كَغيرهم من مغاربة العالم، يعيش أفراد الجالية المغربية المقيمة في فنلندا عددا من المشاكل، سواء فيما يتعلق باستخراج الوثائق الإدارية، أو غياب التأطير الثقافي والدّيني لأبنائهم. في السطور الآتية بعض من المشاكل التي يعاني منها مغاربة فنلندنا، والتي يطالبون السطات المغربية بأن تعمل على إيجاد حلول لها، ومنها على الخصوص مشكل التأطير الثقافي والديني، الذي يجعلهم يتخوّفون على أبنائهم من أن يتسرّب إلى عقولهم خطاب ديني من مراكز ثقافية عربية وإسلامية، يقودهم إلى التطرف. "خطرُ التطرّف يهدّدا أبناءنا" في فنلندا، وعلى الرغم من تواجد جالية مغربية تُقدّر بما بين 2000 و 3000 آلاف مغربي ومغربية، يتمركز الجزء الأكبر منها في العاصمة هلسنكي، لا يوجد مركز ثقافي مغربيّ واحد، مَا يُضاعف من عزلة المغاربة المقيمين هناك، ويجعل الأجيال القادمة تفقد الصلة بينها وبين وطنها الأصليّ. ليس هذا فحسب، بل إنّ غياب مركز ثقافي مغربي هناك، يجعل هذه الأجيال تنفتح على مراكز دول أخرى، عربية وإسلامية، وهو ما قد يفتح أبواب "المجهول" أمام هذه الأجيال، وأوّلها باب التطرف، بسبب الخطاب الديني المتزمّت الذي يسود في بعض هذه المراكز، التي ترك لها المغرب المساحة فارغة لتؤطّر أبناء جاليته المقيمة في دولة فنلدنا. يقول يونس إجيري، رئيس المنتدى المغربي بفنلندا "كايضْرّنا قْلبنا ملي كانشوفو الصوماليين عندهم مركز ثقافي وحْنا ما عندناش، ولا يجد أبناؤنا حتى مكانا لتعلم اللغة العربية، أو فضاء للالتقاء، رغم أنّ الجالية المغربية أكثر عددا من الجالية الصومالية". ويضيف أنّ غياب مركز ثقافي مغربي، على الأقل في العاصمة هلسنكي، يجعل أفراد الجالية المغربية المقيمة في فنلندا تضع يدها على قلبها، خوفا على أبنائها من الانجراف وراء خطابات دينية متشدّدة، من خلال ارتيادهم للمركز الثقافي الصومالي، والمساجد التي يشرف عليها الصوماليون، وتموّلها المملكة السعودية، والتي يتلقون فيها خطابا مخالفا للثقافة المغربية، وهو ما قد يدفعهم إلى الالتحاق ببؤر التوتّر والإرهاب. التأطير الديني للجالية المغربية المقيمة بفنلندا، يضيف يونس إجيري(الصورة رفقة الرئيسة السابقة لفنلندا) غائب تماما، لحدّ أنّ أفراد الجالية المقيمة هناك يلجؤون إلى مساجد الصوماليين من أجْل حلّ المشاكل التي تنجم بين الأزواج، بل منهم من يقصد تلك المساجد للزواج، على طريقة "الزواج العرفي". خدمات إدارية متعثرة وغياب خطّ جوّي من الأمور التي يشكو منها مغاربة فنلندا، تعثّر بعض الخدمات المتعلقة باستخراج الوثائق من المصالح الإدارية للسفارة المغربية بالعاصمة هلسنكي. ففيما يتعلق بجواز السفر، يُعاني المغاربة القاطنون في مدن بعيدة عن هلسنكي كثيرا، خصوصا في الشمال، والذين يضطرون لقطع مسافة قد تصل إلى 500 كلمتر، كلما احتاجوا لتجديد جواز السفر. قبل 20 عاما، يحكي يونس إجيري، عندما كان الفنلنديون هم من يدبّر خدمات الجالية المغربية المقيمة هناك، ولم تكن السفارة بعد موجودة، كان الحصول على جواز السفر أمرا يسيرا، إذ يتمّ إرساله إلى صاحبه، أينما كان، عبر البريد، دونما حاجة إلى القدوم لتسلّمه بنفسه، وعندما أقيمت السفارة، تعقّدت الأمور ولم تعد تتمّ بنفس السهولة التي كانت تتمّ بها قبل عشرين عاما. ويضيف إجيري أنّ التعامل مع أفراد الجالية المغربية المقيمة بفنلندا، خصوصا فيما يتعلق بإعداد الوثائق الإدارية يجب أن يتغيّر، خصوصا مع الجيل الحالي، الذي ينظر إلى التعقيدات المصاحبة لاستخلاص الوثائق باستغراب، طالما أنّ إعداد جواز السفر الفنلدي مثلا، لا يتطلب من صاحبه غير مَلْء استمارة عبر الأنترنت، ويأتيه الجواز إلى البيت، فيما الحصول على جواز السفر المغربي يتطلب الإتيان بعدد من الوثائق، وهو ما يهدر كثيرا من الوقت، في دولة يقاس فيها الزمن بالدقيقة والثانية. على صعيد آخر، وفيما يتعلق بإعداد الوثائق الإدارية دائما، يعاني أفراد الجالية المغربية المقيمة بفنلندا الأمرّين للحصول على بطاقة التعريف الوطنية، بسبب غياب شرطة دائمة في السفارة المغربية تسهر على خدمة إعداد البطاقة الوطنية للمغاربة المقيمين هناك، وهو ما يضطرهم إلى الانتقال إلى السفارة المغربية في السويد، مع ما يكلفهم ذلك من مصاريف تصل إلى 500 أورو أو أكثر، "وهو ما يدفع الجيل الحالي، الحامل للجنسية الفنلدنية يقول، عندما يواجه كل هذه العراقيل حْنا نسمحو كاع فهاد البطاقة الوطنية". يوضح يونس إجيري. من المشاكل الأخرى التي يعاني منها مغاربة فنلندا، غياب خطّ جوّي مباشر بين هذه الأخيرة والمغرب، حيث يضطرون كلما رغبوا في زيارة المغرب إلى السفر أولا إلى السويد، أو أي دولة أوربية أخرى، ومنها إلى المغرب، وهو ما يضيّع الكثير من وقتهم. بخصوص هذه النقطة يقول يونس إجيري، إنّ إنشاء خطّ جوّي مباشر بين هلسنكي والمغرب أمر ضروري، ولو رحلة واحدة في الأسبوع، ما سيخفف من معاناة الجالية المغربية المقيمة هناك، ويشجع، في الآن ذاته، السياح الفنلدنيين على القدوم إلى المغرب.