عادت أرباح شركة أرامكو السعودية العملاقة للطاقة في الربع الثاني من عام 2021 إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، إذ تضاعفت نحو أربع مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، على خلفية ارتفاع أسعار النفط والطلب. وقال رئيس أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين، أمين الناصر، إن "الربع الثاني يعكس نتائج مميزة جدا لأرامكو السعودية، مستندة إلى الانتعاش القوي في الطلب العالمي على الطاقة"، وأضاف أن هذا "يعزز دخول أرامكو في النصف الثاني من 2021، وهي أكثر مرونة وقدرة على التكيف في ظل موجة الانتعاش الاقتصادي العالمي". وجاءت القفزة في الأرباح الأخيرة للشركة بعدما تراكمت ديونها العام الماضي بسبب الضربة المزدوجة الناتجة عن الانخفاض الكبير في أسعار النفط والتراجع الحاد في الطلب العالمي على خلفية جائحة كوفيد-19. وقالت الشركة في بيان نشرته سوق المال السعودية "تداول" على موقعها إن أرباحها الصافية ارتفعت إلى 25.5 دولارات في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة ب6.6 مليارات دولار في الربع نفسه من 2020، أي بنحو 288 بالمائة. وكانت أرامكو، أكبر شركة نفط بالعالم، حققت في الربع الثاني من عام 2019، قبل اجتياح الجائحة لاقتصاديات العالم، ربحا صافيا قدره 24.7 مليارات دولار. وأرجعت الشركة "الأداء القوي" في الربع الثاني من العام الجاري إلى ارتفاع أسعار النفط الخام، وتحسن هوامش أرباح أعمال التكرير والكيميائيات وتخفيف القيود المرتبطة بجائحة كوفيد-19، وكانت حققت أرباحا بلغت 21.7 مليارات دولار في الربع الأول من 2021. وأعلنت الشركة أيضا عن توزيع أرباح عن الربع الثاني بقيمة 18.76 مليار دولار، وذلك مع بداية الشهر المقبل، وهي القيمة نفسها التي وزعتها عن الربع الأول. وحققت الشركات النفطية العالمية الكبرى، مثل اكسون موبيل الأميركية ومجموعة رويال داتش شل البريطانية الهولندية وتوتال إنيرجي الفرنسية أرباحا في الربع الثاني من العام الجاري، مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط مع انتعاش الطلب العالمي. وتسجل أسعار النفط الخام التي كانت تتراوح ما بين 30 و40 دولارا في ربيع العام 2020 ارتفاعا تدريجيا، ووصلت إلى أكثر بقليل من سبعين دولارا للبرميل؛ وذلك بفضل الانتعاش العالمي مع إعادة فتح الاقتصاديات الكبرى وحملات التلقيح المستمرة. انفتاح أرامكو قبل شهرين، جمعت أرامكو ستة مليارات دولار في أولى عملياتها لبيع صكوك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية مقوّمة بالعملة الأميركية. وكانت أرامكو تكبّدت خسائر فادحة في 2020 مع تراجع أرباحها بنسبة 44.4 بالمائة عن أرباح العام السابق، بسبب انخفاض أسعار النفط الخام، مع تراجع الطلب العالمي جراء وباء كوفيد-19. وضاعفت هذه الخسائر الضغوط على المشاريع السعودية الطموحة لتنويع الاقتصاد البالغ كلفتها مليارات الدولارات. ويأتي الإعلان عن الأرباح الأحد بعد أقل من شهر على اتفاق منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) على أن يرفع تحالف "أوبك بلاس"، المؤلف من 23 دولة، الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا كل شهر، اعتبارا من غشت، للمساعدة في دفع التعافي الاقتصادي العالمي قدما مع انحسار الوباء. وجاء الاتفاق بعد خلاف علني نادر بين السعودية والإمارات حول حصص زيادة الإنتاج. وكانت أرامكو "جوهرة تاج" المملكة تخضع لسيطرة الحكومة بإحكام، وتعتبر محظورة على الاستثمار الخارجي. لكن مع صعود الحاكم الفعلي للبلاد الأمير محمد بن سلمان أبدت المملكة استعدادها للتخلي عن بعض السيطرة؛ فيما تسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتنويع اقتصادها. وبموجب خطة طموحة لجذب مزيد من المستثمرين، أُدرجت أرامكو في سوق الأسهم السعودية في ديسمبر 2019 بعد أكبر عملية طرح عام أولي في العالم وصلت قيمته إلى 29.4 مليارات دولار، مقابل بيع 1.7 في المائة من أسهمها. وفي أبريل الفائت، قالت أرامكو إنها ستجني 12.4 مليارات دولار في إطار صفقة مع شركة أميركية تتعلق باستخدام شبكتها من خطوط الأنابيب. اهتمام المستثمرين يتضاءل في يناير، أعلن ولي العهد الشاب أنه سيكون هناك طروحات قادمة لبيع المزيد من أسهم شركة أرامكو في السنوات المقبلة، وقال إن بيع الأسهم مستقبلاً سيكون وسيلة رئيسية لتعزيز قوة صندوق الاستثمارات العامة الذي يعد المحرك الرئيسي لجهود تنويع الاقتصاد. وفي أبريل الفائت، أعلن بن سلمان أن نقاشا يجري مع شركة طاقة أجنبية لبيعها واحدا بالمائة من أسهم أرامكو، دون أن يسميها. لكنّ محللين يعتقدون أنّ اهتمام المستثمرين الدوليين بالوقود الأحفوري يتضاءل يوما بعد يوم. كما أن هناك مخاوف من هجمات متزايدة على المنشآت النفطية لأرامكو في المملكة يشنها المتمردون الحوثيون. وتثير مخاطر هجمات سيبرانية مخاوف أيضا، إذ أقرت أرامكو في يوليوز الفائت بتسرب بيانات خاصة بالشركة عبر أحد متعاقديها، لكنها قالت إنه "لا تأثير" لذلك على عملياتها. غير أن الشركة السعودية أكّدت أنها "حافظت على سجلها القوي في موثوقية الإمدادات، إذ بلغت موثوقية تسليم شحنات النفط الخام والمنتجات الأخرى في الربع الثاني من عام 2021 نسبة 100%"؛ كما أشارت إلى أنها تواكب خطة التلقيح الوطنية ضد فيروس كورونا بتلقي 95 بالمائة من موظفيها وموظفاتها و70 بالمائة من أفراد أسرهم جرعة واحدة على الأقل بحلول نهاية يونيو 2021.