أغلبنا تذوق سم الإدارة المغربية، وثقلها، وسوء معاملة العاملين بها، وفظاعة البيروقراطية، في كثرة الأوراق والإجراءات والتوقيعات لأجل ترخيص بسيط، وطول الانتظار والصبر والاصطبار لأجل حق قد يتطلب الرشوة والوسيط.. لكنها في رمضان، شيء آخر بالتمام! أذكر في أيام الكلية، كان الطلبة ينتظرون المنحة كل ثلاثة أشهر، ويوم صادفت شهر رمضان، صام الإداريون فصامت معهم المنحة! ذهب الطبلة إلى الإدارة المخصصة بإرسال المنح فأخبروهم أنهم أرسلوها، ثم ذهبوا إلى الكلية فأخبروهم أنهم لم يتوصلوا بها.. أين هي المنحة؟ تنتظر حافلة النقل... لم يلزم إلا خرجة وصراخ واحتجاج ينادي خلاله الطلبة: "عطيونا فلوسنا".. ليستقيم الأمر. مسألة أن تنتظر المنحة أو الوثيقة أو التحاليل الطبية المواصلات لتصل إلى مستقرها أصبح شيئا مألوفا، يمشي لأجله المواطن مشي الصفا والمروة.. بين الإدارة التي أرسلته والإدارة التي لم تتوصل به بعد، مرة تلوى مرة.. واحد يرسله لآخر، هذا أرسل وهذا لم يتوصل، شأنه شأن الرئيس الذي وقع الترخيص والكاتبة التي لا ترى التوقيع، شأنه شأن الممرض الذي أعطى الموعد والطبيب المشغول في نفس اليوم ونفس الساعة.. هو أمر اتفق عليه الكل.. أن لا يقضي أحد غرض أحد. وبغض النظر عن الكسل في العمل، يأتي السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا كل تلك الأوراق من الأصل؟ لماذا يحتاج المواطن شهادة سكن وهو يحمل بطاقته الوطنية الموقعة من الأمن الوطني وكل أجهزة الدولة صادقت على صحة المعلومات المطبوعة عليها والتي تحمل العنوان! لماذا سأحتاج شهادة ميلاد أو عقد ازدياد.. ونفس البطاقة تحمل تاريخ ومكان الازدياد؟ لماذا أحتاج شهادة حياة وأنا واقفة أمام الموظف حية أرزق؟ لماذا نحتاج كل ذاك الكم الهائل من الأوراق والوثائق، كل ذلك الهم الإداري، لإثبات الثابت والتصريح بالواضح والتوقيع على المضمون، كأنه تعجيز مقصود للمواطن كي ينهكوا علاجه أو مشروعه أو حلمه في فعل شيء قبل أن يكون. هي بيروقراطية تجعل من الدولة المغربية على شعبها جحيم، لا شيء سهل ولا شيء مقضي ولا ممكن قابل للوجود والتمكين. برلمان رمضان يطالب الحكومة بأن تجعل التخفيف من البيروقراطية أولى أهدافها، كي يستطيع المواطن أن يتداوى ويعمل ويعيش! www.facebook.com/elMayssa