شكرا لمن سيذهب اليوم إلى صناديق الاقتراع شكرا لمن يعتبر الوطن فائزا لمجرد المشاركة إن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، في ظروف مثل التي يعيشها العالم اليوم، يبقى أسمى تعبير على "الفهم العميق للمرحلة". نعم، هناك سياسيون لا يستحقون النجاح، وهناك من يستحق أكثر من النجاح؛ لكن الوطن أكبر من الجميع.. والفئة التي تمارس حقها في الفعل السياسي (الناخبين)، مهما يقال عنها، فهي التي تجعل بلدا مثل بلادنا متفردا عن غيره في المنطقة.. وممارسة فعل التصويت ليست تصويتا من أجل حزب معين؛ بل هي "تصويت من أجل الوطن نفسه". إن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، بغض النظر عن تقارب النتائج أو تباعدها وبغض النظر عن هزيمة هذا الحزب أو ذاك، هو انتصار للجميع، وسيعود بالنفع على الجميع، وسيشمل حتى أولئك الذين لا يستيقظون حتى ما بعد الزوال، وأولئك الذين لا يفعلون أي شيء..، بل إن منتقدي النظام أنفسهم سيتفيدون من هامش الحرية، التي تخلقه ظروف الاستقرار، وسيعبرون بكل حرية عن آرائهم المعتادة، وسيضحك الشعب.. لأن بناء الوطن أصعب بكثير من الدعوة إلى هدمه من أساسه. الكل سيفوز، سيفوز الشاب، الذي استغل المناسبة ليتدرب على العمل السياسي.. وستفوز المرأة البسيطة، التي أدلت بصوتها لقناعتها بالواجب الوطني على الرغم من أنه لا أحد فرض عليها أو استدرجها للتصويت.. وسيفوز أبناء الحي إذا نجحوا في فرض مرشحهم الخاص، وحتى إذا فشلوا فإنهم زرعوا الأساس لفرض صوتهم في المستقبل. قد يكون هناك فائزون وهميون، مثل المرشح الذي استعمل الوسائل القديمة والطرق الملتبسة؛ لكن لكل مرحلة ضريبتها، وضريبة هذه المرحلة هي المرشحون الانتهازيون الذين لن يتم القضاء عليهم إلا بمزيد من المواطنة والالتفاف وراء الأسس التي تقوم عليها الأمة المغربية.. ومن يعرف في فلسفة الجذور لا يهمه ظهور بعض الأوراق التي ستسقط من تلقاء نفسها في فصل الخريف.. المهم أن يبقى الأساس نابضا بالحياة.. شكرا لسكان الأقاليم الجنوبية الذين سيعبرون عن وطنيتهم في هذا اليوم، وشكرا لكل من يؤمن ب"حزب المغرب"، ويعرف بأنه "لا فرق بين الجبلي والريفي والصحراوي والسوسي.".. إن نجاح الانتخابات هو ما يمكن أن نتباهى به أمام باقي البلدان التي تحشد كل الوسائل لتفكيك وتخريب هذه الدولة "الصاعدة"، التي تشكل بالفعل "استثناء" في شمال إفريقيا وفي محيط البحر الأبيض المتوسط .. يمكن استعمال عبارات فضفاضة، ويمكن انتقاد كل شيء، والانتقاد في هذا الزمن الذي لا يعاقب فيه أحد على حرية التعبير لم يعد شجاعة؛ بل الشجاعة هي المشاركة والتغيير من خلال المؤسسات.. أما استرخاص الوطن، فهو استرخاص للذات أولا.