لم يبق إلا أن نتسلل خفية ونسرق العيد... وعلى الطفولة المُغتصَبة ،أن تسرق العيد من فم الوحش الذي يطارد أحلامها... وتستطعم مذاق حلوى العيد على مرارتها، وتختال بملابس العيد الجديدة التي لا تغطّي جراحها التي لا تندمل بمرور الزّمن... وعليها أن تضع كوابيسها على الرّف، إلى ما بعد العيد... وأن ترتدي الفرحة المسروقة من شفاهها، وتلعب الغمّيضة بأعين مفتوحة... فالوحش مازال راقدا بين عينيها...ينتظر أن تغمضهما... حتى ينقضّ عليها. وعلى الآباء، أن يسرقوا العيد من أنياب الوحوش المتربّصة بأطفالها... ومن الغلاء الذي قسم الظّهور ولحس الجيوب، ويشتري من لاشيء..أشياء كثيرة.. ملابساً جديدة لأطفاله...ويملأ القفّة لداره... وعليه أن يفتح عينه جيدا، فالوحوش في كل مكان...وكما قالت نجاة أنوار " اللي خاف نجا" أي " ماشي تخيلي ولادك ضحية ساهلة للوحوش ومن بعد تجي تبكي علينا..." ثم يرتدي الفرحة المسروقة، ويبارك العيد بنفس مسدودة، وقلب كَدِر.. وعلى الأمّهات أن يسرقن العيد من الزّمن الأغبر الذي حوّل أمومتهن إلى كابوس، وجعلهن يمسكن أيدي أطفالهن بشدّة، حتى في المنام... فمن يدري قد يختبئ هناك وحش آخر، يتربص بطفولة فلذاتهن...فما من مكان إلا ونهشت فيه الوحوش لحم الطفولة، حتى المساجد لم تعد مكاناً آمناً.. وعليهن أن ينسجن من حرقة قلوبهن بسمة العيد، ويزين بها حلوى العيد...ويزّودنها بالسكر، عسى أن تغطي حلاوتها مرارة الواقع على شفاه أطفالهن.. وعلى المواطنين جميعا أن يسرقوا العيد.. من فم وحوش مختلفة الأحجام والأنواع ..وحوش تتربص بهم من كل جانب... الوحوش التي تلتهم براءة أطفالهم بضراوة... تتربص بهم في كل بيت، ومدرسة، وشارع... وبكل زاوية.. وعليهم أن يصبحوا حراساً على طفولتهم الغالية في كل آن، وكل وقت..فهيهات أن تغمض عين الراعي عن حملانه؟ وإلا فالذئب بالمرصاد... والوحوش التي تلتهم كرامتهم... أحزاب تتخبط تخبط عشواء لا تعرف يمينها من شمالها، لا تجيد سوى المزايدة بهموم الكادحين، وتبيعهم بأول اختبار... حكومة "فزاعة" لا تصلح إلا لإخافة الطيور.. لا حول لها ولا قوة، تمثل دور الحكومة لكنها لا تحكم نملة.. وحكومة أخرى في الظل.. تحكم كل شيء، وأي شيء يدب على الأرض..وتُحكم الوثاق من وراء الكواليس .. وحين تخطئ، تضحّي بأحد أتباعها ،وتستمر القافلة في المسير... والشّعب الطّيب يسرق عيده، وينسلّ.. تاركا لهم الجمل بما حمل... [email protected]