أعلنت الحكومة السودانية، اليوم الثلاثاء، أنها وافقت على مثول المطلوبين من رموز النظام السابق، وعلى رأسهم الرئيس المخلوع عمر البشير، أمام المحكمة الجنائية الدولية، من أجل تحقيق العدالة وتأكيد مبدأ عدم الإفلات من العقاب. وجاء الإعلان الحكومي عقب جولة من التفاوض في مدينة جوبا، بين الحكومة وحركات مسلحة في دارفور، وهي المفاوضات التي تبحث في تحقيق السلام في الإقليم. وقال المتحدث الرسمي باسم وفد الحكومة، محمد حسن التعايشي، في تصريحات صحافية، أن المفاوضات ناقشت اليوم ورقة خاصة بتحقيق العدالة الانتقالية، واتفقت على 4 محاور رئيسة لتحقيقها، أولها مثول الذين أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر قبض بحقهم، أمام المحكمة، مشيراً إلى أن الحكومة قبلت بهذا المحور، قناعة منها بأن تحقيق العدالة سيداوي جراحات الحرب وينصف الضحايا، وإيماناً منها قبل ذلك بمبدأ العدالة الذي رفعته الثورة السودانية، كواحد من شعاراتها. "وأكد أنه لن يكون هناك اتفاق سلام من دون تحقيق العدالة، مع وجود جرائم حرب وضد الانسانية، ارتُكبت في حق أبرياء في دارفور ومناطق أخرى، معتبراً أن عدم مثول الذين صدرت بحقهم أوامر قبض أمام المحكمة الجنائية الدولية لن يحقق السلام. ويقف البشير على رأس قائمة من 4 من رموز النظام السابق، وجهت لهم المحكمة اتهامات بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية في دارفور، وأصدرت أوامر قبض بحقهم. وتشمل القائمة كذلك وزير الدفاع الأسبق، الفريق عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الدولة بالداخلية الأسبق أحمد هارون، والقيادي القبلي علي كوشيب. وأوضح التعايشي أن المحاور الثلاثة الأخرى لتحقيق العدالة في دارفور تشمل تكوين محكمة خاصة بجرائم دارفور، بما فيها الجرائم ضد الإنسانية، مهمتها التحقيق والمحاكمة في تلك الجرائم، إضافة إلى محور خاص بالعدالة التقليدية، ومحور الحقيقة والمصالحة. وأشار إلى أن النقاش حول موضوع العدالة سيستكمل مساء اليوم، واذا اكتمل على الاتفاق على بند خاص بالقضاء الوطني، وبند فرعي خاص بالمحكمة الخاصة، فسيطوي الطرفان صفحة ورقة العدالة الانتقالية، ومن ثم سيتم الانتقال إلى ورقة حول الأرض في إقليم دارفور. ويواجه الرئيس السوداني المخلوع اتهامات بارتكاب إبادة جماعية، وجرائم حرب، وجرائم ضدّ الإنسانية، في الصراع الذي اندلع في إقليم دارفور عام 2003. وقالت منظمة العفو الدولية، في تغريدة في وقت سابق اليوم، إنّها تتحقق من التقارير التي تحدثت عن أن السلطات الانتقالية في السودان وافقت على تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية. وأشارت في تغريدة عبر "تويتر" إلى أن ضحايا الفظائع التي ارتكبت في دارفور انتظروا هذه اللحظة لوقت طويل، لأن البشير كان هارباً من العدالة الدولية لأكثر من عشر سنوات. وأعلن النائب العام السوداني تاج السر الحبر، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عن بلاغ جنائي ضد البشير بشأن اتهامه بجرائم ضد الإنسانية في دارفور. وقال إن النيابة دوّنت بلاغاً جنائياً ضد البشير ووزير دفاعه الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، والزعيم القبلي علي كوشيب، وجميعهم مطلوبون للمحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى متهمين آخرين يصل عددهم إلى أكثر من 51 متهماً، على خلفية الأحداث التي وقعت في الإقليم منذ العام 2003، والتي ذكر أنها "هزت كل الضمير العالمي"، مبينا أنهم اطلعوا على كل التقارير الدولية التي صدرت في هذا الشأن، "وأيا كان وجه الرأي، سواء كانت المحاكمة خارج أو داخل السودان، أو في أي دولة آخرى، لا بد من إجراءات تحرٍّ محترمة تستطيع تقديم المتهمين للمحكمة".