على الرغم من أن الحكومة أعلنت منذ شهر أن المواطنين الذين تم تطعيمهم بحقنتين من اللقاح المضاد لفيروس كورونا، يحق لهم التنقل بين المدن دونما حاجة إلى استصدار رخصة التنقل الاستثنائية التي يحتاجها غير الملقحين، فإن عددا من أعوان المرور ما زالوا يغرّمون هؤلاء رغم توفرهم على جواز التلقيح. عبد الكبير الباهي، أستاذ بمدينة السمارة، واحد من المواطنين الذين تمّ تغريمهم بداعي التنقل بين المدن بدون رخصة استثنائية، على الرغم من أنه استفاد من التلقيح ضد كورونا منذ أشهر، لكونه ينتمي إلى الفئات المتواجدة في الصفوف الأمامية لمواجهة الوباء، بحسب إفادته لهسبريس. الباهي لم ينفعه تلقيه حقنتين من اللقاح لكي يتنقل بحرية بين المدينة حيث يقطن ومدن أخرى، كما قررت الحكومة، حيث تنتظره غرامة 300 درهم سجّلها ضدّه دركي لم يعترف بمضمون البلاغ الصادر عن الحكومة، الذي أكد كفاية جواز التلقيح كوثيقة للتنقل؛ إذ أصر الدركي على تحرير "المخالفة" للباهي ليؤدّي الغرامة المترتبة عنها في المحكمة. وبدأت قصة الباهي حين قام بنقل شخص مريض من مدينة السمارة إلى مدينة طانطان، حيث استوقفه دركيان بعد عودته إلى المدينة التي انطلق منها، وطلب منه أحدهما رخصة التنقل، فأخبره بأنه يتوفر على جواز التلقيح، لكن الدركي اعتبر أن هذه الوثيقة غير كافية، ولا بد من رخصة تنقل استثنائية وحرر له المخالفة. وكانت الحكومة قد أصدرت بلاغا يوم 5 يونيو الماضي، أكدت فيه أن جواز التلقيح الذي يمنح للمطعمين بحقنتين من اللقاح المضاد لكورونا، "يشكل وثيقة رسمية آمنة ومعترفا بها من طرف السلطات، تسمح لحاملها، دون الحاجة إلى التوفر على وثيقة إضافية، بالتجوال عبر جميع أنحاء التراب الوطني دون قيود، والتنقل بعد الحادية عشرة ليلا وكذا السفر إلى الخارج". ويعود عدم الانسجام بين القرارات التي تصدرها الحكومة بخصوص تدبير حالة الطوارئ الصحية وتطبيقها ميدانيا، إلى كونها تتسم بنوع من التذبذب، بحسب المحامي بهيئة الرباط عمر الداودي. وأفاد الداودي، في تصريح لهسبريس، بأن المراسيم التي تصدرها الحكومة لتدبير الظرفية الاستثنائية الحالية، "يجب أن تتسم بالوضوح من حيث الصياغة، وإتاحة متّسع من الوقت لتطبيقها، حتى يشعر المواطن في ظلها بالأمن القانوني". وأشار المتحدث في هذا الإطار إلى الارتباك الذي ساد عقب الإعلان المفاجئ من طرف الحكومة عن منع التنقل عشية عيد الأضحى الماضي، ما أدى إلى وقوع عدد من حوادث السير نتيجة التسابق بين المواطنين للسفر قبل دخول قرار المنع حيز التنفيذ. وتحدث رجل القانون كذلك عن التذبذب الذي وسم القرارات الحكومية الأخيرة بخصوص استقبال أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، حيث أعلنت وزارة الخارجية عن إعفاء المواطنين القادمين من الدول المصنفة في اللائحة "ب" المطعّمين بحقنتين من الحجر الصحي، ثم سحبت الإعلان لاحقا، داعيا الحكومة إلى الاستفادة من الأخطاء السابقة لتفادي تكرارها. وأوضح الداودي أن تطبيق القرارات التي تتخذها الحكومة بشكل سليم، يقتضي أيضا أن يستفيد الضباط المكلفون بتنفيذ الإجراءات المتخذة للوقاية من فيروس كورونا من دورات تكوينية، لأنهم يشتغلون بالتعليمات، "ولا بد أن يكون هناك وضوح ومسافة من أجل استيعاب الإجراءات المتخذة من طرفهم". وجوابا على سؤال حول ما بِيَدِ المواطنين الذين تُحرّر لهم مخالفات رغم توفرهم على جواز التلقيح فِعْلَهُ لتفادي أداء الغرامة، قال الداودي إن بإمكان أي مواطن يجد نفسه في هذه الحالة أن يسلك مسطرة التعرض أمام المحكمة لكي تنظر في الموضوع.