تتواصل في إيطاليا، لأكثر من ثلاثة أيام، الإشادة والثناء على التصرف الذي أقدم عليه أحد السائقين، لكي يُسعف أسرة مغربية تعرضت لحادثة سير على الطريق السيار بالقرب من مدينة بيرغامو، وهي في طريق عودتها من المغرب صبيحة يوم الأحد المنصرم. السائق حول شاحنته إلى ما يشبه درع واقي، حيث ركنها وسط الطريق السيار بصفة شبه عمودية (الصورة أسفله)، حتى لا تصدم السيارات القادمة أفراد الأسرة المغربية المتكونة من الأب والأم وابنتهما الصغيرة "جيهان" التي لم تتجاوز ربيعها الثامن، والذين اصطدمت سيارتهم بالحواجز الوقائية جنب الطريق مرات عديدة لم تتوقف إلا في وسط الطريق السيار. وبهذا التصرف الشجاع جنّب السائق، حسب عدد من المهتمين، كارثة حقيقية لأن نسبة كبيرة من ضحايا حوادث السير التي تشهدها الطرق السيارة تكون نتيجة اصطدام سيارات قادمة بسيارات أخرى تتعرض لحوادث طارئة، علما أن نفس المنطقة التي شهدت حادثة الأسرة المغربية عرفت سنة 2011 وفاة مسافرتين إيطاليتين بعد أن تعرضتا لاصطدام مجموعة من السيارات بعد أن حاولتا مطالبة المساعدة بعد اصطدام سيارتهما بجانب الطريق. وتواصل وسائل الإعلام الإيطالية، بجميع اتجاهاتها، الإشادة بتصرف سائق الشاحنة وسرعة بداهته التي جنبت ليس الأسرة المغربية فقط، بل كل من كان يمر ساعتها بمكان الحادثة من كارثة محققة، مستعرضة صور كاميرات المراقبة التي تبين ماقام به سائق الشاحنة وكيف كان يشير من بعيد على السيارات حتى تتوقف، ثم ليواصل طريقه بعد وصول المسعفين، دون أن يتم الكشف عن هويته إلا بعد الإشادة الإعلامية الكبيرة، حيث يتعلق الأمر بسائق من جنسية رومانية يدعى Ion Purice ،29 سنة، وأمام هذا التصرف البطولي طالبت العديد من الأوساط من رئيس الجمهورية توشيحه ب"وسام الشجاعة". ومن جانبه أبدى المهاجر المغربي، عبد الحميد حداش رب الأسرة المغربية التي تعرضت للحادثة والذي يتابع بقلق كبير وضعية ابنته التي مازالت تحت العناية المركزة، أمنيته بأن يلتقي قريبا بسائق الشاحنة حتى يشكره شخصيا لأنه فعلا أنقذ حياته من موت محقق. ويتذكر حداش الحادثة وكيف أنه للحظات وجد نفسه عاجزا عن فعل أي شيء وهو يشاهد ابنته غارقة في الدماء بعدما ارتطمت بالأرض خارج السيارة، لأن الهاجس الحقيقي ساعتها كان هو تفادي السيارات القادمة في تلك اللحظات، لولا يقظة السائق الذي لم يكتف بتحويل شاحنته لدرع واقي، بل ساعد في إسعاف الصغيرة "جيهان" التي توقف قلبها عن الخفقان والذي لم يعد للحركة إلا بفضل تدخل فريق من رجال الصليب الأحمر الإيطالي كان يتواجد بعين المكان.