نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية تقريراً تقول فيه إن مسؤولين مغاربة، يفكرون حاليا في السماح بزراعة القنب الهندي بالبلاد، بهدف دعم الاقتصاد والحيلولة دون وقوع ضغط في الشارع المغربي الذي لم يعرف احتجاجات ونتائج مشابهة لِما عرفته مصر وتونس. "سأكون سعيدا إذا ما قرّرت السلطات أن تتوقف عن حملة اعتقالاتها ضدنا وتتركنا نشتغل داخل حقولنا في أمان" يقول مصطفى الطاهري، مزارع بالشمال المغربي، وأب لسبعة أبناء، سبق للشرطة المغربية أن داهمت منزله الموجود بقرية بني جميل السنة الماضية. ينتظر مصطفى اليوم الذي سيستطيع فيه، بيع منتجاته من نبتة القنب الهندي، دون الخوف من الوقوع في قبضة الشرطة، متحدثا على أن تصالح الأمن مع تجارة المخدرات، سيجعله يبيع الكيلوغرام الواحد من القنب ب 7500 درهم، وهو ما يقارب نصف ما يأخذه من الوسطاء. ما يقارب 800 ألف مغربي يعيش من تجارة القنب الهندي، بأرباح سنوية تصل إلى 10 مليار دولار، أي ما يمثل قرابة 10 في المئة من الاقتصاد المغربي، حسب جمعية محلية تنادي بالاستخدام الطبي والصناعي للقنب الهندي، فالترخيص بصناعة هذا النوع من المخدر، سيُمّكن المغرب، صاحب سادس أكبر اقتصاد بإفريقيا، من الاستفادة منه لأغراض صناعية أكثر مما يتعلق بتجارته، وهو ما سيقوي الصادرات، وسيساعد على تجاوز العجز الاقتصادي الذي وصل ل197 مليار دولار درهم خلال السنة الماضية، كما سيساعد في تهدئة ساكنة هذه المنطقة المضطربة نوعا ما بعد موجات الربيع الديمقراطي التي أتت على تونس ومصر وليبيا، إضافة إلى أن تقنين القنب الهندي، وكما يقول الحقوقي شكيب الخياري، سيقدم بدائل للمزارع الصغيرة وسيخرج بها من معادلة تهريب المخدرات. حزبا العدالة والتنمية الحاكم، والأصالة والمعاصرة المُعارض، يتفقان على ضرورة تقنين هذا النوع من المزروعات، فمحمد بودرا، البرلماني عن إقليمالحسيمة عن حزب الجرار، في جهة تعتبر أكبر منطقة لزراعة القنب الهندي، يقول إن حزبه سيسعى إلى سن قانون لزراعة القنب الهندي في غضون الثلاث سنوات القادمة، وهو ما أكدته النائبة البرلمانية عن الحزب ذاته، خديجة الرويسي، عندما دعت إلى نقاش وطني حول القنب الهندي، وكذلك يؤكد عبد الحليم العلمي، عن حزب المصباح، بأن التقنين يجب أن يتم بالطريقة المثلى، مشيرا إلى ضرورة الاستفادة من الفضائل الطبية لهذه النباتات، في التفكير اتجاه تطوير صناعة صيدلانية، وكذا جلب الاستثمارات الخارجية، متحدثا عن أن هذا القطاع سيكون واعدا لاقتصاد المغرب. قبل ثورات الربيع الربيعي، كانت السلطات المغربية تقوم بحملات حرق لمَزارع القنب الهندي، الأمر الذي قلّل من مساحتها إلى 47 ألف هكتار بعد أن كانت 137 ألف هكتار في عام 2003 حسب أرقام لمكتب الأممالمتحدة، كما كانت الدولة المغربية تشجع المزارعين على غرس زهور الأوركاديا وأشجار الزيتون واللوز، التي تباع ما بين 70 و 100 درهم للكيلوغرام الواحد. تتركز زراعة القنب الهندي إلى حد كبير بشمال المغرب في جبال الريف، حيث بدأ المزارعون هناك منذ قرون هذا النشاط على المنحدرات، ومعظم فلاحي المنطقة لديهم بقع متواضعة لزراعة هذا النوع من النبات، حيث يقول الطاهري إن هكتارا واحدا يمكن أن يحقق ما بين خمس إلى ست كيلو من القنب سنويا، في منطقة تَعرف أكبر المعدلات على الصعيد الوطني فيما يتعلق بالفقر، الوفيات أثناء الوضع، ونسبة الأمية وسط الفتيات، وهي المنطقة ذاتها التي يسير الملك محمد السادس في اتجاه إصلاح أوضاعها بعد الإرث الثقيل لوالده، الذي كان قد أهمل الشمال المغربي خلال حكمه في فترة تميزت بالعنف ضد المعارضين. "هناك قرى في الريف خلت من رجالها، إما بسبب وجودهم في السجون أو نتيجة لهربهم من قبضة الشرطة" يتحدث القيادي في حزب الاستقلال عادل بنحمزة، مضيفا:" نحن نزرع الشعير والعنب ونجعل منهما البيرة والنبيذ، فأين هي المشكلة؟". أما بالنسبة للطاهري، الذي يرعى والدته المريضة في وقت يعاني فيه جيبه من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فهو يرى أن التقنين لن يحدث في وقت قريب، وبالتالي فهو لن يتخلى عن تجارة القنب الهندي، ما دام هو الشيء الذي يستطيع عمله في تلك الأرجاء. تجدر الإشارة، دائما وفق تقرير الإندبدنت، إلى أن المغرب، يخاطر حاليا بفقدان مكانته الاستثمارية السيادية في تصنيف ستاندرد اند بورز بعد الزيادات الأخيرة في الأجور ودعم الأسعار لمواجهة تأثيرات الربيع الديمقراطي، فهذه الإجراءات أضعفت كثيرا مالية الحكومة المغربية، حيث ارتفعت نسبة الديون في الناتج المحلي الإجمالي إلى أزيد من 60 في المائة سنة 2012 بعدما كانت النسبة 49 في المئة سنة 2009، كما يعاني المغرب من عجز مالي هو الأصعب منذ ثلاثة عقود حسب بيانات وزارة المالية، وحسب كلام أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، الذي أكد الشهر الماضي، أن الديون المغربية اقتربت من المنطقة الخطرة.