بوفاة القيادي النقابي البارز محمد نوبير الأموي، أمس الثلاثاء، فقدت الساحة السياسية أحد رجال الحركة النقابية الذين ناضلوا من أجل تحصين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين المغاربة طيلة أزيد من أربعة عقود، ليخلف وراءه إرثا نضاليا ما زال يشكل بوصلة العمل النقابي بالمغرب. ونعت شخصيات سياسية ونقابية وحقوقية متعددة القيادي النقابي الذي رحل عن هذه الحياة بعد معاناة مرضية طويلة بمدينة الدارالبيضاء، حيث استحضرت مختلف الشهادات العامة ذكراه الخالدة، معيدة مساره النضالي متعدد الأبعاد إلى واجهة النقاش السياسي. هرم نقابي خالد الهوير العلمي، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وصف وفاة الزعيم النقابي ب"الصدمة" و"الفاجعة"، معتبرا أن "الأمر يتعلق بخسارة لكل الطبقة العاملة والحركة النقابية والمغاربة أجمعين، لأن الفقيد يعد أحد الرجال الشوامخ بالبلاد بكل ما تحمله الكلمة من معنى". وأورد الهوير العلمي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "نوبير الأموي جمع بين القبعة النقابية والسياسية والحقوقية، حيث لم يقتصر صداه على المغرب فقط؛ بل امتد إلى بلدان كثيرة بفعل تضحياته الجسام"، لافتا إلى أن "ما قدمه الزعيم النقابي يعد ولا يحصى". وأوضح المتحدث أن "نوبير الأموي ساهم في توحيد الحركة النقابية بالمغرب، والدفاع عن المظلومين في مغرب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية"، مسجلا "تاريخه النظيف والصادق، إذ لم يفكر في مواقع المسؤولية والامتيازات خلال لحظة ما طيلة مسيرته النضالية، بل ظل وفيا لوطنه وقضايا الجهوية". مدرسة سياسية مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، يرى أن "نوبير الأموي قامة كبيرة في العمل النقابي النظيف والمكافح؛ بل يجسد كذلك إحدى قامات اليسار المغربي الذي دافع عن الفكرة النبيلة لليسار"، مؤكدا أن "القيادي النقابي كان عقبة ضد كل الانحرافات، ونعرف الوضع القائم اليوم بعده". وشدد البراهمة، في حديث لهسبريس، على أن "الأموي أمكن وصفه برجل التحليل الصادق والفكرة النبيلة؛ لأنه كان يتميز بعمق تحليلي متميز، إلى جانب بساطته المعيشية وحفاظه على الروح البدوية المرحة"، ثم زاد شارحا: "مدرسة نقابية وسياسية ستُدرس للأجيال المقبلة". بصمات تقدمية علي بوطوالة، الكاتب العام لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، أفاد من جانبه بأن "محمدا نوبير الأموي زعيم سياسي ونقابي كبير ترك وراءه بصمات واضحة، خاصة على الحركة النقابية؛ وذلك بدعواته المتكررة للخروج في الإضرابات العامة بالبلد". وذكر بوطوالة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن "الفقيد أثر بطبيعة الحال على مسار الحركة التقدمية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حيث لعب دورا كبيرا في عودة عبد الرحمان اليوسفي، واتفاقه مع الملك؛ ومن ثم، تحقيق التناوب". وتابع الفاعل الحزبي مستطردا: "اضطلع نوبير الأموي بأدوار كبيرة في تحقيق التناوب، وإن وقع له خلاف مع عبد الرحمان اليوسفي في مرحلة لاحقة؛ لكنه ساهم في المسار بعد اتفاق غشت 1996 بين المركزيات النقابية ووزارة الداخلية، ما مهد لحكومة التناوب سنة 1998". مواقف ثابتة ومن وجهة نظر إسماعيل العلوي، القيادي اليساري البارز داخل حزب التقدم والاشتراكية، فإن "محمدا نوبير الأموي كان من القلائل الذين لا يترددون في قول كلمة الحق آنئذ، رغم اختلاف الآخرين معه؛ لكنه تمتع بالشجاعة الكافية للتعبير عن آرائه". ولفت العلوي، ضمن إفادته، إلى أن "الراحل كان ثابتا في مواقفه، حتى وإن لم يشاطره الكثيرون في تعامله؛ لكن لكل شخص سلوكاته الذاتية"، مردفا بأن "الأموي بصم الحياة النقابية، في الوقت الذي أصبح الميدان النقابي حاليا مبعثرا مشتتا من الناحية التنظيمية والنضالية". معارك تاريخية فيما أشار عبد الحميد الفاتيحي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، إلى أن "الساحة الوطنية والسياسية والنقابية فقدت أحد رجالاتها الكبار برحيل الفقيد الذي جمع بين الفعل السياسي والنقابي، مخلفا وراءه العديد من البصمات السياسية الوطنية والدولية". وشرح الفاتيحي، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن "الفقيد ناضل من أجل الحرية والكرامة الاجتماعية، حيث استطاع تصحيح الحركة النقابية المغربية، ليعود إلى الانخراط في العمل السياسي إلى جانب القوى الديمقراطية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي". وأضاف الفاعل النقابي عينه أن "نوبير الأموي خاض معارك سياسية تاريخية؛ بينها محطات 1981 و1990، ما ساهم في تهيئة الظروف العامة لتحقيق الانتقال الديمقراطي، والخروج من سنوات الرصاص التي أدى تكلفتها"، خاتما بأن "الفقيد يعد من قامات الحركة النقابية والسياسية بالبلاد". ملاحم نقابية علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، قال، بدوره، إن "الزعيم النقابي محمدا نوبير الأموي جسد ثقافة الصمود والمقاومة والكفاح، حيث قاد مراحل مهمة من تاريخ الصراع الاجتماعي والسياسي ببلادنا، وساهم في إحداث تغييرات جذرية أدت إلى تصويب الحياة السياسية بالمغرب". وأبرز لطفي، في شهادته بخصوص القيادي النقابي محمد نوبير الأموي، بأن "الراحل قاد أكبر الملاحم النضالية، خاصة منها الإضراب العام الشهير لسنة 1981، وإضراب 14 دجنبر 1990، وفرض أول حوار اجتماعي حقيقي سنة 1996، حيث نتج عنه اتفاق ضم عدد من النتائج الإيجابية لتحسين أوضاع الموظفين والطبقة العاملة". وذهب الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل إلى تصنيف نوبير الأموي ضمن "مهندسي الانتقال الديمقراطي وحكومة التناوب مع المرحوم عبد الرحمان اليوسفي"، معتبرا أن "الفقيد كان مناضلا قويا يصارع بما يؤمن به لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة".