قر ر السودان تسليم الرئيس المعزول، عمر البشير، واثنين من مساعديه إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي تطالب بهم منذ أكثر من عشر سنوات، و تتهمهم بارتكاب "إبادة" وجرائم ضد الإنسانية، خلال سنوات النزاع في إقليم درافور. ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا"، اليوم الأربعاء، عن وزيرة الخارجية، مريم الصادق المهدي، قولها بعد لقائها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم أسد خان، الذي يزور السودان "قرر مجلس الوزراء تسليم المطلوبين إلى الجنائية الدولية". وأكدت الوزيرة، وهي ابنة رئيس الوزراء الأسبق، الصادق المهدي، الذي أطاح به عام 1989 انقلاب للبشير، على "أهمية" تعاون بلادها مع المحكمة "لتحقيق العدالة لضحايا حرب دارفور". لم تحدد الوزيرة موعد تسليم القادة الثلاثة السابقين، وسوف يعرض الأمر في اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة، والوزراء للموافقة على التسليم، والمصادقة على قانون التسليم. وأعربت الولاياتالمتحدة، الأربعاء، عن "ترحيبها" بقرار السودان تسليم الرئيس المعزول عمر البشير، واثنين من مساعديه إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي تتهمهم بارتكاب "إبادة"، وجرائم ضد الإنسانية خلال سنوات النزاع في إقليم دارفور. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحافيين "نحث السودان على مواصلة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية من خلال تسليم الأشخاص المطلوبين، وتشارك الأدلة معها. من شأن ذلك أن يشكل تقدما كبيرا للسودان في مكافحته عقودا من الإفلات من العقاب". والبشير موجود، حاليا، في سجن كوبر في العاصمة السودانية، وقد عزل وأوقف في أبريل 2019 إثر حركة احتجاج شعبية واسعة ضده. وصادق مجلس الوزراء السوداني، الأسبوع الماضي، على قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، في ما اعتبر خطوة جديدة في اتجاه محاكمة البشير أمام الهيأة القضائية الدولية في لاهاي. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في عام 2009 مذكرة توقيف في حق البشير، الذي اتهمته بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، خلال النزاع المسلح في دارفور، الذي اندلع في 2003 بين القوات الحكومية مدعومة بميليشيات، ومجموعات من المتمردين، وقتل خلاله أكثر من 300 ألف شخص. كما أصدرت مذكرتي توقيف في حق اثنين من مساعديه، وهما وزير الدفاع السابق، عبد الرحيم محمد حسين، وحاكم ولاية جنوب كردفان السابق، أحمد هارون، المحبوسين في سجن كوبر، أيضا. وطالب هارون، مطلع ماي، بإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية عقب مثوله أمام لجنة تحقيق حكومية. ووصل المدعي العام الجديد للمحكمة الجنائية الدولية، كريم أسد خان، الذي تولى منصبه في يونيو، إلى السودان، الاثنين، برفقة عدد من مستشاريه، ومسؤولين في المحكمة الدولية في زيارة تمتد حتى الخميس. واجتمع، الأربعاء، مع اثنين من المسؤولين، المتمردين السابقين في دارفور، اللذين هما، اليوم، عضوان في مجلس السيادة الانتقالي، الذي يحكم البلاد، ووقعت حركات التمرد في دارفور اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية، في أكتوبر الماضي. وقال مجلس السيادة الانتقالي في تعميم صحافي "التقى عضوا مجلس السيادة الانتقالي الهادي إدريس، والطاهر حجر بالقصر الجمهوري، اليوم، كل على حدة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية". وأشار المجلس إلى أن خان سيزور السودان، مرة أخرى، في نونبر المقبل، وسيقدم تقريرا إلى مجلس الأمن، في دجنبر المقبل. وأكد النائب العام السوداني، مبارك محمود، لدى لقائه المدعي العام الدولي، الثلاثاء، استعداد بلاده للتعاون "المطلق مع المحكمة الجنائية الدولية في كل القضايا، لا سيما قضية ضحايا حرب دارفور، وتحقيق العدالة لهم". وعقدت بنسودا اجتماعا مع ممثلين لأسر الضحايا، الذين يعيشون في مخيمات حول مدينة الفاشر، وقد رفعوا يومها لافتات تطالب بالعدالة للضحايا، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية. واندلع القتال في دارفور عام 2003 عندما حمل متمردون أفارقة السلاح ضد نظام البشير، الذي كان يهيمن عليه العرب. واستعانت الخرطوم، آنذاك، بميليشيا الجنجويد، التي كانت تجند مقاتلين من القبائل الرحل في المنطقة. وأعلنت المحكمة الدولية، في يوليوز، أن زعيما لميليشيا الجنجويد هو علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف باسمه الحركي علي كوشيب، سيكون أول متهم يخضع للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الانسانية، خلال النزاع المسلح في دارفور. وكان كوشيب سلم نفسه إلى المحكمة، العام الماضي. ودعت بنسودة، خلال زيارة إلى الخرطوم الحكومة السودانية الانتقالية إلى تسليم أحمد هارون إلى القضاء الدولي لكي يحاكم مع كوشيب. وكان مجلس السيادة الانتقالي أعلى سلطة، حاليا، في السودان، والمكو ن من مدنيين، وعسكريين مع مهمة إدارة الفترة الانتقالية في البلاد، وعد بعد تسلمه الحكم، في فبراير 2020، بمثول البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية. ويحاكم البشير أمام محكمة سودانية بتهمة القيام بانقلاب عسكري على النظام في يونيو 1989.