المغرب يعبر عن استعداده لاستقبال المهاجرين غير الشرعيين من دول الاتحاد الأوروبي    تحقيق للفرقة الوطنية حول شبهات اختلاس بالقناة الثانية    المنتخب المغربي يتأهل رسمياً لبطولة أمم إفريقيا للمحليين 2025        المغرب يحجز مقعده في نهائيات كأس إفريقيا للمحليين دون عناء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    3 أمريكيين يفوزون بجائزة نوبل للكيمياء    المغرب على موعد مع "موازين إيقاعت العالم 2025" في شهر يونيو    إلى جانب القضايا الشائكة.. صفقة طائرات "إيرباص" على رأس جدول أعمال زيارة ماكرون إلى المغرب    الموافقة على إطلاق خط جوي بين طنجة والناظور بأسعار مشجعة        الخصاص في الأساتذة بأقسام إشهادية وينذر باحتجاجات في اقليم الحسيمة        جندي احتياط.. إصابة مستشار لوزير المالية الإسرائيلي في اشتباك بجنوب لبنان    تقرير: 79 في المائة من المغاربة يعتبرون الطريقة التي تواجه بها الحكومة الفساد داخل الإدارة العمومية سيئة أو سيئة جدا    عبد الجليل: الهيدروجين الأخضر ركيزة أساسية للانتقال الطاقي في مجال النقل        أصحاب سيارات الأجرة الصغيرة يطالبون برفع التسعيرة ونقابي يوضح ل" رسالة 24 " الحيثيات    الإمارات العربية المتحدة تجدد تأكيد "دعمها الكامل" لسيادة المغرب على صحرائه    بعد احتجاج الطلبة... جامعة مغربية تلغي محاضرة لأكاديمي إسرائيلي    وهبي للمحامين: الناس أعداء ما جهلوا.. ومشروع المسطرة المدنية عمره 30 سنة    إسبانيا تجدد التأكيد على تشبثها "بعلاقات مستقرة" مع المغرب    عزيز حطاب ل"رسالة24″: السينما المغربية تفرض وجودها بقوة على الساحة الدولية    ماذا يحدث للجسم البشري أثناء التعرض إلى "نوبة الهلع"؟    إحباط محاولة هجرة سرية نحو أوروبا وتوقيف تسعة أشخاص في الحسيمة    تيزنيت: الدرك يضبط"صوندا" تقوم بحفر بئر بدون ترخيص    استمراء العيش في الأوهام    المضيق: مجلس جماعة المضيق يصادق على منح الجمعيات وبرنامج انفتاح 2025/2026    إسرائيل تجازف بوجودها.. في مهبّ عُدوانيتها    في كتاب يصدر قريبا.. بايدن يصف نتانياهو بأنه "كاذب" و"لا يهمه سوى صموده السياسي"    قرعة غير رحيمة بممثلي المغرب في دروي الأبطال والكونفدرالية الإفريقيتين..        وهبي: النقاش حول القانون الجنائي يقترب من نهايته.. ومرسوم سيفرض تسجيل الوصايا قبل الوفاة لدى أقرب محكمة    كأس التميز.. الوداد يَسقُط أمام السوالم ونتائج متفاوتة في باقي المباريات    انتخاب المغرب على رأس الأمانة العامة للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية ذات الاختصاصات القضائية        المغرب يدين التهجم على غوتيريش ويؤكد موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية    الجمهور الإنجليزي يُفضل هذا اللاعب على بلينغهام    تأهبا لتفشي جدري القردة.. المغرب يتزود بدواء "تيبوكس"    حمضي: داء السل يتسبب في تسع وفيات يوميا بالمغرب    رغم المطالب الشعبية بوقف التطبيع.. المغرب يضاعف مبادلاته مع إسرائيل خلال عام من "حرب الإبادة" ضد الفلسطينيين    كيوسك الأربعاء | الغرامات المحكوم بها في قضايا الرشوة تصل إلى مليون و372 ألف درهم    القضاء البرازيلي يقرر رفع الحظر عن منصة "إكس"    كوريا الشمالية تعيد وزير دفاع سابق    مطلع على خبايا البيت الأبيض يبرز تقارب ترامب وبوتين    مع انطلاق موسم القنص.. أزيد من 1000 قناص ينشطون على مستوى اقليم الجديدة    برنامج "مدارات": حلقة جديدة.. صفحات من سيرة المؤرخ والعالم محمد الصغير الإفراني    وزارة الثقافة: اختيار اليونسكو للرباط كعاصمة عالمية للكتاب لسنة 2026 ثمرة لالتزام بلادنا بالنهوض بالثقافة وبدمقرطة المعرفة    المغرب أول دولة إفريقية تحصل على علاج "Tpoxx" لمواجهة مرض جدري القردة    فينتربيرغ يرأس حكام مهرجان مراكش    "التعلم الآلي" ينال جائزة نوبل للفيزياء    دراسة: الرصاص في المنتجات الاستهلاكية يتربص بالأطفال    تحليل ثقافي واحتجاج ميداني.. بلقزيز يستشرف قضية فلسطين بعد "طوفان الأقصى"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر حمّالة "البوليساريو"
نشر في هسبريس يوم 25 - 08 - 2021

لا يمكن إخفاء أن الجزائر تعيش أوضاعا سيئة اقتصاديا واجتماعيا، وتبيّن ذلك من خلال عدم توفر الشعب الجزائري على المواد الأساسية للعيش كالخبز والزيت وانقطاع الماء لشهور... بالإضافة إلى هشاشة البنيات التحتية. ولتدبير هذه الأزمة، تحاول الجزائر خلق فوضى على مستوى السياسة الخارجية وافتعال بروباغندا سياسية لستر ما تعانيه على مستوى سياستها الداخلية. فمن منظور الطرف الجزائري، حالة الفوضى ستمكّنهم أولا من إخماد السخط الشعبي، ومن جهة أخرى فرض تحالفات جديدة على المنطقة المغاربية تمنح للجزائر سيادة وهمية في المنطقة، خصوصا بعد فشل مشروع "البوليساريو" أو "الجزائر المقنّعة" الذي أنشأته مع الرئيس الليبي معمر القذافي، وهو من أكبر المشاريع التي قامت بها الجزائر حيث استثمرت أكبر نسبة من ثرواتها لتسليح هذه الجماعة ودعمها سياسيا وأيضا عبر تمويل مجموعات ضغط دولية. وفي الأخير، وقفت السلطة الجزائرية في تندوف لتبكي على الأطلال. أضف إلى ذلك آخر الصدمات الجزائرية من المكاسب الدبلوماسية المغربية: الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو قرار بأثر قانوني صادر عن رؤية إستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية.
"لكل هذه الأسباب" وغيرها، قرّرت الجزائر قطع علاقاتها مع المغرب، ودلالة هذا القرار في الممارسة الدبلوماسية تؤشر على إمكانية حدوث مواجهة عسكرية بين الدولتين. وهذا أمر جد وارد في الأيام المقبلة، حيث قامت الجزائر من قبل بالعديد من التحركات التصعيدية والاستفزازية؛ بدءا من تهجير سكان مغاربة من منطقة العرجة وتجريدهم من أراضيهم الزراعية، إلى إعلان ترسيم الحدود مع الجمهورية الوهمية ل"البوليساريو". والهدف وراء كل هذا العداء هو إحداث حرب في المنطقة، وجعلها وجهة للتدخلات الدولية لتهديد الاستقرار الأمني المغربي؛ وبالتالي تعطيل مشاريعه الاستثمارية، وإحداث اضطراب على المستوى المعيشي للشعب المغربي، فأي دولة تخوض حربا إلاّ ويتضرّر اقتصادها حتّى وإن تفوّقت عسكريا أو انتهت الحرب في آخر المطاف بالذهاب إلى طاولة المفاوضات وفقا لشروط وتعليمات دولية تقلّص من السيادة الوطنية لكلا الطرفين. والهدف ليس كسب المعركة، وإنما تحقيق تراجع اقتصادي للمغرب يوازي نظيره بالجزائر، وهذا ما أشار إليه المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية حين أبدى تخوفه من هيمنة المغرب على الجزائر وتونس في مجال التنمية، حيث إن جميع المؤسسات الجزائرية باتت مشلولة وغير قادرة على مواكبة سرعة وتيرة تقدّم المشروع التنموي المغربي. وهنا نستحضر خطاب الملك محمد السادس في ذكرى ثورة الملك والشعب عندما أشار إلى أن "المغرب تغيّر فعلا، لكن ليس كما يريدون"؛ فبفضل التحالفات الإستراتيجية التي كوّنها المغرب، استطاع تعزيز مكانته في المنطقة المغاربية والقارّة الإفريقية بشكل عام. ومن جهة أخرى، يمكن وضع فرضية ثانية لنفسر من خلالها حماسة الجزائر لإشعال فتيل الحرب مع المغرب، وهي تآمر جهات خارجية مع الجزائر من أجل تحقيق هذا المبتغى، مثل روسيا وألمانيا وإيران كي يجدوا لأنفسهم موطئ قدم في إفريقيا من خلال الصراع الجزائري المغربي والتضييق على الوجود الأمريكي بالمنطقة. وقد شاهدنا هذا السيناريو بشكل واضح في التدبير الدولي للملف الليبي، من خلال المزايدات السياسية ومحاولة نفي الشعب الليبي عن قضايا بلاده. ثم إن السلطات الجزائرية جاهزة للتفاوض مع جهات أجنبية على حساب القارة الإفريقية ولا تلتزم بأي انتماء عرقي أو ثقافي لهذه القارة، كيف لا؟ وهي تدعم إسبانيا من أجل المحافظة على فرض سلطتها على سبتة ومليلية، وهي الآن تقف مع دول لها تاريخ استعماري لعزل المملكة المغربية عن صحرائها، هذه المملكة التي كانت لها سندا في الفترة الاستعمارية.
إن الهوة الفاصلة بين المغرب والجزائر تكمن في مفهوم "التجديد" من ناحية النخب وأيضا البنية الذهنية؛ فالجزائر ترعى "البوليساريو" على حساب الشعب الجزائري لأزيد من أربعين سنة، توّجت هاته الفترة بثورة شعبية أزاحت الرئيس بوتفليقة وعرّت عن فراغ الساحة السياسية من نخب جديدة، فكان عبد المجيد تبون الذي شغل منصب الوزير الأول في حكومة بوتفليقة هو الخلف الكلاسيكي والضامن لاستمرارية نفس الجسد الحاكم، وبهذا تكون الجزائر تدور في حلقة مفرغة وسط جنرالات العسكر الجزائري.
"جزائر الستينات"، التي أدركها عام 2021، لم تستطع إحداث أي تجديد في سياستها الداخلية أو سياستها الخارجية. والدليل على هذا هو ما أعلنه وزير خارجية الجزائر في بيانه بخصوص قطع العلاقات مع المغرب، حيث قام بسرد أحداث من زمن الهواري بومدين، وكذلك فعل الرئيس تبون في تبريره لرفض إعادة فتح الحدود، حيث أشار إلى أن قرار الإغلاق جاء من قبل الملك الراحل الحسن الثاني. في حين قال الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة عيد العرش: "لا فخامة الرئيس الجزائري الحالي ولا حتى الرئيس السابق ولا أنا مسؤولين على قرار الإغلاق". وهذه إشارة إلى أن القرارات لا تتعلّق بالأشخاص وإنما بفترات محدّدة وسط أجواء سياسية لحظية يمكن تجاوزها عبر تغيير المسارات الجيوسياسية. وهذه الفكرة، بطبيعة الحال، يصعب على الجزائر استيعابها لأن الأجهزة التي تحكمها تؤمن "بشخصنة" القرارات السياسية، ولا تبادر بالإصلاح المؤسساتي لمواكبة ما يعيشه النظام الدولي من تحوّل جوهري وبنيوي من داخل المؤسسات. وأخيرا، يجب على الجزائر أن تستفيق من حلم ا"لبوليساريو" ووهم الريادة الإقليمية، وأن تعي ما أصبح يمثله "مغرب اليوم" على الصعيدين القارّي والعالمي.
(*) باحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.