الصورة: أرشيف اختتمت بعد زوال الأحد، أشغال اللقاء الثاني مع جمعيات المجتمع المدني بجهة وادي الذهب الكويرة، الذي احتضنته مدينة الداخلة، والذي تخللته عدة ورشات جمعت الفاعلين الجمعويين بالجهة، مع أعضاء لجنة الحوار، وتمخّض عنها رفع عدد من المقترحات إلى اللجنة، سيتمّ صياغتها في التقرير الختامي لأشغال اللقاء الجهوي الثاني، الذي سيُنشر على الموقع الالكتروني الخاصّ بالحوار الوطني حول المجتمع المدني. المقترحات التي تقدم بها فاعلو المجتمع المدني بجهة وادي الذهب الكويرة، والذين تطرقوا خلال مداخلاتهم إلى العراقيل التي تعترض العمل الجمعوي بالجهة، وقدموا أفكارا واقتراحات في أفق تطويره، همّت، حسب التقرير الأولي الذي قدّمه مقرر عامّ ورشة الداخلة، جمال الموساوي، الذي قال إنّ الندوة حالفها النجاح وتحقّق ما كان مرجوّا منها، مشيدا بالمستوى الراقي للنقاش العام أو المقترحات والتوصيات التي تقدم بها المتدخلون، (همّت) ثلاثة محاور، يتعلق الأول بالحياة الجمعوية، حيثُ استعرض الفاعلون الجمعويون المشاركون في الورشات مجموعة من الاكراهات والعراقيل التي تواجه العمل الجمعوي بالجهة. من الإكراهات التي أشار إليها المتدخّلون، وجود تذبذب في العلاقة بين جمعيات المجتمع المدني مع السلطات المحلية والمؤسسات المنتخبة، وتعقيد مساطر التأسيس وتعدد الوئائق الواجب استيفاؤها لذلك، مما يعيق عمليّة التأسيس ويرفع من الإكراهات التي تواجه الفاعلين الراغبين في دخول مضمار العمل الجمعوي. على صعيد التكوين والدعم المالي، أشار المتدخّلون إلى ضعف الدعم المادي الذي تتلقاه الجمعيات، والذي يوازيه ضعف تكوين فعاليات هيئات المجتمع المدني، وإقصاء أو استثناء هذه الفعاليات من الاستفادة من بعض الحقوق، لاعتبارات تتعلق بالانتماء السياسي، في ظلّ تداخل العمل السياسي بالعمل الجمعوي، وعدم استقلالية الجمعيات نظرا لخصوصية الجهة وغياب تحفيز الجمعيات الفاعلة والنشيطة؛ كما يشتكي الفاعلون الجمعويون بالجهة من عدم إتاحة إمكانية الحصول على المعلومات أمام الجمعيات. ولتجاوز الإكراهات التي تواجه العمل الجمعوي بالجهة، قدّم المتدخلون أثناء الورشات جملة من الاقتراحات لتجاوز هذه الإكراهات، ففي ما يتعلق بضعف الدعم المالي، اقترح المتدخّلون إحداث صندوق خاص ووحيد لدعم العمل الجمعوي والجمعيات، وتأهيل برامجها ومشاريعها. ودعا المتدخلون إلى الحرص على الرقي بالعمل الجمعوي نحو الأفضل، وذلك بتشجيع وتثمين عمل الجمعيات الفاعلة وتحفيزها، وذلك بتمكينها من صفة النفع العام، مع تخصيص وحدة إدارية محلية أو وطنية مهمتها تأطير الفاعلين الجمعويين وتنمية كفاءات الجمعيات، كما دعوا إلى ضرورة اعتماد مبدأ التخصص، وتصنيف الجمعيات كل حسب تخصصها، ضمانا للفعالية والمردودية، والسهر على تبسيط مساطر الحصول على المعلومة. فيما يتعلق بمحور القانون المنظم للمجتمع المدني، أشار المشاركون في الورشات إلى أنّ المسطرة المتعلقة بمنْح صفة النفع العام لجمعيات المجتمع المدني يلفّها الغموض، وهو ما ينطبق على المسطرة المتعلقة بمنْح الدعم المالي، في ظل غياب آلية لتحديد مبلغه وطرق صرفه. المتدخّلون اشتكوا أيضا من مزاجية السلطات في تطبيق القانون المتعلق بالتأسيس أو منْح الوصل المؤقت أو النهائي، "الذي يتميّز بتلكّؤ السلطات". ولأجل تجاوز هذه المعيقات التي يلقاها الفاعلون الجمعويون من طرف السلطات، توصّلت لجنة الحوار حول المجتمع المدني بمقترحات منها سحب سلطة الترخيص من السلطات المحلية (وزارة الداخلية) ومنحها للسلطة القضائية، مع الحرص على تبسيط مساطر تأسيس الجمعيات، وتقليص مدة تسليم الوصل المؤقت أو النهائي، وكذا إعادة النظر في مسطرة منح صفة النفع العام، وتجميع كل المقتضيات المتعلقة بالمجتمع المدني في مدونة خاصة. إلى ذلك، ومن أجل دمقرطة العمل الجمعوي، تضمّنت المقترحات التي تقدم بها المشاركون بخصوص محور حكامة المجتمع المدني، مقترحات لتجاوز الاشكالات المتعلقة بالتدبير المالي والتنظيمي لمنظمات المجتمع المدني، حيث دعوا إلى ضرورة أن يتّسم تسيير الجمعيات بمبدأ الحكامة الجيدة، من خلال التداول الديمقراطي بين أعضائها. في هذا الصدد اقترح المشاركون تحديد عدد ولايات رؤساء الجمعيات، والتنصيص على تنظيم الجموع العامة بشكل دوري، مع الحرص على خلق جهاز رقابي لتتبع عمل الجمعيات، لمكافأة الجمعيات الفاعلة، وتقييم عمل الجمعيات الأخرى، التي لا تسودها حكامة جيدة، كما اقترحوا الحدّ من صلاحية رئيس الجمعية بما يضمن عدم انفراده بالقرار، وكذا ربط منح الدعم العمومي بضرورة المحاسبة ومراقبة صرفه. على صعيد آخر، وفيما يتعلق بالمحور الوطني للديمقراطية التشاركية، طالب الفاعلون الجمعويون المشاركون في اللقاء الجهوي الثاني مع جمعيات المجتمع المدني بجهة وادي الذهب الكويرة، بضرورة إشراك الجمعيات إلى جانب باقي الفاعلين المؤسساتيين في تدبير الشأن العام المحلي، وفي برامج التنمية المحلية، ضمانا للتنزيل السليم للدستور، الذي أشار إلى الدور الفعال لجمعيات المجتمع المدني، في 55 فصلا. كما دعوا إلى مأسسة العلاقة بين المجتمع المدني والمؤسسات المنتخبة، سواء تعلق الأمر بالبرلمان أو المجالس المحلية، مع الدعوة إلى عقد شراكات بين المجالس المنتخبة والجمعيات، فيما يتعلق بتنفيذ مشاريع التنمية المحلية. وفيما يتعلق بدور منظمات المجتمع المدني في مراقبة تسيير الشأن المحلي، دعا المشاركون في اللقاء إلى ضرورة تمكين فعاليات المجتمع المدني من حضور دورات المجالس المنتخبة بصفة ملاحظ، وتمكين منظمات المجتمع المدني من دور الشريك الأساسي في صياغة وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية. يُشار إلى أن المقترحات التي تمخّضت عنها ورشات اللقاء الجهوي الثاني سيتمّ صياغتها في تقرير ختامي، سينشر على الموقع الالكتروني الخاص بالحوار الوطني حول المجتمع المدني، من أجل تمكين الفاعلين الجمعويين من الاطلاع على مضامين التقرير، على أن يظلّ المجال مفتوحا أمامهم لتقديم مذكرات إضافية إلى اللجنة المكلفة بالحوار، والتي ستعقد لقاءات جهوية أخرى، ستشمل الجهات الستّة عشرة للمملكة.