضيحات بخصوص المهاجرين الذين صدرت في حقهم قرارات الترحيل، كان المغرب قد أعلن في يونيو الماضي عن إعادة جميع القاصرين المغاربة غير المصحوبين بذويهم من دول الاتحاد الأوروبي. وأعطى الملك محمد السادس، في هذا الصدد، تعليماته إلى وزارتي الداخلية والخارجية من أجل تسوية وضعية القاصرين المغاربة الموجودين في بعض الدول الأوروبية، لا سيما فرنسا. وأشار بلاغ للديوان الملكي آنذاك إلى أن التأخيرات التي لوحظت في تنفيذ التعاون في هذا الملف، مرتبطة بشكل أساسي بالعوائق بسبب الإجراءات المعقدة في بعض البلدان الأوروبية.