في مخيم كلمة في إقليم دارفور، تسود حالة من الفرح بين السكان الذين شردهم نزاع دام، بعد إعلان الحكومة الانتقالية السودانية موافقتها على تسليم الرئيس السابق عمر البشير الى المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمه بجرائم حرب في الإقليم. داخل المخيم الواقع قرب نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، يقول ابراهيم عمر الذي كان في السابعة من عمره عند اندلاع النزاع عام 2003 ، "الضحايا وكل المتضررين من الحرب بدارفور تغمرهم السعادة اليوم نتيجة الاتفاق على تسليم البشير وأعوانه للمحكمة الجنائية". وتمت الإطاحة بالبشير في أبريل، بعد حركة احتجاج استغرقت أشهرا دفعت الجيش الى الانقلاب عليه. وأعلن المجلس الانتقالي السوداني الثلاثاء أنه سيتم تسليم البشير وثلاثة أشخاص آخرين إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحقهم بتهم جرائم ارتكبت في إقليم دارفور الواقع في غرب السودان. واندلع النزاع في إقليم دارفور عندما حمل متمردون ينتمون إلى الأقليات ذات الأصول الإفريقية السلاح في وجه حكومة البشير التي اتهمت بتهميش المنطقة اقتصاديا وسياسيا. وأنشىء مخيم كلمة مع بدء النزاع ويأوي الآن قرابة 230 ألف نازح. ويقول آدم علي ذو الخمسة وستين عاما "الفرحة الشديدة عمت سكان المخيم عند سماعهم خبر الاتفاق على تسليم البشير للمحكمة الجنائية". ويضيف علي، وهو واحد من عشرات الآلاف الذي هجروا قراهم وبلداتهم الأصلية بسبب الحرب التي أوقعت نحو 300 ألف قتيل وفق إحصاءات دولية، "كنا نتابع هذا الموضوع بشغف لأنه إذا لم يسلم للجنائية، يمكن أن تقوم حرب من جديد". ويعتبر تسليم البشير الى المحكمة الجنائية الدولية أحد المطالب الرئيسية للمتمردين في الإقليم الذين تسعى السلطات الانتقالية الحالية للتوصل الى سلام معهم. ويقيم سكان مخيم كلمة في منازل بنيت من الطين والقش ويعتمدون على المساعدات التي تقدمها وكالات الأممالمتحدة والمنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة. ووعدت الحكومة السودانية الجديدة بإرساء السلام في إقليم دارفور الذي اندلعت فيه عام 2003 حرب بين المتمردين والقوات الحكومية شردت 2,5 مليون شخص، بحسب الأممالمتحدة. وعمر البشير مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم القتل والإبادة والترحيل القسري والتعذيب والاغتصاب. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية قبل نحو عشر سنوات مذكرات توقيف بحقه وحق ثلاثة مسؤولين سودانيين آخرين هم وزير الدفاع الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الدولة الأسبق في الداخلية أحمد محمد هارون، وزعيم ميليشيا محلية يدعى علي كوشيب، بتهم ارتكاب جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. ويقول اسحق محمد عيسى (72 عاما) إنه "شعر بارتياح كبير" لموافقة الحكومة السودانية على محاكمة البشير أمام الجنائية الدولية، مشيرا الى أن عددا من أفراد أسرته "قتلوا في الحرب". ويؤكد يعقوب محمد أحد المسؤولين عن شؤون النازحيين في المخيم أن خطوة الحكومة "ستبني الثقة بينهم وبين الحكومة الانتقالية". ويضيف وهو يجلس أمام منزله في المخيم "كما أنها تمثل انتصارا للضحايا". ويقول جمال محمد من جهته "شعرنا براحة عند سقوط البشير والآن شعرنا بأننا نتعافى (من آثار الحرب) بعد قرار تسليمه الى المحكمة الجنائية الدولية، فهذا مطلب أساسي بالنسبة لنا". وحضت منظمات غير حكومية مدافعة عن حقوق الإنسان الخرطوم على التعجيل في تسليم الرئيس السابق إلى المحكمة الجنائية الدولية. ويشدد حسن اسحق على أنه "إذا لم يسلم البشير وأعوانه الى المحكمة الجنائية الدولية، فلن يجد السلام طريقا الى دارفور".