قرّر السودان تسليم الرئيس المعزول عمر البشير واثنين من مساعديه إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب خلال سنوات النزاع في إقليم درافور. ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا" عن وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي قولها بعد لقائها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم أسد خان الذي يزور السودان: "قرّر مجلس الوزراء تسليم المطلوبين إلى الجنائية الدولية". وأكدت الوزيرة تعاون بلادها مع المحكمة "لتحقيق العدالة لضحايا حرب دارفور". والبشير موجود حاليا في سجن كوبر بالعاصمة السودانية. وقد عزل وأوقف في أبريل 2019 إثر حركة احتجاج شعبية واسعة ضده. وصادق مجلس الوزراء السوداني، الأسبوع الماضي، على قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، في ما اعتبر خطوة جديدة في اتجاه محاكمة البشير أمام الهيئة القضائية الدولية في لاهاي. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في العام 2009 مذكرة توقيف في حق البشير الذي اتهمته بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع المسلح في دارفور الذي اندلع في 2003 وقتل خلاله أكثر من 300 ألف شخص. كما أصدرت مذكرتي توقيف في حق اثنين من مساعديه، هما وزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين وحاكم ولاية جنوب كردفان السابق أحمد هارون، المحبوسين في سجن كوبر أيضا. وطالب هارون، مطلع ماي، بإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية عقب مثوله أمام لجنة تحقيق حكومية. ووصل المدعي العام الجديد للمحكمة الجنائية الدولية كريم أسد خان، الذي تولى منصبه في يونيو، إلى السودان يوم الاثنين برفقة عدد من مستشاريه ومسؤولين في المحكمة الدولية في زيارة تمتد حتى الخميس. تعاون مطلق أكد النائب العام السوداني مبارك محمود لدى لقائه المدعي العام الدولي، الثلاثاء، استعداد بلاده للتعاون "المطلق مع المحكمة الجنائية الدولية في كل القضايا، لا سيما قضية ضحايا حرب دارفور وتحقيق العدالة لهم". وفي ماي الماضي، زارت المدعية السابقة للمحكمة فاتو بنسودا دارفور، وكانت أرفع مسؤول في المحكمة يزور الإقليم منذ إحالة مجلس الأمن الدولي ملف دارفور إلى المحكمة في عام 2005. وعقدت بنسودا اجتماعا مع ممثلين لأسر الضحايا الذين يعيشون في مخيمات حول مدينة الفاشر، وقد رفعوا يومها لافتات تطالب بالعدالة للضحايا وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية. واندلع القتال في دارفور عام 2003 عندما حمل متمردون أفارقة السلاح ضد نظام البشير الذي كان يهيمن عليه العرب. واستعانت الخرطوم آنذاك بميليشيا الجنجويد التي كانت تجند مقاتلين من القبائل الرحل في المنطقة. وأعلنت المحكمة الدولية في يوليوز أن زعيما لميليشيا الجنجويد هو علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف باسمه الحركي علي كوشيب، سيكون أول متهم يخضع للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية خلال النزاع المسلح في دارفور. وكان كوشيب سلم نفسه إلى المحكمة العام الماضي. ودعت بنسودة خلال زيارة إلى الخرطوم الحكومة السودانية الانتقالية إلى تسليم أحمد هارون إلى القضاء الدولي لكي يحاكم مع كوشيب. وكان مجلس السيادة الانتقالي، أعلى سلطة حاليا في السودان، المكون من مدنيين وعسكريين مع مهمة إدارة الفترة الانتقالية في البلاد، وعد بعد تسلمه الحكم في فبراير 2020، بمثول البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية. ويحاكم البشير أمام محكمة سودانية بتهمة القيام بانقلاب عسكري على النظام في يونيو 1989.