في الوقت الذي تراكم فيه الدول المتقدمة الإنجازات في مجال حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، بقطعها أشواطا كبيرة لسد حاجياتهم، بتوفير هواتف خاصة وحواسيب متطورة ومصاعد نوعية وعلامات تشوير فعالة ووسائل نقل مجهزة وممرات متنوعة وخدمات جيدة... لتسهيل ولوج هذه الفئة واندماجها التام في المجتمع، لا يزال الاشتغال على هذا المجال في المغرب يعرف تأخرا ملحوظا، على الرغم من المجهودات المبذولة من لدن الدولة والجمعيات التي تعنى بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. المعنى الشامل للولوجيات فريد لُستيك، رئيس جمعية المستقبل للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، قال إن "المطلوب هو الحديث عن الولوجيات بمعناها الشامل، وعدم الاقتصار على تلك 'الزُّحْليقة' التي توجد في مداخل بعض البنايات، والتي لا تستجيب في الغالب للمعايير الدولية التي تعطي الاستقلالية لمن يستعمل العربة أو المعمدات دون الحاجة إلى من يساعده". وأكد المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على ضرورة توفير الولوجيات الخاصة بكل فئات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، كالمصابين بالإعاقة السمعية أو البصرية أو الذهنية أو الحركية..."، مسجلا أن "التكنولوجيا يجب أن تعمل في اتجاه تعزيز استقلاليتهم، ومساعدتهم على الولوج بمعناه العام". وأوضح لُستيك أنه "من المطلوب توسيع الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتسهيل حياة الأشخاص في وضعية إعاقة؛ كالحواسيب التي تعتمد على تقنية برايل، وتبسيط علامات التشوير في الفضاءات العامة لتسهيل السياقة وعبور الطريق...، وفي غياب التكنولوجيا تزداد معاناة هذه الفئة". أهمية التكنولوجيا وكلفة الإقصاء شدد فريد لُستيك، رئيس جمعية المستقبل للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، على أن "الحل الجذري والعملي للإدماج الحقيقي يتمثل في تمكين هذه الفئة من حقها في الاستقلالية والتنقل بحرية، والولوج إلى جميع المرافق بأريحية ودون الاستعانة بالآخرين، من أجل تسهيل حياتهم اليومية وأداء واجبهم بكل وطنية في جميع المجالات بدون استثناء"، مشيرا إلى أن "التكنولوجية في خدمة الإنسان عامة، والمعاقين بشكل خاص". وورد ضمن تصريح لُستيك أنه "يجب على المختصين أن يستحضروا، خلال هندسة بناية أو تجهيز حافلة عمومية...، وجود أشخاص مسنين وآخرين في أوضاع إعاقات مختلفة، حتى يكون المجتمع شاملا ومندمجا ويتسع للجميع"، متسائلا في هذا السياق "كيف يعقل أن تشيد أو تجهز وسائل النقل دون أن تتوفر على ولوجيات ولا تستجيب لحاجيات جميع فئات المجتمع، على الرغم من أن هذا من صميم حقوق الإنسان؟". وختم فريد لُستيك تصريحه للجريدة بالقول إن "القوى تُستنفد، طيلة 10 أو 15 سنة، ونحن ننادي فقط بالحق في توفير أبسط متطلبات الحياة العادية والكريمة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، عوض أن نطالب بحاجيات أكبر وأكبر"، مضيفا أن "الإدماج الحقيقي غير مكلّف، لكن الإقصاء له كلفة كبيرة". معاناة المكفوفين وضعاف البصر وعن فئة المكفوفين وضعاف البصر، قال محمد حضرة، رئيس جمعية مكفوفون بلا حدود، إن "الولوجيات شبه منعدمة بأغلب المدن، باستثناء بعض الممرات التي لا ترقى إلى المستوى المطلوب والمنشود، من أجل تيسير ولوج فئة المكفوفين وضعاف البصر إلى الإدارات والمؤسسات العمومية". وأضاف رئيس الجمعية سالفة الذكر التي تعنى بالمكفوفين وضعاف البصر، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحديدا المكفوفين وضعاف البصر، يعانون خلال تنقلهم في الشوارع والأزقة المدينة بسبب الحفر التي تتركها الأشغال العمومي، وبالوعات الصرف الصحي المفتوحة، مما يكرس النظرة الدونية للمسؤولين تجاه فئة من المجتمع تنتظر من يساعدها". وأشار المتحدث ذاته إلى أن "هناك اتفاقيات حول ضرورة استفادة هذه الفئة من المجتمع من مجانية التنقل عبر وسائل النقل العمومي؛ لكنها لا تطبق بمجموعة من المدن"، مسجلا "عدم إصغاء المجالس المتعاقبة بمدينة خريبكة، مثلا، لبعض المقترحات التي تقدمها الجمعيات النشطة، على عكس مدن أخرى"، ملتمسا من المنتخبين الجدد "الاهتمام والرعاية بذوي الاحتياجات الخاصة، وخاصة المكفوفين". مجهودات الوزارة المعنية بالمقابل، أوضحت وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة إنها تباشر، إلى جانب مكونات الحكومة، تنفيذ مجموعة من البرامج المهيكلة المنبثقة عن "مخطط العمل الوطني للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة" الذي ساهم في إعداده 24 قطاعا حكوميا، مشيرة إلى أن المشاريع والبرامج التي تشتغل عليها تشكل نقلة نوعية في مجال تدبير قضايا الإعاقة بالمغرب، وستيسر تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من المشاركة الكاملة والفعالة في المجتمع. وتشتغل الوزارة على برامج للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة؛ من بينها "البرنامج الوطني للتأهيل في مجال إعاقة التوحد رفيق"، و"برنامج مدن ولوجة"، و"نظام تقييم الإعاقة"، و"مشروع معيرة لغة الإشارة المغربية"، و"برنامج تطوير ومعيرة الخدمات الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة"، و"برنامج إرساء نظام لدعم تشجيع ومساندة الأشخاص في وضعية إعاقة"، و"برنامج معيرة مراكز توجيه ومساعدة الأشخاص في وضعية إعاقة"، و"البرنامج الوطني لزرع القوقعات الإلكترونية لفائدة الأطفال ذوي إعاقة الصمم.. برنامج نسمع". وسجلت وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، في إطار الآفاق المستقبلية، "تحيين تدابير المخطط وتحديد الميزانية والكلفة المالية للتدابير التي سيتم اتخاذها"، و"تنزيل المخطط على المستوى الترابي بشراكة مع الجماعات الترابية"، و"إعداد تقارير للتتبع والتقييم للسنوات المتبقية، ترفع إلى اللجنة الوزارية المختصة في مجال الإعاقة"، و"تحديد محاور تدخل مخطط العمل التنفيذي للفترة 2022 – 2026".